26 نوفمبر، 2024 3:48 م
Search
Close this search box.

مقتدى الصدر .. العود احمد

مقتدى الصدر .. العود احمد

ما بين يوم واخر تثبت العملية السياسية العراقية حاجتها الى العقلية الدينية المتفتحة القادرة على لملمة جراح الوطن والمضي بسفينته الى بر الامان، ولا يمثل السيد مقتدى الصدر نموذج رجل الدين القافز نحو السلطة الاجتماعية الاعتبارية، بالقدر الذي يمثل منهجه ذلك التوارث اللازم للتعامل مع الكليات في ضروراتها للحفاظ على الوطن، والفصل الدقيق ما بين الحاجة الى الاعتبارات الدينية مقابل مستلزمات فن الحكم.

  هذه الحاجة المتزايدة الى عقلية رجل الدين الناضج  سياسيا ، في فكرة التصدي  للشأن العام ، تبقى من الحاجات الملحة في  المرحلة المفصلية اليت يمر بها عراقنا في مرحلة الانتخابات  البرلمانية المقبلة ، وثبات  قيادة  تيار شعبي  واسع  مثل  التيار الصدري  وما ورثه من كاريزما  شخصية الشهيد الصدر الثاني ، قد حّملت  السيد  مقتدى الصدر  الكثير  من الالتزامات الواقعية في مسيرة الاعوام الماضية ، والنضج الواضح في قراراته  يجعل  من الممكن القول  ان  الاعتكاف  والاحتجاب  لا يمكن ان يكون القرار الاكثر  قدرة على ادارة الامور  في  المرحلة الحالية  والمقبلة على حد سواء ، بل  التصحيح والاطلاق بقوة  شعبية  واسعة نحو حكومة  وطنية  قادرة على النهوض بأعباء  متطلباتها  وهي في الاغلب الاعم  خدمية وامنية، يمكن ان تؤدي الى  توضيح  صورة الحكم الوطني بمشاركة التيارات الدينية ، مقابل  نموذج مقابل  يجد في  الفكر الديني  مجرد ادعاء لترويج فكرة الارهاب، وطرح الصورة المقابلة في تطبيقات اجتماعية  نوعية  ، يمكن خلالها تجاوز  احباطات  الماضي القريب .

  ولا اريد هنا طرح اي تقييم لمسيرة التيار الصدري، فهذه المسيرة مرت  بمراحل وتصويبات قام بها السيد مقتدى قبل  غيره، ولكن شعبية هذا التيار المنطلقة من ارثه الاعتباري الواسع ، والذي خرجت جميع  الاحزاب الدينية الحالية من معطف الصدر الاول  والثاني ، فان اي  حديث عن التجزئة الشعبية نتيجة اخطاء مرت ، يمكن ان  يضّر  بمستقبل هذا التيار الذي وجد السيد مقتدى في اعتزاله العمل السياسي والاحتجاب عنه نوعا من الرفض الواقعي له ، لكن ما يمكن ان يطرح في المقابل اكبر من الغضب على اخطاء المعية ، او خذل الحلفاء  لالتزاماتهم او  ضغوطات  الغير  في  ادخال  الجمل في سّم الخياط !!

كل ذلك يجعل من عودة السيد مقتدى الصدر الى نوعا من الدعم  المعنوي  المباشر لأولئك  المتمسكين بمنهج الصدرين  ممن يحضرون صلاة الجمعة وهم  ينتظرون الحلول من  زعامة هذا التيار التي تمثلت  بوارثه  وليس  غيره ، ومشكلة المجتمع العراقي  ان  مثل  هذا التمسك بمنهج الاباء يفرض على الابناء  الكثير من الالتزامات ، فهكذا  كانت وستبقى  عائلة ال الحكيم  وفقا لما ورثته من علاقة  المرجع  محسن الحكيم  مع  المجتمع العراقي  وعائلة ال الصدر بما ورثته  من منهج الصدرين  وعلاتهما  مع هذا المجتمع ، وتطور  هذه العلاقات الى علاقة  بينية تنسجم مع نموذج الزعامة الاجتماعية ، التي يمكن ان تتطور  الى  زعامة متصدية للشأن العام  تفصل  ما بين الولاية الخاصة  والولاية العامة ،  تطرح الاجابات المتوقعة  من جمهورها العريض في  الاوقات الصعبة ، وهل  هناك من ظروف اصعب  مما يمر به  عراقنا اليوم

لذلك نرحب بعودة السيد مقتدى الصدر الى وطنه وبلدته وحوزته في النجف الاشرف، ونقول له العود احمد، بانتظار قراره العودة عن احتجابه، فمرديه ومؤيديه من فئات المجتمع، بعربه وكرده وتركمانه، شيعته وسنته، تؤكد اهمية هذه العودة فالسفينة الاجتماعية للعراق الجديد بحاجة الى من يقول الحق ولا يستوحش طريقه لقلة سالكيه.

[email protected]

أحدث المقالات