29 ديسمبر، 2024 6:17 ص

مقتدى الصدر أحرق نفسه بنفسه

مقتدى الصدر أحرق نفسه بنفسه

قال القاضي عياض” سأل يزيد بن حاتم الأمير أبو محمد عبد الله بن فروخ الفارسي عن دم البراغيث في الثوب هل تجوز الصلاة به؟ فقال له: ما أرى بأساً. ثم قال بمحضر رسوله: يسألونني عن دم البراغيث ولا يسألونني عن دماء المسلمين التي تسفك”. (ترتيب المدارك وتقريب المسالك).
التيار الصدري واحد من اعاجيب العراق ما بعد الغزو الغاشم، انه تيار الجهلة والحمقى والمستحمرين ومقتدى من أطلق على أتباعه مصطلح (جهلة)، وفاته ان الجهلة يتبعون جاهلا لا يقل عنهم جهلا ولا إستهتارا ولا تذبذبا ولا عمالة. لا أفهم في الحقيقة كيف يتبع بعض ممن يحملون الشهادات العليا او دبلوماسيون او مهن متقدمة كالطب والهندسة والعلوم الأخرى رجلا جاهلا لا يحمل مؤهلا علميا او دينيا، فهو كما لا يخفي عن البعض رسب في دراسته الأبتدائية سنتين وقيد ملفه الدراسي وترك الدراسة، ومن الناحية الشرعية فمقتدى يمثل مسخرة اسلامية لا مثيل لها، فهو غير قادر على قراءة سورة واحدة من القرآن الكريم بلسان صحيح، وحتى لو تركنا الدين جانبا، فأنه غير قادر على القاء كلمة من بضعة أسطر دون اخطاء، وقد أحسن مقتدى عندما ذكر في لقاء من ابن جدة في قناة الجزيرة بأنه لا يريد ان يكون البث مباشرا لأنه ” يجفص بالكلام” على حد تعبيره، فقد قيم نفسه قبل أن نقيمه نحن، وقيم أتباعه قبل أن نقيمهم نحن، هذا الجهبذ الذي لم يفته من الجهل إلا قليلا، سبق ان إدعى ” ان انقطاع الكهربائي في امريكا كان درسا لقنه المهدي لهم، لأنهم إعتدوا على راياته في العراق”، لكن هل انقطاع التيار الكهربائي عن العراق منذ عام 2003 لحد الآن بسبب إعتداء مقتدى وجيشه الهزيل على راية المهدي؟ بمعنى هل هناك علاقة بين المهدي والكهرباء؟
إختار مقتدى ابن أخيه احمد ابن سيد مصطفى ليكتب له تغريدات تافهة تحت اسم (صالح محمد العراقي)، انه معجب بتعابير أبن أخيه الساذجة صاحب عبارة ( لا وربٌ الراقصات)، وهذا الأخير يمثل أعجوبة لمقتدى لأنه يظن بأن ابن أخيه المستحمر هو وحيد زمانه، وأتي بما لم يأتِ به الأوائل والأواخر، كما يقول المثل العراقي ” زرزور كفل عصفور والأثنين طيارة”. بلا شك إن الأحمق عندما يجد من هو أحمق منه سيظن نفسه عبقريا، وهنا تكمن فكرة الحمق بأفضل صورها. ولا نفهم لماذا يكتب ابن أخيه باسم مستعار؟ ما الذي يخشاه وممن وهو محاط بميليشيا مسعورة، ويقيم حاليا مع مقتدى عند سيدهم الولي الفقيه؟ بل ان الصدر يعده ليكون دبلوماسيا، وكان الله في عون وزارة الخارجية على هذه الشلة من السفراء والدبلوماسيين، الذين لا يفقهون ابجدية العمل الدبلوماسي ابتداءا من الوزير الى أي ملحق في الوزارة التي انتهكت عذريتها الميليشيات الإرهابية.
صبي السياسة مقتدى يعتبر أول ارهابي، وأعتى مجرم في العراق، ساعده أرث ابيه الخرف على تزعم مجموعة من الرعاع والجهلة ليشكل الأبي الذي تفرعت منه معظم الميليشيات العراقية الحاضرة، فحزب الله والنجائب وكتائب علي وغيرها هي وليدة جيش المهدي الإرهابي، وفي رقبة مقتدى الصدر وهادي العامري وابراهيم الجعفري وعلي السيستاني وآل الحكيم دماء جميع الشهداء الذين قتلوا في الحرب الأهلية عامي 2006 و2007 من أهل السنة والشيعة والمسيحين والفلسطينيين المقيمين في العراق على حد سواء. ومازالت جثث المئات من المغدروين مدفونة (خلف السدة) التي تقع في محيط مدينة الصدر، كان جيش المهدي يدفن فيها جثث ضحاياه، يعد ان يحاكمهم بمحكمته الشرعية الخاصة، وسبق أن هددٌ نوري المالكي خصمه مقتدى الصدر بأن يفتح ملف (القتلى خلف السدة) عندما ساءت العلاقة بين العميلين، وعلى أثرها تنازل مقتدى كالعادة عن مواقفه ودعم المالكي مرة أخرى، ويقال انه تلقى ملايين من الدولارات لقاء موافقته بعد توسط الولي الفقيه.
لو أحصيت مواقف مقتدى الصدر منذ ظهوره على الساحة السياسية لوجدته كأنه يركب أرجوحة، لذا فهو لا يستقر على موقف، بل ينتقل من أقصى اليمين الى أقصى اليسار كرقاص الساعة حسب مصالحه الشخصية، وتوجيهات الولي الفقيه، وكم من مرة أعلن انسحابه من الحكومة ومن العمل السياسي وينقلب على نفسه. ولم يُفسر في يوم ما على الأقل لأتباعه الجهلة عن سبب تغيير مواقفه السياسية. بلا شك إن جهل واستحمار اتباعه ساعده على التمادي في هذا الأمر، لأنه لا أجد يجرؤ على الإستفسار.
كان البعض من المحللين المأجورين او المدفوعين لأسباب طائفية ولا نقول دينية لأن الصدر ليس رجل دين مطلقا، بل هو رجل سياسة مغمور يفتقر الى الحنكة والذكاء والرؤية والتحليل والثبات، ربما أن وصفناه بالغباء فقط فهذا ثناء كبير لا يستحقه، وربما يًحسد عليه. هؤلاء البعض كانوا يصفونه بالوطنية، وهذا أمر مثير، كمن يوصف غانية بالعفة والزهد، لا نعرف كيف لصقوا به تهمة الوطنية، ان يفدوه بأنفسهم الرخيصة فهذا شأنهم، والى جهنم وبئس المصير، ولكن ان يعتبروه وطنيا فهذا كفر بالوطنية ما بعده كفر. ربما هؤلاء انخدعوا به من خلال إنتقاده للحكومة وتهديدها لعدة مرات، ولكن الا يفكر هؤلاء السذج بأن الصدر مشارك في العملية السياسية منذ تأسيها لحد الآن؟ الا يعلموا ان تخليه كما زعم عن بعض الوزارات لا يعني ان نفوذه انتهى على بعضها؟ وخير مثال على ذلك إستقاله وزير الصحة السابق المستقل في حكومة عادل عبد المهدي بسبب ضغوط التيار الصدري عليه لتمشية صفقة لقاحات فاسدة، فرفضها الوزير بشدة لأنه يمكن ان يوفر نفس اللقاحات بعُشر قيمة الصفقة الصدرية.
الحقيقة ليس الجوكر هم المتظاهرون وهي التسمية التي يطلقها زعماء الميليشيا الولائية على الأبطال الصامدين في ساحات الوغى، ورقة الجوكر الايرانية ـ المخفيه تحت عباءة الولي الفقيه على البعض من الجهلة، والواضحة المعالم عند المثقفين ـ هو مقتدى الصدر، هذا المهرج في سيرك نظام الملالي يجيد اللعب على عدة حبال وليس حبلين فقط، وكان طوال السنوات السابقة يتملص من مواقفه كأنه قطعة من الصابون في يد مبللة. ان رئيس الوزراء المخبول ابراهيم الجعفري ونوري المالكي و حيدر العبادي وقزم ايران عادل عبد المهدي كلهم جاءوا ضمن تفاهمات الصدر مع الأطراف الشيعية الموالية للخامنئي، وفي جميع الدورات السابقة كان لمقتدى عدة نواب في البرلمان، وكل القوانين السيئة الصيت والمتعلقة بفساد الحكومة والنواب والإمتيازات المهولة للنواب، والصفقات المشبوهة، ورواتب لصوص رفحاء، كات الصدر جزءا منها، ولنوابه حصة فيها.
صبي السياسة هذا لم يكن بارا حتى مع أبيه فكيف مع أتباعه؟ انه يعلم جيدا ان النظام الإيراني هو من قتل أباه بسبب رغبة النظام السابق بتعريب حوزة النجف، وكان محمد صادق الصدر المرشح الوحيد لها، وهذا لا يتناسب مع مشاريع ولاية الفقيه في العراق، وكان لابد من التخلص منه، ومقتدى حضر محاكمة إثنين من المجرمين (الثالث هرب الى ايران) الذي قتلوا اباه، وشهد إعترافاتهما، وتسلم هدية من الرئيس السابق صدام حسين عبارة عن سيارة و(10) ملايين دينار عراقي. فكيف يوالي نظام قتل أباه؟ أما حجته في الدراسة واعتكافه في قم فهذه مسرحية هزيلة وإحدى ملاعيبه المكشوفة، حتى المرجع الذي يقلده الصدر وهو (كاظم الحائري) المقيم في ايران سبق أن درس في حوزة النجف علاوة على عشرات المراجع من الفرس، فلماذا لا يدرس مقتدى في النجف؟ بل انه طالما تبجح بأهمية السيستاني وإتباع أوامره والتقيد بتوجيهاته، حسنا لماذا لا يقلد السيستاني؟ اليس الحائري من المؤمنين بولاية الفقيه والسيستاني ـ كما يزعم ـ لا يؤمن بولاية الفقيه، فكيف يقلد مرجع يؤمن بولاية الفقيه؟
في الآونة الأخيرة بعد زيارته للمتظاهرين في كربلاء والنجف وسماع ما لا يسره من الهتافات ضده شخصيا وضد ايران، قرر مغادرة العراق والإعتكاف في ايران، ومن ايران بدأ بتصعيد موقفه ضد المتظاهرين، وكان يأمل من المتظاهرين المؤدلجين من عناصر الحشد الشعبي الذين قامت حافلات الدولة بنقلهم وتوفير الماء والطعام لهم واعادتهم بعد ساعتين بحافلاتها الى مناطقهم ان يهتفوا بإسمه وسماها المليونية، والحقيقة ان المراقبيين السياسيين صرحوا بأن المتظاهرين الصدريين لا يتجاوزا عشر المليون، ولكنه هو والميليشيات الوقحة التي تضامن معها مؤخرا حاولوا ان يثبتوا لسيدهم الخامنئي بأنه ما يزال التيار الصدري والميليشيات الوقحة (حسب تعبير الصدر) تمتلك حظوة في الشارع العراقي، وانهم موالون للولي السفيه من خلال رفع الأعلام الايرانية من قبل المتظاهرين الصدريين.
كان رد اللجنة التنسيقة على تظاهرة مقتدى قد أثلجت قلوب العراقيين الوطنيين الشرفاء، فالتظاهرة الصدرية الألفية لم تأخذ أي حيز في الأعلام العربي والعالمي (ما عدا العراقية وفضائيات الميليشيات)، حاولوا ان يظهروه وطنيا فكان عميلا، وان يكون بطلا، فكان أضعف من ذبابة، طنين لا أكثر، ونهيق لا يفتر.
بانت ورقته بشكل واضح من خلال موقفه المعادي للمتظاهرين، فقد أمر القلة من اتباعه بترك ساحات التظاهر في اتفاق مع الحكومة العميلة وميليشيات الحشد الشعبي لإتاحة الفرصة لهم بالإعتداء على المتظاهرين السلميين وتصفير ساحات الاعتصام، ففتل العشرات وجرح أضعافهم، مؤامرة خسيسة من إنسان وضيع لا يقل خسة ووقاحة عن الميليشيات الوقحة التي تحولت الى صديقة!! ولكن هذه الخطوة على بشاعتها لم تؤثر على عزيمة الثوار والشعب العراقي، فقد ضخت الروح الوطنية عشرات الآلاف من المتظاهرين الجدد الى ساحات الاعتصام، ليقولوا للصدر خسأت فقد بان معدنك الرديء. بل وصلت الوقاحة بأن يهدد المتظاهرين بالتعاون مع القوات الأمنية المسعورة لقتلهم، كأن بقية الميليشيات الولائية قد قصرت في هذا الموضوع! وفي وقاحة أشد عزل ممثلة في الناصرية السيد (أسعد الناصري) لتضامنه مع المتظاهرين، فقام الأخير بخلع عمامته حبا بالعراق وشعبه الأبي، الحقيقة أن الصدريين الذين يغادرون تيارهم ويعودوا الى الصف الوطني إنما يطهروا أنفسهم من قذارة هذا التيار العميل، فالفرصة ما تزال عند الأحياء ليعودوا الى عقلهم وضمائرهم ويكفروا عن جرائمهم.
أما إدعاء الصدر بأنه لن يتدخل بالحراك الجماهيري” لا بالسلب ولا بالإيجاب”، فهذا غباء أيضا لأنه موقف لا يتوافق لا مع القوانين السماوية ولا الأرضية، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، كما انك عندما تشاهد مجرما يحاول أن يقتل إنسان أو يسرقه وتتخذ موقف الحياد، فهذا موقف سلبي مطلق وليس حيادا، الزعيم الحقيقي هو الذي يكسب شعبه، وليس حكومة معادية لشعبه.
منذ عام 2004 كتبنا عشرات المقالات كشفنا فيها حقيقة مقتدى الصدر وعمالته لإيران، وحذرنا الشعب العربي والعراقي من صبي السياسة، لكن البعض كان يوجه لنا سهام النقد معتبرا (القائد المفدى) رمزا وطنيا وخطا أحمرا لا يجوز تجاوزه، لكن هل هناك اليوم من يجرأ على إعتبار الصدر رمزا وطنيا ويبرأ (الرمز الوطني) من عار العمالة وخيانه شعبه؟ ربما الجهلة والمستحمرين فقط! وهؤلاء لا قيمة لهم، ولا أي إعتبار وطني أو أخلاقي، هم أشبه بقطيع من الغنم يتقدمهم حمار، ويتبعهم ويجمع شملهم كلب، في ظل نوم الراعي أو غيابه.
كشف حقيقة الصدر واحدة من منجزات التظاهرات السلمية، فقد ميزت المعدن الأصيل من المعدن المزيف، وأسقطت ورقة التوت الأخيرة عن عورة الصدر، فبارك الله بالثوار النشامى، والرحمة والخلود لشهدائنا الأبرار، والشفاء لجرحانا الأبطال، والخزي والعار للحكومة الفاسدة والميليشيات الولائية والقوات الأمنية التي تعادي المتظاهرين.. ومن الله النصر وبهمة الثوار الميامين.
قال شهاب الدين ابن مخلوف الأعرج في وصف من هم على شاكلة مقتدى الصدر:
إنّ الكريم إذا تنجّس عرضه لو طهّروه بزمزم لم يطهر
ممّا اعتراه من القذارة والقذى لم ينقَ من نجس بسبعة أبحر
(النجوم الزاهرة). لكن هذا الموقف سوف يتغير كالعادة، وغدا لناظره قريب.