شَكّلَ السيد مقتدى الصدر, ظاهرة نوعية في منهجية الحوزة العلمية.
فالرجل لا يملك أي درجة أو تصنيف علمي في طبقات الحوزة المتعارفة, الرجل كل ما يملكه هو أرث من سمعة والده السيد محمد صادق الصدر, الذي أغتيل نهاية التسعينات على ايدي البعث وجلاوزته.
لم يكن دور لمقتدى منذ وفاة والده إلى حين سقوط النظام البعثي, حيث بدأ نجم مقتدى -إن صح التعبير – يبزغ في الوسط العراقي.
إبتدأت إنطلاقة مقتدى في زمن الفلتان ما بعد أحدث 2003 ملطخة بالدم.
إذ أقدم هو وأعوانه على قتل السيد عبد المجيد الخوئي والتمثيل بجثته داخل حرم أمير المؤمنين عليه السلام في يوم 4/4/2003, وكل من عاصر تلك الفترة يعرف تفاصيل القضية.
بعدها بفترة بدأ مقتدى بتشكيل مليشيا خارد إطار الدولة سُميت بجيش الإمام المهدي – مع التحفظ على التسمية-.
كانت مليشيات مقتدى منفلته تماما ومخالفة لرأي المرجعية الدينية إذ إن السيد السيستاني أوصى وقتها بعدم محاربة الأمريكان وعدم مساندتهم بنفس الوقت لحين وضوح المشهد وجلاء الرؤيا.
لكن مقتدى إنطلق بمليشاته التي ضمت أبناء البعثيين وفدائي صدام مدعيا مقاتلة المحتل حسب إدعاءه, لكن هذه المليشا أتت على البلاد والعباد فكانت سرقاتهم تذهل العقل تحت قاعدة – بوك وخمس – وكذلك استهدافهم لكل من يخالفهم أو يرفض أوامرهم من حيث دفع الأتاوات من التجار والأغنياء وذوي الشهادات, وقد شكلو لذلك محكمة سُميت زورا بإسم المحكمة الشرعية.
كانت مليشيا مقتدى سبب في تأخر إعمار بناء مدن الجنوب التي كانت تعاني التخلف العمراني والخدمي في عهد النظام البائد ليأتي مقتدى وتياره ليكونوا حجر عثرة أمام المشاريع إضافة الى عملياتهم العسكرية ضد الجيش العراقي والذي كان شيعيا بإمتياز بعد سقوط الحكم العفلقي اذ إن السنة لم ينخرطوا في الجيش وقتها.
حاول مقتدى وفي كثير من المواقف أن يقف في الصف السني مدعيا وحدة الهدف في محاربة المحتل.
فهو الذي صلى معهم, وأيد مواقفهم, لتـاتي وصمة العار الكبرى حينما أيد ساحات الإعتصام في الرمادي وبعث ممثلين عنه ليقفوا في تلك المنصات “العاهرة” مدعيا الوحدة الوطنية.
كذلك في يومه الذي يسميه يوم المظلوم وفي محافظة واسط وقف مقتدى يخطب بأنصاره وهو يضع علم الجيش الحر السوري خلفه.
بعد دخول داعش للعراق – وهي نتاج ساحات الإعتصام- اصدرت المرجعية في النجف فتواها بالجهاد الكفائي فانخرط غيارى العراق والمؤمنون في الدفاع عن المقدسات وشاركت كل الفصائل الشيعية في ذلك إلا مقتدى لم يمتثل لأمر المرجعية وأحجم عن زج مليشياته في الحرب ثم ليعود بعد فترة ويشكل سرايا السلام للدفاع عن العتبات المقدسة – حسب إدعاءه- مع الإبقاء على تجميد جيش المهدي.
بعد مقتل الإرهابي قاسم سويدان الجنابي, إنسحبت الكتل السنية من الحكومة والبرلمان وهدد مشيعوا سويدان “بتمليخ” الشيعة كما فعلوا في حي العامل.
إنسحاب الكتل السنية أمر عادي لا يشكل جديد كون الكتل السنية تنبع من داعش لكن الذي يثير الريبة والإستغراب هو قرار مقتدى بسحب وتجميد قواته (سرايا السلام ولواء اليوم الموعود)
إن انسحاب مليشيات مقتدى مع كثر علامات الإستفهام علها تؤشر لعدة أمور.
أهم هذه الامور هي التغطية على السرقات التي قام بها افراد مليشياته بما اعتبروه الغنائم حتى بيعت بعض اغراض مناطق القتال في مدن الجنوب.
الامر الاخر هو الاساءة للحشد الشعبي من خلال تصريحه في بيان الانسحاب اذ وصف قوات الحشد الشعبي بالمليشيات الوقحة والمنفلتة وغير المنضبطة وهو بذلك يقدم خدمة مجانية لداعش وسياسي السنة في تاكيد اتهاماتهم للحشد الشعبي وسواء كان كلام مقتدى عن قصد او جهل منه فهو خدمة لداعش.
براي ان كل من يظن ان مقتدى جمد قواته بالاتفاق مع المرجعية فهو واهم جدا, فمقتدى ماكان ولن يكون منصاعا لامر المرجعية فمواقفه كلها لم تسير وفق رؤيا المرجعية لا سابقا ولن تسير لاحقا.