23 ديسمبر، 2024 9:21 ص

مقتدى الصدر والقيادة الميدانية

مقتدى الصدر والقيادة الميدانية

للقيادة تعاريف متعددة ومنها أنها القدرة في التأثير على الآخرين وتوجيه سلوكهم لتحقيق أهداف مشتركة، والمدرسة الصدرية من المدارس التي لها تأثير كبير على الآخرين لما تمتلكه من مقومات القيادة الميدانية، وقد أثبتت مقدرتها على قيادة الأمة في أصعب الظروف وأكثرها خطراً على مستقبل العراق، وما تجربة الشهيدين الصدرين إلا دليل على عظمة هذه المدرسة، وقد امتازت القيادة الصدرية بميزة تفتقدها اغلب المدارس الفكرية والعقائدية، ألا وهي الشجاعة وقوة القلب والإيمان المرتبط ارتباط روحي بمقدرة السماء على تسديد العمل عندما يكون خالصاً لوجه الله، وقد عاصرنا مرحلة السيد الشهيد محمد الصدر(قدس سره) وكيف كان قائداً ميدانياً متفاعلاً مع الأحداث التي يتعرض لها المجتمع، وكان استخدامه لصلاة الجمعة وسيلة ناجحة ومؤثرة في قيادة المجتمع  وقد ذكر ذلك في الجمعة السابعة والعشرين الخطبة الثانية عندما قال (إن من النقاط المهمة والجليلة التي حصلت بصلاة الجمعة المواجهة المباشرة بين الحوزة والمجتمع وبين المرجعية والمجتمع) وقد استطاع أن ينشأ ثقافة عقائدية جديدة أورقت أغصانها في شجرة المجتمع وهي ثقافة الطاعة للقيادة والتسليم بكل خطواتها وقراءتها للواقع والامتثال لأوامرها والحلول التي تطرحها، وبذلك شكلت هذه النقطة المتمثلة بالطاعة للقيادة محور جوهري في قوة المدرسة الصدرية، وكانت تمثل الخطر الكبير الذي يهدد الطغاة وقد أشار شهيدنا الحبيب محمد الصدر (قدس سره) إلى هذه النقطة في أكثر من موقف عندما رأى طاعة  الجماهير في تنفيذ العديد من التوجيهات وكلنا يتذكر مسألة المسير إلى كربلاء التي أمر بها شهيدنا الصدر عندما خرجت مدن العراق عن بكرة أبيها في مشهد لم يألفهُ الشارع العراقي من قبل نتيجة لحالة الخوف والموت السريري الذي كان يعانيه المجتمع بسبب التعسف والظلم الذي يستخدمه الحكم البعثي في قمع الجماهير، ذلك المسير الذي أصبح  موروث مجتمعي يرتبط ارتباط وثيق في الشعائر الحسينية، لذلك فالقيادة لها أهمية كبيرة في توجيه الجماهير وكلنا يعلم مقولة صدرنا المقدس الشهيرة (يحتاج الشعب العراقي إلى قيادة لا تمثل التقليد) وبعد التغيير ونتيجة الفوضى التي رافقته كان لابد من وجود قيادة ميدانية قادرة على توجيه الجماهير وتوحيد المواقف لغرض الحفاظ على وحدة الشعب ومصالحة الوطنية، لذلك ألتفت الجماهير حول السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) حيث رأت أنه يمتلك مقومات القيادة الميدانية، كونهُ وريث المدرسة الصدرية بكل مرتكزاتها العقائدية والجماهيرية والقيادية، وقد أثبت انه قائد ميداني من خلال حضوره الدائم وسط الجماهير وفي أصعب الظروف التي مر بها العراق، عندما وقف ضد الاحتلال وكان رمزاً وطنياً أستطاع أن يقف بوجه كل المخططات التي كانت تستهدف العراق، من خلال مشاريع استعمارية هدفها النيل من وحدته والسيطرة على مقدراته الاقتصادية والسياسية، وكانت الطاعة لهذه القيادة من الأسباب المهمة والرئيسية التي منحت التيار الصدري قوة هائلة في الشارع العراقي أربكت جميع القوى المعارضة للمشروع الوطني للتيار الصدري، وفي هذه المرحلة المهمة التي يمر بها العراق كانت مواقف السيد مقتدى الصدر (اعزه الله)  تتناسب معه كقائد ميداني يتواصل مع جميع القوى الفاعلة في الساحة العراقية، هذا التواصل وجه صفعة قوية لدعاة الطائفية والمروجين للحرب الأهلية، وان قيمة القائد الميداني تبرز في الظروف الحرجة التي يكون فيها العراق بحاجة ماسة إلى قيادات تستطيع أن تحافظ على وحدة النسيج العراقي، ولها القدرة في السيطرة على مشاعر الجماهير وتوجيهها نحو ما يخدم وحدة ومصالح العراق وشعبه.