19 مايو، 2024 11:34 م
Search
Close this search box.

مقترحات لإصلاح هيكلية وزارة الصحة والأنظمة الصحية والبيئية في العراق – 2

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد أن كتبت في الحلقة السابقة عن إصلاح الجانب الإداري في هيكلية وزارة الصحة، أتابع معكم اليوم في واحدة من أهم موضوعات إصلاح النظام الصحي في العراق التي ستشتمل على جوانب متعددة سننشرها بالتتابع.

ثانياً – إصلاح وتطوير النظام الصحي في العراق

إن العديد من المواثيق والقوانين الدولية قد كرست الاهتمام بحقوق المريض. وهذه الحقوق مستمدة من قيم وأخلاقيات مهنة الطب، وأن الالتزام التام بهذه الحقوق يعد من المبادئ الأساسية لجودة الخدمة الطبية.

1. ولهذا أرى أنه يجب العمل على إستحداث هيئة حكومية مركزية تعني بحقوق المواطن المريض كما هو الحال في معظم دول العالم المتقدم، بل وحتى في العديد من دول العالم الثالث. ستسمى هذه الهيئة “الهيئة التنظيمية/الرقابية”، وهي هيئة مهنية يكون نشاطها الأساسي حماية المواطن، وهي على عكس الهيئات المهنية/النقابات والإتحادات المهنية التي أنشئت على أساس تفويض قانوني.

وستمارس الهيئة التنظيمية/الرقابية فرض شروط وقيود العمل ووضع المعايير فيما يتعلق بأي نشاط طبي وصحي وضمان الإمتثال لتلك الشروط وقيود العمل من قبل جميع المؤسسات الصحية الحكومية والأهلية والأطباء الأهليين بمختلف إختصاصاتهم.

كما ستكون الهيئة ذات رقابة شديدة الفعالية في تنفيذ برنامجها الرقابي الصحي وبحيث لا تتدخل وزارة الصحة بشؤونها. كل ذلك من أجل أن يحظى المواطن برعاية صحية متميزة من قبل المؤسسات/المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية والأهلية والأطباء الأهليين. كما يكون لتلك الهيئة صلاحية إصدار تعليمات وتوجيهات لصالح المواطن إضافة لصلاحية غلق مؤسسات صحية وعيادات خاصة إن لم تفي بالشروط الصحية الإنسانية العادلة المتعارف عليها دولياً.

إن الغاية الرئيسية من وراء ذلك هي أن يتلقى المواطن خدمات صحية وطبية جيدة ووفق المعايير العالمية المعروفة وبدعم مؤسساتي من قبل الحكومة العراقية، وبعيداً عن الإبتزاز المادي والمهني.

2. تعتبر الخدمات الطبية الطارئة الحلقة الأضعف في النظام الصحي العربي، والعراقي بشكل خاص، ويعتبر أخصائي طب الطوارئ (المسعف)  أعلى وأهم مستوى لمقدم الرعاية الطبية الطارئة وهو الذي يقود فريق الرعاية الطبية الطارئة قبل المستشفى حيث مهمته الأساسية هي تقديم الرعاية الطبية الطارئة خارج المستشفى.

ولهذا يجب إستحداث دراسة أكاديمية متخصصة بالخدمات الطبية الطارئة التي لا تتوفر حالياً في العراق وكما هو معمول به في معظم دول العالم، وفي الدول العربية خاصة، لكي يفي خريجوها بحاجة العراق لمثل هذا التخصص المهني الطبي المهم.

إنه من المعيب أن نرى العراق الذي تمتع دائما بخدماته الطبية المتميزة لما فيه من كادر طبي شهد له القاصي والداني، نقول من المعيب ان نرى العراق خاليا من دراسة اكاديمية لواحد من أهم الإختصاصات الطبية المهنية في حين يتوفر هذا الإختصاص في جميع دول المنطقة.

ولهذا يجب العمل على إستحداث دراسة أكاديمية للخدمات الطبية الطارئة (المسعف) ووفق أحدث الطرق المهنية المعروفة عالمياً والتي تدرس في العديد من الجامعات.

3. العمل على تشريع قوانين إصلاح النظام الصحي في العراق ليشمل تطوير النظم والخدمات الصحية والإدارة العامة لأن واحداً من أسباب العجز الكبير للقطاع الصحي الحكومي عن تقديم أفضل الخدمات هو غياب التشريعات القانونية التي تنظم العمل إضافة لضعف التخصيصات المالية.
4. تحرير إدارة النظام الصحي من قيود المركزية الصارمة في إتخاذ القرارات وذلك من خلال نقل السلطة للمستويات التي هي أبعد عن المركز في النظام الصحي، أي إلى رئاسات صحة المحافظات، مع إستمرار بذل الجهود اللازمة لتحسين الدور التخطيطي والإشرافي المركزي للوزارة. ومن شأن هذا الأسلوب ذي الاتجاهين أن يضمن تحقيق كامل الفوائد التي تنطوي عليها اللامركزية.
5. وبسبب إزدياد حالات اصابات النخاع الشوكي بكافة مسبباتها وكذلك الزيادة الكبيرة جداً في بتر الأطراف في العراق فيجب العمل على تطوير مهنة العلاج الطبيعي والعلاج المهني. وبالنظر لواقع الحال في العراق، فإنه مهم جداً إستحداث دراسة أكاديمية متطورة تعني بتخريج متخصصين بالعلاج الطبيعي والعلاج المهني وإستحداث وحدات للعلاج الطبيعي والمهني في كل مستشفى كبير من مستشفيات العراق وتزويدها بأحدث الإمكانيات والمعدات للقيام بواجباتها الإنسانية.

التمريض

يتسم واقع التمريض في العراق بالتهميش والإهمال من قبل القائمين على المؤسسات الصحية، وهذا الواقع المظلم إزداد سوءاً بعد ان ازدادت صعوبة الحياة في ظل الظروف الأمنية المتردية التي عانى منها العراق.

وعليه يجب:

1. ضمان إعداد قوى التمريض العاملة والاحتفاظ بها.
2. تحسين التمريض الأساسي وتأسيس برامج تمريضية تخصصية.
3. توسيع أنشطة التعليم المستمر للممرضين.
4. تعزيز مساهمة الممرضين في صناعة القرار.
5. بناء قدرات إدارية وقيادية لدى الممرضين وتأسيس برامج تحسين الجودة في التمريض والقبالة.
6. إعداد برامج بحوث حول التمريض لتعزيز الممارسات التمريضية.

التعليم المهني والطبي

تطوير تعليم وتدريب المهن الصحية/الطبية الساندة وفق أحدث المعايير الدولية والتقنية من أجل مواكبة التقدم الحاصل في تقديم الخدمات التي يقدموها في المجالات ذات العلاقة بإختصاصاتهم، ويجب إستحداث معاهد متخصصة في المجالات أعلاه في كل محافظة من محافظات العراق لغرض تخريج أعداد كافية من المتخصصين بتلك المهن الصحية/الطبية تكفي حاجة المستشفيات والمراكز الطبية في كل محافظة.
تطوير وتعزيز دراسة الطب والتعليم الطبي المستمر بالتعاون مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وإغناء مكتبات الكليات الطبية بالكتب والمجلات والدوريات الطبية التي من شأنها أن تزود الطالب بأحدث ما ينشر في المجالات الطبية وخصوصاً في مجالات التشخيص والعلاج. كما أن هناك ضرورة لتفعيل تعاون ستراتيجي مع منظمة الصحة العالمية – المكتب الإقليمي لشرق المتوسط للإستفادة من برنامج البعثات الدراسية وتلقي الدعم منها لإعداد القوى العاملة لمواقع قيادية في الخدمات الصحية.

تنمية الموارد البشرية الصحية:
هناك إدراك عالمي متزايد بأن النهوض بالرعاية الصحية من أجل بلوغ مراميها الأساسية في تقديم خدمات جيدة النوعية، يتطلب قوى عاملة صحية ذات أعداد كافية ومناسبة من حيث تخصصاتها وتعليمها وتدريبها إضافة إلى إنتشارها وتنظيمها والحماس الذي تعمل به. إن القضايا الخاصة بالقوى البشرية العاملة في المجال الصحي يجب أن تدخل في نطاق ستراتيجيات الصحة والتنمية مثل إستئصال شأفة الفقر على المستوى الوطني وإصلاحات الإقتصاد الكلي. وفي نفس الوقت، يجب النظر إلى التعليم الطبي الأساسي على أنه جزء لا يتجزأ من تنمية القوى العاملة الصحية.

إن الفشل في تطوير الموارد البشرية هو أحد أهم القضايا التي يواجهها النظام الصحي في العراق. وتتراوح أسباب الفشل بين قلة التوظيف حيث عجز النظام الصحي عن توفير الموارد البشرية الطبية والمهنية الصحية ناهيك عن العمل الجاد لعودة المهجرين والمهاجرين منهم، إلى سوء التوزيع الجغرافي وسوء توزيع المهارات.

على وزارة الصحة أن تعمل على  توفير الخبراء والإمدادات وإنشاء المراكز التدريبية والإستمرار بتقييم وتطوير الآليات الوطنية القائمة والخاصة بالتعاون بين خدمات التثقيف والخدمات الصحية. كما عليها أن تقوم بإنشاء أو تعزيز النظام الصحي الخاص بالتنمية المهنية، ودعم الأولويات والتخصصات من خلال التدريب أثناء الخدمة، والبعثات الدراسية والدراسات العليا وإجراء المزيد من المراجعة والتطوير للبرامج التثقيفية ذات العلاقة. يضاف إلى ذلك توفير الإمدادات من أجل إنشاء مختبرات عالية المستوى ومواد تعليمية عن طريق الحاسوب. وعلى الوزارة أن تدعم المهنيين للإشتراك في التعليم عن بعد لنيل درجة الماجستير في مجال تعليم المهنيين الصحيين.

ولغرض تحليل سياسة الوزارة الصحية وإتخاذ القرارات المناسبة والفعالة، ومن أجل تحديد ووضع ميزانية تفي بإحتياجات الوزارة السنوية، يجب العمل على إدخال وإستعمال نظم المعلومات الإليكترونية في كافة مؤسسات وزارة الصحة. سيؤدي ذلك إلى المعرفة الدقيقة والمتابعة المستمرة لتطور الخدمات الصحية ومعرفة الحاجة لمعالجة الخلل والنقص في تلك الخدمات إضافة لمتابعة صرف الأدوية والمستلزمات الطبية إبتداءاً من خروجها من المخازن لصرفها للمستفيد أو إستعمالها في الخدمات الطبية المقدمة في المستشفيات والمراكز الصحية. إن هذه المعلومات تعد ضرورة لتطوير وتحديث القدرات الوطنية في مجال تنمية الموارد البشرية والسياسات والتخطيط لإدارة الموارد البشرية الصحية والأدوية والمستلزمات الطبية (مرصد وزاري مركزي إليكتروني للموارد البشرية والأدوية والمعدات والمستلزمات الطبية)

الكفاءات الطبية

كما يعلم الجميع أن أعداداً كبيرة من الإختصاصات الطبية والمهنية الصحية قد هاجرت العراق إلى خارج العراق أو إلى المحافظات الشمالية لأسباب أمنية بحتة، ولهذا فمن الأمور التي يجب العمل عليها هي إعادة الكفاءات الطبية المهاجرة والمهجرة للعراق وتقديم الحوافز وضمانات السلامة لهم من أجل عودتهم خدمة للنظام الصحي وللمواطن العراقي.

تغيير وتعزيز إدارة مراقبة الغذاء

العمل باتجاه تحقيق نظام غذائي رقابي متكامل ومنسق وذلك للأسباب التالية:

1. التغيرات بكافة نواحي الحياة بايجابياتها وسلبياتها بعد سقوط النظام السابق وما رافقه من إنفتاح على التجارة العالمية إضافة إلى إنفتاح وعدم السيطرة على المنافذ الحدودية حيث أصبحت السوق العراقية تزخر بالمنتوجات الغذائية من مختلف المناشئ والتي دخلت إلى العراق بعيداً عن أنظار الرقابة الصحية وعدم معرفة الصالح وغير الصالح منها من قبل المواطن. إن الإنفلات في السيطرة الحدودية على الأغذية الموردة إلى العراق يستدعي تحديث وسن قوانين وتعليمات مشددة بهذا الشأن.
2. ضعف التعاون والتنسيق بين مختلف الهيئات في الدوائر المسؤولة عن سلامة الغذاء إضافة إلى الدول المجاورة وهذا يستوجب تشجيع توقيع مذكرات تفاهم بين مختلف الدوائر لتحديد دور كل جهة في هذا المجال إضافة الى تأمين السيطرة على المنافذ الحدودية وبالتالي السيطرة على الأغذية المستوردة.
3. ضعف السيطرة على الأغذية المصنعة المحلية الأمر الذي يستدعي من المنتج إعتماد ممارسات صحية جيدة وفعالة على أن تخضع بإستمرار لتفتيش الدوائر الصحية المسؤولة. إضافة إلى الإرتقاء بالتصنيع الغذائي وإعادة دراسة المواصفات العراقية المعتمدة بما يتلائم مع جودة التصنيع الغذائي العالمي وتحديث المواصفات العراقية وفق المواصفات المعتمدة عالمياً مع الأخذ بنظر الإعتبار الخصوصية العراقية.
4. إستثمار الإمكانيات والموارد في مجال فحص الأغذية في مختلف الدوائر والوزارات، حيث سيحقق ذلك  الوفرة المادية جراء إستخدام المواد المختبرية إضافة إلى تغطية كافة الفحوصات المطلوبة وتوحيد فرق التفتيش لمنع الإزدواجية في أعمال التفتيش على الأغذية. لذلك فهناك حاجة ملحة إلى تحقيق السيطرة على الأغذية المحلية من خلال إعتماد الممارسات الصحية الجيدة ونظام الهاسب* في المصانع الغذائية لتحقيق المنتوج النهائي السليم بدل فحص المنتوج في الأسواق.

*(Hazard Analysis & Critical Control Points HACCP الهاسب: تحليل المخاطر ونقاط السيطرة الحرجة. وهونظام يعني بمعرفة الأخطاء التي يمكن أن تحدث للغذاء في كل مرحلة من مراحل التصنيع. وبشكل عام هو نظام يكشف ويحدد الأخطاء ويصنع/يقترح التغيير.)

لذلك، ومن أجل ضمان الغذاء للمستهلك والموزع والمسوق والمنتج بمواصفات عالية في السلامة والصحة، يجب:

1. إعادة صياغة السياسة العامة لسلامة الغذاء.
2. إعتماد نظام تحديد المخاطر وتدبيرها.
3. تطوير التعليمات والقوانين.
4. صياغة خطة الرقابة الغذائية ومتابعتها.
5. تقوية التفتيش على المحلات .
6. التدريب (بناء القدرات) والتوعية الغذائية لشرائح المجتمع المختلفة.
7. المراقبة المستمرة والدورية لجميع معامل إنتاج وتعبئة قناني مياه الشرب المرخصة من قبل الوزارة وغلق ومحاسبة تلك التي تعمل من دون رخصة، مع فرض إستعمال مادة بلاستيك للقناني وفق أفضل الميزات العالمية الصحية وليس من ذلك التي تم تدويره أو نوعيات رديئة.

وبشكل عام فإنه من الضروري إصدار أنظمة أو قوانين أكثر فاعلية لتنظيم العمل في هذا المجال غير أن ذلك يتطلب توفر معلومات أكثر عن القطاع الخاص قبل الدخول في نقاش حول دوره المستقبلي.

الأدوية والأدوية الأساسية

تعد الأدوية منتجات هامة للرعاية الصحية في نظام الرعاية الصحية الحديث، وتعد إحدى الوظائف الهامة المنوط بها أي نظام للرعاية الصحية هي مراعاة العدالة في توزيع المنتجات والخدمات الصحية الملائمة والموثوق فيها بفعالية. غالباً ما يقوم المرضى بتقييم نظام الرعاية الصحية العامة (الحكومية) على أساس عاملين هما: توفر المهنيين الطبيين الملائمين وتوفر الأدوية اللازمة. وإذا لم تتوفر الأدوية في مرافق الصحة العامة  يلجأ الناس إلى الصيدليات الخاصة لشراء إحتياجاتهم على نفقتهم الخاصة، وهذا يؤدي إلى معاناة وخيمة بين الفئات الفقيرة والضعيفة من السكان لاسيما في بلد كالعراق في وضعه الحالي.

والعراق، كبلدٍ نامٍ، تشكل الأدوية ثاني فئة من حيث الحجم في ميزانيات الصحة العامة، كما تذهب نسبة عالية من إنفاق الأسرة الصحي في شراء الأدوية، وتمثل الأدوية المنتجات الصحية الرئيسية المستخدمة في البرامج الصحية الروتينية والبرامج الصحية الرئيسية وأثناء الطوارئ.

يعتبر الحصول على الأدوية الأساسية عالية الجودة جزءاً أساسياً من حقوق الإنسان الصحية، وبالرغم من ذلك لا يمكن لأسرة منخفضة الدخل في بلد كالعراق، الحصول على الأدوية سواء لعدم كفاية الأدوية في مرافق الصحة العامة أو بسبب عدم القدرة على سداد أسعارها المرتفعة في الصيدليات الخاصة، وبذلك تستمر معاناة وفقدان حياة العديد من البشر بسبب أمراض كان بالإمكان الوقاية منها أو معالجتها.

إن ما يجب أن تهدف إليه وزارة الصحة في مجال الأدوية هو تقديم يد العون لإنقاذ الأرواحوتحسين الصحة من خلال ضمان توفير الأدوية عالية الجودة والفعالة والمأمونة والإستخدام الرشيد لهذه الأدوية وتعزيز العدالة والإستدامة في إيصال الأدوية الأساسية لاسيما إلى الفقراءوالمهمشين. إن مفهوم الأدوية الأساسية يرتكز على العدالة والإقتصاد والفعالية. فبإمكان 300-400 دواء فقط تغطية أكثر من 90% من إحتياجات المشاكل الصحية في إحدى البلدان.

السياسة الصحية والتخطيط الصحي
من أسباب ضعف القدرة على إعداد السياسات الصحية الصحيحة هي الإفتقار إلى التفكير الستراتيجي وعجز وزارة الصحة عن القيام بوضع رؤيا طويلة الأمد وخطط ستراتيجية،  خصوصاً وأن بعض المجالات الحاسمة ينقصها تخطيط الموارد البشرية وتمويل الرعاية الصحية وتطوير الخدمات الصحية بشكل فعال. إن وزارة الصحة ينقصها وجود وحدات فعالة للتخطيط التي يغلب عليها عدم إستخدامها للوسائل التخطيطية الملائمة في إعداد الخطط الصحية، وهذا بدوره ينعكس على إفتقار القدرة على التخطيط العملي الضروري لتنفيذ البرامج الصحية ورصدها على نحوفعال.

لا شك أن وزارة الصحة تدرك مفهوم النظام الصحي ووظائفه الأساسية الأربع، ألا وهي الإشراف والتمويل وجلب الموارد وتوفير الخدمات، كأساس لتحسين إمكانية إتاحة الخدمات الصحية وتعزيز كفاءتها وجودتها والعدالة في الحصول عليها، ولتنفيذ البرامج الصحية ذات الأولوية تنفيذاً فعالاً.

إن ضعف وظائف النظام الصحي في العراق أثر سلباً على بلوغ مرامي النظام الصحي، وتحسين الأداء عموماً. والعراق كغيره من دول شرق المتوسط لا زال غير مهيئاً جيداً لإدارة التعاون بين القطاعين العام والخاص، وتنظيم النظام الصحي عموماً، وينقصه الوسائل الملائمة لتخطيط وتقييم وظائف النظام الصحي.

إضافة لما ورد أعلاه، فإن العراق لا زال يفتقرإلى التشريعات المناسبة والتدريب والخبرة في مجال التشريعات الصحية المتعلقة بقضايا القطاع الصحي لضمان ارتفاع مستويات الخدماتالأساسية وتعزيز الصحة وحماية المرضى. كما أن وزارة الصحة لم تتمكن بعد من تنفيذ تشريعات صحية على نحوٍ كافٍ من الفعالية بسبب ضعف وظيفتها التنظيمية.
ووفقاً لما ورد أعلاه، فعلى وزارة الصحة العمل والإلتزام بالتوجهات الستراتيجية المتبعة في مجالالسياسة الصحية والتخطيط الصحي لغرض التصدي للقضايا المحدَّدة آنفاً، وكما يلي:

1. بناء القدرة على تنمية المهارات في مجال تحليل السياسات وصياغتها.
2. وفي مجال التخطيط الستراتيجي، تطوير مؤسسات الوزارة من أجل دعم الأنشطة الرامية إلى تقوية وظيفة السياسة الصحية والتخطيط.
3. تعزيز السياسات والستراتيجيات الصحية وتعزيز فهم قضايا من قبيل الشراكة بينالقطاعين العام والخاص في ما يتعلق بالخدمات الصحية.
4. تقوية ودعم مجالات المعلومات والتشريعات والتنظيم من أجل تطبيق السياسات تطبيقاً فعالاً.

ومن أجل تطوير واقع الخدمات الصحية، يجب تطبيق ما يلي:

إجراء مسح شامل للواقع الصحي في العراق من أجل تطويره ومن خلال:

1. إعتماد الوثائق الرسمية للتعداد السكاني والتوزيع الجغرافي للعراقيين ورسم الخريطة الجغرافية للتوزيع السكاني في المدن والقرى.
2. رسم الخريطة الجغرافية لتوزيع المستشفيات والمراكز الصحية على مراكز المحافظات والمدن والقرى لدراسة الحاجة لفتح مستشفيات أو مراكز صحية في المناطق السكانية التي تفتقر إلى الخدمات الطبية وفقاً للمعايير العراقية والعربية والعالمية وتختص الدراسة بالأقسام التي يجب توفيرها بشكل متكامل وإعداد ميزانية مركزية وخطة زمنية لتنفيذ تلك المشاريع.
3. مقارنة التناسق بين التوزيع الجغرافي السكاني والتوزيع الجغرافي للمستشفيات والمراكز الصحية ومن ثم إعداد دراسة إستنتاجية حول الحاجة لفتح أو غلق مستشفيات أو مراكز صحية مع الإستفادة من المعايير العالمية لمنظمة الصحة العالمية والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط.
4. بحث ملائمة الخدمات والإختصاصات الطبية مع إحتياجات الكثافات السكانية وفقاً للمعايير العراقية والعربية والدولية.
5. إعداد دراسة حول إمكانية إعتماد نظام الإحالة من المراكز الصحية إلى المستشفيات وبالعكس وكذلك بين مراكز المحافظات.
6. دراسة واقع المستشفيات العراقية والمراكز الصحية وإعداد تقارير فنية عن كل مستشفى ومركز من ناحية الكوادر والأجهزة والهيكل الهندسي الطبي لغرض الوصول إلى إستنتاج حول جدوى التحديث أو الإضافة أو الغلق.
7. دراسة حاجات رئاسات الصحة في جميع المحافظات لبعض الصلاحيات اللامركزية المهمة لتنفيذ خططها الصحية وإعداد خطة زمنية لإزالة المركزية في وزارة الصحة مع حصر السياسة الصحية والتخطيط العام والميزانية الطبية الوطنية بوزارة الصحة. وبهذا تقوم رئاسات الصحة بإدارة أعمالها وفقاً للخطة المصادق عليها مركزياً.
8. وضع خطة عاجلة وطارئة وبالسرعة الممكنة لتقييم واقع المستشفيات كافة من قبل شركات إستشارية عالمية متخصصة ترفع تقريرها إلى وزير الصحة بهدف معرفة الخلل في تلك المستشفيات وصلاحياتها لأن تبقى كمؤسسة علاجية من عدمه وكذلك لغرض تطوير تلك المستشفيات لتتماشى خدماتها وإمكانياتها مع المعايير العالمية في تقديم الرعاية الصحية.
9. إدخال نظام البطاقة الصحية والرقم الصحي لكل مواطن عراقي لكي يتوفر سجله الصحي إليكترونياً في جميع المؤسسات الصحية وطنياً، وكما هو معمول به في معظم دول العالم ومن ضمنها العديد من الدول العربية.
10. العمل على إدخال نظم وتكنولوجيا المعلومات الصحية المعمول بها عالمياً لكي توفر القدرة على تنظيم، والسيطرة على السجلات الصحية الإليكترونية لكل الشعب، ولكي يستفيد منها الأطباء في جميع أنحاء العراق من خلال تناولهم لتلك المعلومات إليكترونياً.
تطوير النظام الطبي التعليمي، وبشكل خاص العلوم الطبية الأساسية Basic Medical Sciences وتسريع التغيير في التعليم الطبي من خلال إنشاء نظام يقوم على تدريب الأطباء والمهن الطبية والصحية الأخرى لتلبية احتياجات المرضى وتوقع التغيرات المستقبلية.
العمل على تبني الجامعات العراقية للمعايير المعتمدة للجودة في مجال التعليم الطبي لمرحلة البكلوريوس كما حددها الاتحاد العالمي للتعليم الطبي (WFME) للمرحلة الجامعية الأولى. وكذلك في مرحلة ما بعد التخرج ومرحلة التعليم الطبي المستمر.
جعل المهن الطبية تتماشى مع مهنة الطب في القرن الحادي والعشرين وخصوصاً في المجالات التالية:
جعل التكنولوجيا وتعزيزها في خدمة التعليم الطبي
توفير الخدمات الصحية الرقمية
تطوير الطب الرقمي

يتبع …..

* بروفيسور متخصص بإدارة المؤسسات الصحية وخبير دولي بالصحة البيئية

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب