مرة أخرى تضج الساحة السياسية بالاضطرابات والجدل السياسي العقيم الذي لا تُولد منه الحلول أبداً ، حتى أصبحت الحكومة لاتستطيع العيش إلا بأجواء الأزمات وكأنه المناخ الملائم لها والذي يجعلها تتكاثر وتتناسل لعلها تتمكن من البقاء أطول فترة ممكنة، المشكلة الشائعة والتي باتت من المشاكل المستعصية والتي لا يمكن علاجها بيسر وسهولة هي مشكلة التهم الجاهزة، وهذه التهم لم يسلم منها أي طرف سواء المعارض أو المؤيد للعملية السياسية، وما يعانيه الوضع العراقي اليوم هو عدم احترام الأطر الدستورية في حين نرى الجميع ينادون للالتزام بالدستور لكنهم يرفضونه عندما يتعارض مع مصالحهم، المشكلة الآن هي مشكلة التظاهرات التي تجري في عدد من المحافظات ، هذه التظاهرات حق دستوري وديمقراطي مادامت تنتهج الأساليب السلمية والتي من خلالها تطالب بحقوقها المشروعة، فلماذا يثار الطرف الحكومي من هذه الممارسات الجماهيرية؟ في حين يفترض أن تكون الحكومة داعمة لأي عمل ديمقراطي مما يجعلها مصدر ثقة لكل الأطراف السياسية، ولماذا يتهم بالخيانة وتطبيق أجندات خارجية أي طرف يطالب بالحقوق التي يراها من وجهة نظره إنها مسلوبة ومنتهكة، لماذا لانشجع ثقافة قبول الرأي والرأي الآخر، أليس من مقومات النظام الديمقراطي وجود معارضة تشخص الخلل ومواطن الضعف ومن حقها الاعتراض، فإذا كانت الحكومة ترفض التظاهر السلمي وتمنع وصول المتظاهرين إلى ساحات التظاهر كيف يعبر المواطن عن رأيه ويطالب بحقوقه؟ وماذا لو كانت هذه المظاهرات مؤيدة للحكومة هل ستتعرض كما تعرضت له تظاهرات المعارضين؟ إن مطالب المتظاهرين أغلبها مشروعة برغم اعتراضي على بعض الممارسات التي رافقت هذه التظاهرات، من خلال رفع صورة الطاغية المقبور والعلم العراقي القديم وعلم الجيش الحر والشعارات الطائفية وحتى الأناشيد كانت أناشيد استفزازية تعيد للأذهان قادسية الخراب والدمار للقائد الضرورة، هذه الممارسات تشوه التظاهرات وتُعطي انطباع سلبي عنها فعليهم جميعاً أن يلتزموا بالخطوط العامة التي كفلها الدستور وان لا يجعلوا التظاهرات تأخذ بعداً طائفياً يفقدها شرعيتها ومطالبها المشروعة، ولا يخفى على الجميع أن الوضع خطير والبلد لا يحتمل أي صراع طائفي يُطيح بالبنية الاجتماعية تكون له انعكاسات خطيرة على مستقبل الأجيال القادمة، وهنا يبرز دور القيادات الوطنية التي ينظر لها الشعب بمنظار كبير ويترقب ماذا ستصنع في ظل هكذا ظروف، وبالأمس برز من جديد عنوان المقاومة وقائدها السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) وكما كان متوقعاً منه أن يخمد نار الفتنة ويكون قائداً وطنياً يضع مصلحة العراق وشعبه نصب عينيه لإنقاذ البلد من هذا المنزلق الخطير، فقام بزيارة لكنيسة سيدة النجاة التي تعرضت لعمل إرهابي راح ضحيته عشرات من المسيحيين هذه الزيارة لها أبعاد ودلالات كبيرة تكشف الوجه الإنساني والحضاري والوطني للتيار الصدري، بعد ذلك توجه إلى جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني ليؤدي صلاة الجمعة الموحدة، هذه الصلاة التي بعثت رسالة لكل المتصيدين بمياه الطائفية والذين لا يملكون مشروعاً وطنياً فيعتشاون على التجارة الطائفية المقيتة، رسالة مفادها أن العراق موحد ومتماسك وان الشعب يدرك حجم الخطر ولن يسمح لأي جهة أن تُغذي الصراع الطائفي الذي سيدفع ثمنه الشعب وقد مر العراق بهكذا فترة والجميع اكتوى بحممها التي أكلت العديد من الأبرياء، خطوات السيد مقتدى الصدر يوم أمس ولدت حالة من الارتياح لدى الشارع العراقي ووجهة صفعة قوية لأعداء العراق الذين لا يريدون لهذا الوطن أن ينهض من ركام الحروب، وليس جديداً على وريث البيت الصدري فالمواقف الوطنية تحتاج إلى رجال يملكون قوة في الإيمان وصلابة في المواقف وقلباً يتسع لجميع أبناء الوطن وقد جسدها جميعاً السيد مقتدى الصدر (اعزه الله) فكان بحق صمام أمان العراق.