عجيب هو التشابه بين مخرجات الحملة الايمانية الصدامية في منتصف التسعينات وحملة مقتدى الايمانية .. لعلهما خطان يلتقيان هدفا ومنهجا وبمضمون واحد وبنفس الادوات , هناك فدائيون لقطع الرؤوس والايدي والالسن وهنا نفسهم , فدائيون تحولوا الى جيش سمي ب(جيش المهدي ) , استخدموا هذا الاسم لما له من قدسية في اوساط الناس . يسعى الشموليون دائما الى اثارة العداوات واختلاق النقيض او العدو وان لم يكن موجود يحاولون الاستعداء لسبب بسيط وهو ان ديمومتهم ووجودهم يتعرض الى التهديد في ظل الاجواء الهادئة التي تتمثل بمجتمع راقي خالي من التهديدات ومليء بفرص التطور .
لم يكن مقتدى الصدر عارفا بأبسط الامور السياسية لكن سعيه الى اختلاق العداوات والأجواء المشحونة نابعا من احساسه بالفقر المعرفي الذي ينكشف في ظل البيئة المستقرة , هذا ما جعله يتناقض مع ذاته بمواقفه التي اتسمت ب(الخربطة ) ان صح التعبير .
لا يمكن عزل الازمة الحالية عن ازمة سحب الثقة بل هي امتداد طبيعي لها ومن والاسباب المباشرة والرئيسية لأزمة سحب الثقة هو مقتدى الصدر .
قد لا نستغرب ان يختلف الساسة فيما بينهم وان تختلف الاحزاب كل حسب ما يتبناه وهذا هو شأن العمل السياسي , لكن الغريب هو (وبعد ان وصل الوضع الى ما هو عليه اليوم حيث المخاطر الواضحة ) ان نجد احد اهم مسببي الازمة يترك العراق يحترق بنارٍ سجرّها هو ويتجه الى بيروت الجميلة حيث العيش الرغيد والاجواء الرومانسية التي يعشقها مدعي الترابية والتواضع , ورغم رفض الزعيم اللبناني السيد حسن نصر الله استقباله , الا انه يصر على البقاء هناك مترقبا انفلات الوضع العراقي وبمساهمة واضحة منه عبر سلسلة (الكلمات المضحكة ) التي يسميها استفتاءات .
ان الضبابية التي يتسم بها موقف الصدر جعلت الكثير من اتباعه يرفضوه ويتبرؤون من اعضاء كتلته التي انتشرت رائحة فسادها في الافق , وما يبني عليه مواقفه هو عدائه الشخصي فقط لذا نجده يترنح بين الافراط والتفريط مؤديا به هذا السبيل الى دعم كبير لأجواء الفتنة من حيث يعلم او لا يعلم .
يعتقد هؤلاء (اتباع منهج المراهقة ) ان بعودة السلاح يمكن ان يخفوا فشلهم المقبل والذي بانت علاماته بالأفق , ولعلنا نعطيهم الحق في مسيرتهم هذه لأنهم يفتقدون لأي مشروع او برنامج يمكن ان يعتمد او ان يكون مقنعا في دولة ديمقراطية فتية , لذا فهم يخشونها ويبذلون كل شيء في سبيل اعاقة تلك الديمقراطية , لا يوجد اختلاف كبير بين من يدعو لقطع الرؤوس وبين من يدعم ذلك المنهج بلسانه وافعاله محاولا الكسب في مثل هذه الاوضاع على حساب السلم الاهلي الذي اصبح مهددا بفضل تلك المراهقات الصبيانية المبررة بشيء واحد هو ارضاء رغبة زعيم وضعته الصدفة المتمثلة بغباء بعض المصفقين وهشاشة الواقع العراقي القائم على المجاملات !!!