كنت انظر الى امواج المتظاهرين، تتلاطم في ساحة التحرير، بشعاراتها الوطنية الواعية .. وقد سرح فكري في ما وراء هذه اللوحة الوطنية واهميتها..هنيئا لكل عراقي وطني بتظاهرته المليونية العالية التنظيم وهي تهتف: نعم نعم للعراق.. كلا كلا للفساد..
هنيئا للشعب العراقي بالقائد الصدر .. الذي ابلغ مساعديه .. ان يقوموا بقراءة (البيان الختامي) اذا لم يتمكن هو من قراءته، في حالة اغتياله، المتوقع..
لقد وزع الصدر نسخا من بيانه لعدد من مساعديه ، لقراءته بدلا عنه، في حالة اغتياله من قبل دواعش الفساد واسيادهم..
وبفضله تعالى.. كانت تظاهرة شعبية ، تطالب بانقاذ العراق من الفساد والعمالة.. ويحق للمتابع ان يسأل:
اولا: هل يمكن لاحزاب السلطة – ذات المليارات- لو اجتمعت كلها ان تنزل الى الساحة بتظاهرة يساندها الشعب …؟
ثانيا: هل يستطيع المالكي وحزبه ان يتظاهر بهذه الملايين، وهو الذي حكم اكثر من 8 سنوات .. ولازالت في جيبه المليارات، فضلا عن الدعم الخارجي…؟
ان هذه التظاهرة معجزة لانها:
اولا: تظاهرة شعبية عراقية، مستقلة، بصوت وطني معارض لحكومة نشرت الطائفية..
ثانيا: ان القوى الخارجية والداخلية، استهدفت الصدر وخطابه الوطني والوحدوي ، ولم تسمح له بالتواصل المباشر مع الشعب ، فضلا عن تسليط الضغوط الاعلامية والسياسية والاقتصادية لتحجيم دوره..
ويمكن القول، ان الحسابات المادية، للخارج واذنابه، لا تفهم ما نراه من نتائج: تظاهرة مليونية، فائقة التنظيم والاعداد، ذات مطالب واعية، تديرها جهة شعبية، فقيرة ، ومعارضة للحكومة واسيادها في الخارج..
تظاهرة وطنية، شارك فيها الشعب دون تمييز، في عراق تحكمه طغمة فوضوية وحزب ديكتاتوري وطائفي حتى العظم..
ان ما حصل هو معجزة وانتصارا للشعب وللمظلوم.. وكيف يمكن تفسيره..؟
يبدو ان عاملا مؤثرا، مفقودا، يمكن له ان يحل هذه المعادلة.. انه القيادة الفذة للصدر..!
الصدر المظلوم، الذي تعرض لمحاولات اغتيال من قبل حزب السلطة واسيادهم المحتلين .. ويمكن القول، ان ما وراء ذلك الانتصار، مقدمات اهمها:
اولا: الفشل الذريع لحزب السلطة في ادارة البلاد، خلال اكثر من 10 سنوات..
ثانيا: تنامي الوعي عند المواطن العراقي بحقيقة السلطة وحزبها..
ثالثا: شعور المواطن العراقي بالخطر القادم الذي سببته حكومة المالكي والعبادي..
رابعا: ثقة هذه الجموع المليونية بالصدر ومشروعه.. وهم يجدونه الامل والمنقذ للشعب من هذه الازمات والخطر القادم..
خامسا: وجود العقل الجمعي العراقي، الوطني، الذي شخص الخلل، وتوصل الى الحل.
ويمكن ان اضيف عاملا اخر، يقول به البعض، وهو ما يسمى (العامل الباطني).. او ما يتعارف عليه ثقافيا بالكاريزما..
اما الكاريزما فانها تشير الى حالة من الجاذبية – عند القائد- تؤثر في الناس وتنتج الحب والتفاني.
وتعرف على انها هبة إلهية تجعل المرء مُفضلاً لجاذبيته. اصطلاحاً فإن الكاريزما هي الصفة المنسوبة إلى شخص بالقوى الحيوية المؤثرة. ولقد استخدم هذا المصطلح في فجر المسيحية للإشارة أساسا إلى قدرات الروح القدس.
وفي العلوم المعنوية، يمكن ان نحتمل وجود عنصر جذب، غير مادي، ناتج من صفاء القلب وطيب النفس.. يجعل القائد محبوبا من ملايين الشعب. وهم يثقون به وبمشروعه الصالح.. فخرجوا حبا له وتاييدا.. وسينتفضون قريبا لازالة حكومة الحزب الفاشل..
ولا يخفى على القاريء اللبيب.. ان نهاية الفاسدين وحزب السلطة ستكون بانتفاضة شعبية قريبة.. تؤسس لشرعية حقيقية مستقلة.. انها الشرعية الشعبية.. ان شاء الله..