23 ديسمبر، 2024 1:02 ص

مقتدى الصدر في الميزان ( الجزء الأول )

مقتدى الصدر في الميزان ( الجزء الأول )

ربّما يحتار البعض في تحليل شخصية هذا الرجل وفك طلاسمها ، في حين أن معالمها وملامحها واضحة جدا ويمكن لأيّ باحث قراءتها بشكل دقيق . وتتمحور هذه الشخصية المركبة على محور أساسي يستندُ الى روح ( الأنا ) والشعور بالنرجسية المطلقة . وقد اجتمعت وتراكمت خصالٌ عديدة لدعم هذا المحور وتثبيته على أرض الواقع . ومن المعروف لدى فقهاء علم النفس المجتمعي أنّ التطبيل والتمجيد والثناء والاطراء من قبل الرعاع والمنتفعين يزيد من قوة نرجسيتها وتحويلها الى روح دكتاتورية لا تقبلُ بالنقد ولا بالنصح ولا بالعدول عن ارتكاب الأخطاء الجسيمة ، وتصبحُ الأوهام فضاءً واسعا لها ، ويعتقدُ الذي يملك مثل هذه الروح أنه على صواب ، بلْ أنه أصلُ الصواب ، ولابدّ للآخرين أن يتركوا المجال له ليفرض ما يعتقد به من دون أية معارضة . وخير مثال على ذلك الزعيم الألماني (أدولف هتلر) والجنرال الياباني ( هيديكي توجو ) والزعيم السوفياتي ( جوزيف ستالين ) والشيوعي الأثيوبي ( منجستو هيلا مريام ) والرئيس العراقي السابق ( صدام حسين ) .

    اضافة الى ذلك فان لمقتدى الصدر شخصية مركبة من مجموعة من الايحاءات والأفكار المتناقضة التي تسيطر عليها الأوهام والأحلام العريضة . ولهذا نجده يترنح في طرق مختلفة ، تتقاطع بعض الأحيان فيما بينها . ويستطيع القاريء الكريم أن يلمس هذا الأمر من خلال خطاباته الكثيرة التي يناقض بعضها البعض الآخر ، اضافة الى ردود أفعاله السريعة غير المدروسة وغير المستندة الى منهج علمي ثابت . فمثلا تجده تارة يقرر الاعتزال التام عن العمل السياسي ، ومن ثم يعود الى الساحة بتبريرات مضحكة . وتجده تارة أخرى مقاطعا للانتخابات باعتبارها فاشلة ولا تخدم العراقيين ، ومن ثم يعود للاشتراك بها معتبراً نفسه ضرورة من ضرورات العملية السياسية . كما أن هذه الشخصية المركبة متزعزعة غير ثابتة تنتقل بسرعة من أقصى اليمين الى أقصى الشمال وفقاً لما تفرضه عليه روح ( الأنا ) ووفق المتغيرات في الساحة السياسية لتحقيق أفضل ما يمكن تحقيقه من أجل اشباع غروره ونرجسيته . اضافة الى ما تقدم فان لدى مقتدى الصدر شعور كامن في أعماق ذاته يتمثل بعقدة الجهل وعدم حصوله على المؤهلات العلمية المرموقة ، وهذا يظهر واضحا من خلال بعض المفردات الوضيعة التي يتداولها في أحاديثه مثل ( زبالة ) أو ( خرط ) وهذا ما يدفعه للثأر لعقدته المستديمة من الآخرين بطرق وأساليب مختلفة .

    من المعلوم منطقيا أن من يملك مثل هذه الشخصية المركبة غير الثابتة ينتابه القلق والتوتر باستمرار ولا يشعر بالراحة اطلاقا ، ويكون الشك مرآته التي ينظر اليها باستمرار للتعامل مع غيره . وفي النفس الوقت لا يتقبل ولا يقبلُ أي رأي أو نصيحة يمكن الاستفادة منهما ، لأن ذلك يتضارب مع نظرة التعالي والغطرسة اللتي تسيطر على عقله الباطني والظاهري . ومن الصعب جدا أن يعترف بالخطأ حتة لو اقتنع مع نفسه أنه على خطأ ( الاّ في بعض الحالات الضرورية جدا التي يراها وسيلة لابدّ منها لتحقيق خدف آخر ) .