5 نوفمبر، 2024 3:43 م
Search
Close this search box.

مقتدى الصدر يكمل مشروع أبيه

مقتدى الصدر يكمل مشروع أبيه

المتتبع لخطب محمد محمد صادق والقاريء كتاب عادل رؤوف الموسوم “مرجعية الميدان” يستنتج بما لايدع شكا ان محمد محمد صادق الصدر قاد الجناح الشيعي في الحملة الايمانية التي اطلقها نظام البعث لحرف مسيرة المعارضة الاسلامية وتوجيهها ضد الغرب “الكافر” من أجل تبرئة نظامه من الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب العراقي والقاء اللوم على “المستعمر.” 
حاول حزب البعث بقيادة صدام جاهدا السيطرة على مؤسسة صنع القرار الشيعي التي كانت تمثلها الحوزة وهذه تميزت بمعارضتها لنظام البعث؛ المعارضة التي رغم انها اخذت طابع المواجهة تارة والتهدئة تارة اخرى، لكنها لم تذعن ابدا. انصبت خطة البعث لتدجين المؤسسة الشيعية على التأثير على عملية اختيار زعماء الحوزة لصالح الزعماء العراقيين العرب بالضد من رجال الدين الايرانيين الذين ضمن تفوقهم على اقرانهم من شيعة العراق العرب، ضمن لهم تزعم الحوزة العلمية في النجف لفترات طويلة.وهذه قبسة من تقرير أخباري سابق “أن صدام كان يوصي شيوخ العشائر الشيعية بالصلاة خلفه – اي محمد محمد صادق الصدر- وصدام كان يريد أن يقوّي الصدر كمرجعية شيعية عربية وذلك لأن اصله عربي.”  ((ملاحظة: لاتعزى اسباب تفوق رجال الدين الايرانيين الى قلة ذكاء الشيعة العراقيين العرب بل لعلها تتعلق اكثر بالثقافة الايرانية، فالايرانيون كادحون ومجدون ومثابرون في المهن التي يختارون, يكرسون انفسهم واوقاتهم للبحث والدرس لذا قال عنهم العلامة علي الوردي انهم قادوا الامة السنية عندما كانوا سنة وقادوا الامة الشيعية بعدما تبنوا المذهب الشيعي.))
قيل ان ازلام صدام حسين لاموه بعد اعدام محمد باقر الصدر لانه العراقي العربي الذي كان سيتزعم الحوزة خلفا للايراني آية الله العظمى المرحوم أبو القاسم الخوئي، بعدها لم يبق لديهم الا خيار التعامل مع ابن عمه محمد محمد صادق الصدر الذي كانحبس لفترة لاتتجاوز الشهر عقب انتفاضة آذار عام 1991. لم يستطع المرحوم محمد محمد صادق الصدر مقاومة الاغراءات التي قدمتها له السلطة مقابل خدمتها في توجيه الراي العام الشيعي ضد امريكا ومحاولة كسر الحصار الاقتصادي الخانق الذي ضربته على نظام صدام حسين – بعدها وجه صدام الحصار ضد الشعب العراقي لوضع المجتمع الدولي في مأزق اخلاقي؛ فاما موت الشعب العراقي البطيء فتكون كارثة انسانية ولطخة عار في جبين المجتمع الدولي واما رفع الحصار فينتعش نظام البعث. وحتى بعد تبني قرار النفط مقابل الغذاء من قبل مجلس الأمن عام 1995، لم يشتر النظام اغذية وادوية بالـ 16 مليار دولار التي كانت مودعة في حسابه لدى الامم المتحدة وذلك كي يستعمل موت الاطفال وشحة الادوية في المستشفيات في حرب بروباكندا ضد امريكا وتالياً ورقة ابتزاز ضد المجتمع الدولي. المتتبع لتقارير الاخبار في تسعينيات القرن المنصرم –ابان فترة الحصار الاقتصادي- لابد ان يتذكر الاخبار التي تتحدث عن بيع ازلام صدام للادوية في الامارات العربية لتوفير سيولة نقدية لقوات حماية النظام في الوقت الذي كانت تموت به مئات الاطفال على أسٍرة المستشفيات بسبب نقص او عدم توفر الادوية، في نفس الوقت كانت قوائم مشتريات نظام صدام المرسلة الى الامم المتحدة تتضمن انواع فاخرة من السيكار والويسكي.وافق المرحوم محمد محمد صادق الصدر على خيانة المذهب وتوجيه اتباعه لخدمة نظام البعث، بالمقابل منحته السلطة صلاحيات الحوزة العلمية في النجف وعينته زعيما لها وبهذا سجل محمد محمد صادق الصدر سابقة تاريخية خطيرة هي انه كان أول وآخر زعيم حوزة شيعي تعينه حكومة البعث.و كي تزيح عن طريقه المنافسين الايرانيين وغيرهم وتمهد الطريق لحوزة شيعية عربية تتلقى توجيهاتها من نظام البعث,إغتالت سلطة البعث آية الله البروجردي وآية الله الغروي, ثم جُرِّد آية الله السيد علي السيستاني  من صلاحيات زعيم الحوزة الشيعية في الاعفاء من التجنيد وادارة المراكز الدينية ومنح وتمديد سمات السفر والاقامة لطلبة الحوزة غير العراقيين …الخ. وصار الصدر يترأس الوفود الدينية التي تمثل الحكومة في المؤتمرات الدينية الاقليمية التي تقام في دول المنطقة بضمنها ايران.وقال الصدر في احدى خطبه ان مشكلته ليست مع النظام بل مع الحوزة العلمية في النجف واعترافه هذا سيد الادلة على ان غايته كانت هي استهداف كيان الحوزة الشيعية في النجف تنفيذا لأوامر رأس النظام النافق صدام حسين.أدعى الصدر انه اعلم الاحياء والاموات ولم يدّع هذا قبله اي احد حتى من الأئمة المعصومين. يعتبر البعض ان أهم انجازات محمد صادق الصدر هو تأسيسه لشيء اسماه فقه العشائر وهذا بحد ذاته ينم عن إما قصور فهم في علوم النفس  والاجتماع والانثروبولوجيا التي يعامل علماؤها ما ومتخصصيها الانسان  على اساس انه نوع او صنف واحد وليس على اساس مستويات تعليمه او بيئته أومكان نشأته ان كان في الصحراء او القرية او المدينة، وإما انه ينظر لهم بعين الاستصغار ويقلل من شأن ابناء العشائر عادّاً ادراكهم دون مستوى ادراك الحَضَر او ابناء المدن.التف جيل من الشباب العراقي المتحمس حول محمد صادق الصدر بعد ان سمح له النظام باحياء صلاة الجمعة التي كانت مؤجلة عند الشيعة حتى ظهور الحجة (الفقهاء الشيعة المؤمنون بنظرية الانتظار يقولون بحرمة او عدم وجوب صلاة الجمعة في عصر الغيبة) ليشكل بعضهم العمود الفقري لقيادات الارهاب الشيعي بعد سقوط نظام صدام ( مقتدى الصدر ومحمود الصرخي ومحمد اليعقوبي واحمد اليماني وقيس الخزعلي…الخ).
بعد عام 2003 اتبع مقتدى الصدر نهج ابيه ليقضي هو واتباع ابيه على المشروع الشيعي بتأسيس اقليم فيدرالي واقامة علاقات طيبة مع أمريكا لا لشيء الا لان محمد محمد صادق الصدر رفع شعار “كلا كلا امريكا” لصالح نظام صدام حارفا الشارع الشيعي عن قضيته الاولى – مقاومة نظام البعث- الى مقاومة القوات الامريكية المُحرِّرة والحوزة التي اطلقوا عليها “الصامتة” نكاية بسكوت آية الله العظمى السيد علي السيستاني عن التواجد الامريكي في العراق.
حال اسقاط القوات الامريكية لنظام البعث، تجمع مؤيدو المرحوم محمد محمد صادق الصدر حول مقتدى فأسسوا جيش المهدي كمنظمة مجتمع مدني ولم يبد مقتدى اي عداء للامريكان الا بعد ان تجاهلوه وانصاره عندما أسس الحاكم المدني الامريكي للعراق بول بريمر مجلس الحكم، وازداد العداء وضوحا بعد صدور أمر القاء قبض بحق مقتدى لاتهامه بالاشتراك في جريمة قتل المرحوم عبد المجيد الخوئي وثم الأمر باغلاق صحيفة “الحوزة” الناطقة باسم التيار الصدري.
تم القاء القبض على 17 متهم من اتباع مقتدى الصدر بقتل السيد عبد المجيد الخوئي واودعوا السجن في النجف لكن عناصر من جيش المهدي هجموا على السجن واطلقوا سراحهم بعد أيام.بدأ بعدها جيش المهدي – وبأمر من مقتدى طبعا- بمحاولات السيطرة على  الاضرحة المقدسة في النجف للاستحواذ على الاموال التي يتبرع بها الزائرون لتلك الاضرحة – النذور- وقضية النذور هي مصدر صراع طويل بين عوائل دينية معروفة في النجف انتهت عندما “أممها” البعثيون فصارت تذهب الى الحكومة بعد ان كانت تتقاسمها اربعة او خمسة عوائل دينية نجفية.
 سيطروا – أي عناصر جيش المهدي- على ضريح مسلم بن عقيل ومسجد السهلة وضريح الصحابي كميل في الحنانة وضريح الامام على وضريح صافي صفا واضرحة اخرى اقل شأنا.
أسس مقتدى محكمته الشرعية في قبو دار في شارع الرسول حيث كان يمارس اسوأ انواع التعذيب – وجدت 37 جثة داخل مقر المحكمة الشرعية بعد تحرير النجف من سيطرة جيش المهدي واحدة منها لشرطي كانت قلعت عيناه اثناء التعذيب. صالت عناصر جيش المهدي وجالت قبل ان يشتكي النجفيون الحال لحكومة اياد علاوي والامريكان فارسل الامريكان قوة من الجيش العراقي حديث التاسيس تقودها وتدعمها قوات خاصة امريكية فاستعادت النجف من سيطرة جيش المهدي وتَدَخّلَ آية الله العظمى السيد علي السيستاني ،وهو في طريق عودته من العلاج في لندن، فانقذ مقتدى من موت او اسر محقق عندما طوقته القوات الخاصة العراقية والامريكية وكانوا على وشك اقتحام ضريح الامام علي حيث اعتصم مقتدى بمعية ثلة من جيش المهدي.والتزاما باتفاقه مع الامريكان حول مقتدى جيش المهدي الى “منظمة مدنية” ثم اشترك بالانتخابات التي كان يرعاها الامريكيون. 
ومع ذلك استمرت جرائم جيش المهدي فاخذوا يتنقلون من محافظة لاخرى لدعم عناصرهم في المحافظات كلما ضيقت الحكومة او الناس عليهم.
فقاتلوا ضد قوى الامن العراقية – تقريبا كلها شيعية- في البصرة والديوانية والسماوة والناصرية وازهقوا مئات الارواح من عناصر الامن والشرطة ومارسوا دور شرطة الاخلاق في البصرة فقتلوا عشرات النساء بعد تلفيق تهم الدعارة لهن- في الديوانية أسروا 11 ثم قتلوهم ومثلوا بجثثهم, اغتالوا محافظي السماوة والديوانية لانهما ضيّقا الخناق عليهم. وهذا هو مجرد غيض من فيض الجرائم التي ارتكبتها ميليشيا جيش المهدي بقيادة مقتدى الصدر في بغداد والجنوب العراقي. ثلاثة أمور على ان اختم المقال بها, اولها انه لازال في داخل مقتدى الصدر مجال للخير والاصلاح يمكن تنشيطه اذاما التف حوله مستشارون متخصصون ومحبين لاهلهم, وثانيها امكانية استثمار شعبية مقتدى الصدر والعمل معه لفرض تغيير حكومي بالقوة – لانني اعتقد ان الوضع في العراق تجاوز مرحلة التغيير السلمي فسراق المال العام أسسوا مافيات عالمية وصاروا يتصرفون كزعماء مافيات تجار المخدرات اللاتينيين لذا لاتوجد قوة ناعمه في العالم تستطيع اعادتهم الى جادة الصواب-  وثالثا ان مقتدى الصدر ،ورغم ماتقدم ذكره،ضلع المثلث الشيعي الوحيد الذي يمكن ان يستقيم – إما الضلعين الآخرين – عمار الحكيم ونوري المالكي- فهما منحرفان بالفطرة.

أحدث المقالات

أحدث المقالات