23 ديسمبر، 2024 11:47 ص

مقتــدى الصـــدر.. والريس “ابويسر”

مقتــدى الصـــدر.. والريس “ابويسر”

“اتوقع من العبادي ان يعلن استقلاله في الايام القادمة ..وادعمه لولاية ثانية لانه صحح المسار للكثير من الامور” … هذا ما قاله “مقتدى الصدر” في لقاء نال اهتمام المراقبين. ويبقى السؤال في اذهان الكثير: لماذا يدعم الصدر العبادي؟ ولماذا لا يطالب برئاسة الوزراء لاتباعه؟
ويمكن ادراج عدد من الملاحظات، لتوضيح الموقف الصدري،حسب فهمي، بعد المتابعة والقرب من منظومة الفكر والمنطلقات الصدرية، كالتالي:
اولا: ان الصدر يجد ان دعم واسناد حكومة مستقلة، تنجز اصلاحات، افضل من اية حكومة ترتبط باسمه… لماذا؟
الف: لان ذلك يمنح الحكومة حرية في التصرف والعلاقات، لانها لن تكون مقيدة، بتدخله المباشر من جهة، ولن يكون ملزما بالتدخل التفصيلي في عملها. فقد عاني –سابقا- من تلك الحالة. أي، ان الصدر، بطبيعته الواقعية والموضوعية، لا يريد ان يلزم الحكومة (رئيس الوزراء) بمطالب غير مناسبة حاليا، لان المرحلة الحالية تفرض على الحكومة التعامل مع دول، يصفها الصدر بانها دول محتلة. كذلك لا يتوقع الصدر اداء مثاليا من الحكومة الحالية والقادمة، بل اداءا ممكنا، قد يخالف في تفاصيله منظومة مباديء الصدر.
باء: هنالك معادلة حاكمة سياسيا، يحاول الصدر تطبيقها في الواقع، مضمونها: ” حكومة وطنية، مدعومة صدريا، يمكن معارضتها، عند انحرافها”. وهذه المعادلة الصدرية، استخدمها مع الحكومات السابقة ايضا. فقد تبرع الصدر ب 6 وزارات الى المالكي، بشرط ان يكونوا من التكنوقراط، الا ان المالكي وقع في “الفخ” الصدري، عندما نصب اتباعه في الوزارات، واستهان بالشرط الصدري. ثم دفع المالكي الثمن غاليا، بعد عدد من الاختبارات الصدرية.
جيم: ان اي رئيس وزراء صدري، سوف يقع تحت تاثير القيادات والكوادر الوسطى للتيار، مما يجعله مقيدا، ومراعيا لامزجة متعددة، تخل باداءه المستقل، ومعانيا من العزلة الى حد ما، ودافعا لضريبة مواقف الصدر ضد الاحتلال والتدخل الخارجي، فضلا عن محاولات التسقيط من حزب الدعوة واتباعه، الذين لا يحسنون الا التخريب والتسقيط.. لذلك نجح الصدر في ايجاد شخص “جامع مانع” يدير الحكومة، بعيدا عن تلك المحاذير، غالبا.
دال: ان منصب رئاسة الوزراء، يستخدمها الصدر للضغط وتعديل مسار الحكومة، وقد نجح في استخدامها فعلا، لخدمة مشروع التغيير والاصلاح.
هاء: ان الصدر، تعمد ايجاد ظروف صعبة لاتباعه، لاجل تطويرهم او تصفيتهم، لذلك لم يجعل لهم موقع قدم في راس الحكومة، ولم يطالب برئاسة الوزراء… علما ان معلوماتي اكيدة، ان هذا المنصب تم عرضه على الصدر عام 2004 ورفضه، كذلك في عام 2008… كان ذلك مقابل الموافقة على بقاء القوات الامريكية في العراق.
ثانيا: ان المتابع اللبيب، يمكن ان يكتشف ان اغلب المناصب التي استلمها التيار، لم يتولاها “الصدريون” بل اشخاص “دخلاء” دخلوا الى التيار طمعا بالمناصب. واعتقد ان الصدر غض النظر عن ذلك، لماذا؟ الجواب:
الف: ان اولئك الوزراء، معروفين مجتمعيا انهم ليسوا صدريين. وبالتالي، لم يتحمل الصدر، المسؤولية المباشرة عنهم.
باء: ان الصدر، ادرك ان السنوات السابقة، هي مرحلة “مخاض” و “حرق اوراق”… كانت مخصصة لكشف اوراق الاخرين، وفضح مخططاتهم الحزبية، وعلاقاتهم بالخارج. أي ان الصدر لم يكن متوقعا من الطبقة السياسية المفروضة اداءا وطنيا بالمستوى المطلوب، في سنوات من الفوضى والطائفية وهيمنة المحتل والخارج.
جيم: ترك اختيار الاشخاص للمناصب من قبل الكوادر الوسطية، من مكتبه، لاجل اختبار قياداته وتقييمهم.
واعتقد ان الصدر، قد يكون على تواصل خفي، منذ سنوات مع العبادي، واطراف خارج التيار، لاجل الاعداد للمرحلة الحالية والقادمة، التي سوف تكون حاسمة في مستقبل العراق. ويضاف الى ذلك، ان المباديء التي اسسها الشهيد الصدر (رض)، اسست منذ عشرات السنين، مبدأ “دعم الحكومة الوطنية” لاجل سيادة واستقلال العراق … فقد قال الشهيد الصدر في الخطبة 35 في 1998 :”ان المفروض، أن الشعب والدولة معاً ضد الإستعمار وفي مواجهة التحديات العالمية المعادية ومن هنا جاز لكل من الشعب والدولة معاً أن يعمل مايراه مناسباً في هذا الصدد لمضادة الإستعمار والنيل منه وإبعاد شبحه المشؤوم”.
ان منظومة الفكر الصدري، ناظرة الى التهديدات الخارجية، بعيدا عن اية حسابات براغماتية او تيارية، لذلك، ان الدعم الصدري للعبادي، هي نتيجة طبيعية للاداء المقبول التي اظهره “ابويسر”… والمواقف الوطنية المستقلة.. وللحديث بقية.