23 ديسمبر، 2024 5:40 م

مقام السيدة زينب وشتائم الواهمين

مقام السيدة زينب وشتائم الواهمين

بعض قرائنا يجهز رده على المقال حين يقرأ عنوانه، ولا يكلف نفسه عناء الدخول في صلب المقال وفهم غايته الأساسية ليناقش أفكاره بدقة وموضوعية وإنصاف. واحد من هؤلاء هو السيد مشتاق حسن العلي (وأظنه مستعارا)، كتب ردا ظالما متحاملا وبعيدا عن الفكرة المركزية في مقالي السابق حول حزب الله ومليشيات المالكي والحرس الثوري الداخلين إلى سوريا للدفاع عن بشار الأسد وليس عن السيدة زينب التي لا تقل قداسة واحترما ومودة لدى ملايين السوريين الذين تظاهروا ثمانية أشهر وهم يهتفون (سلمية، سلمية) مطالبين الحرية والعدالة ولا شيء آخر.
ويتساءل الكاتب (هل حقا لايعرف السيد أبراهيم الزبيدي ماجرى للشعب السوري ومن يقف وراء مأساته؟ وهل فعلا وصلنا الى هذه الدوغماجية وخدر العقول؟ هل أصبح أبراهيم الزبيدي وهو الاذاعي القديم لايعرف الميديا ألاعلامية وتأثيرها ؟)
وكأن صاحب الرد الساخن عجيب ينسى أو يتناسى أن بداية المأزق السوري في درعا كان من صنع النظام وجبروته وعنجهيته وغبائه ودمويته. وما دخول النصرة وباقي الإرهابيين ومصاصي دماء المسلمين باسم الدين والجهاد في سبيل الله ورسوله إلا نتيجة، وليس هو سبب المشكلة من أساسها. فحين تشتعل الحروب الطائفية الغبية وتدخل إلى سوريا الممزقة مليشيات حزب الله والحرس الثوري ومليشيات العراق المالكي، لا دفاعا عن الشيعة ضد السنة، بل لخدمة مصالح سياسية خاصة بعيدة عن الطائفة الشعية وهمومها الحقيقية، لابد أن تنتهز القاعدة وأيتامُها الفرصة فتدخل إلى الساحة، لا دفاعا عن السنة ضد الشيعة ولكن ضد السنة والشيعة معا، والذين هم كفرة بمقاييسها المتخلفة.
وقد ذهب الكاتب في شتمي مذاهب عميقة وبعيدة الغور، فضمني إلى (النصرة وسعود الفيصل وحمد القطري وخالد أل خليفة البحريني وزير الخارجية الذي تقمع مملكته أحرار البحرين المسالمين، وكذلك يرى المتابع مقدار تأثر السيد أبراهيم الزبيدي ببيان مجلس التعاون الخليجي الذي يردد ماتمليه عليه أمريكا وأوربا والصهيونية التي راحت دويلتها المحتلة تستقبل جرحى العصابات المسلحة التي عاثت فسادا في سورية وتسببت بتهجير السوريين وقتلهم وتخريب وطنهم حتى يخرج من معادلة المقاومة والممانعة ؟) 
إن هذه هي بالضبط مشكلتنا مع هذا الصنف من القراء الميالين إلى الطبيعة القمعية المتطرفة المتشددة والمغلفة بعباءة الدين والخوف عليه.
إنه لم يكمل مقالي السابق، أو أنه لم يفهم ما خلصت إليه. فقد كانت فكرة المقال تدور حول كذب حسن نصر الله الذي أنكر شهورا عديدة وجود مقاتليه في سوريا، ثم زعم بعد أن انكشف وجودهم أن مقاتليه في سوريا موجودون لحماية مقام السيدة زينب، وكان الأحرى به، وهو السيد المعمم ألا يكذب، أن يعلن صراحة أنه هناك خوفا من سقوط  حليفه وحليف وليه الفقيه، وأن يصدق القول فيعلن من البداية أنه أرسلهم للدفاع عن نظام القتل بالبراميل المتفجرة وصواريخ سكود والكيمياوي، ولا علاقة لمقام السيدة بوجودهم، لا من قريب ولا من بعيد. وتساءلت في المقال المذكور عن جواب السيد حسن نصر الله وهو يجر أذياله من سوريا خوف الصواريخ القادمة من البوارج البعيدة، على سؤالنا الأهم وهو (من سيحمي مقام السيدة بعد أن ينسحب شبيحة حزب الله ومليشيات نوري المالكي والحرس الثوري من هناك)؟.
ولو صبر الأخ الكاتب قليلا لاستمع إلى الولي الفقيه بشحمهه ولحمه وبعظمة لسانه يتراجع ويعد الشيطان الأكبر بعدم السعي لتصنيع سلاح نووي، ويوعز لروحاني بالتواصل مع أوباما في محاولة لكسب رضاه وحمله على رفع العقوبات التي بدأت تخنق الشعب الإيراني وتوشك أن تدفع به إلى فعل ما فعله الشعب السوري حين طفح به الكيل من ظلم الديكتاتور وغبائه وتخشب ضميره وموت إنسانيته.
ولو صبر قليلا أيضا لاستمع إلى بشار الأسد نفسه وهو  يطلب من أمريكا مليارا من الدولارات لتدمير أهم سلاح لدى نظامه (المقاوم) الذي كان يزعم أنه لخلق توازن رعب مع قنابل العدو الصهيوني النووية.
ثم يتساءل (فلماذا يظل ألزبيدي في خانة ألاعراب والرجعية التي تعتاش على تمويل النفط , والنفط مادة ناضبة؟).  وأسأله أنا أيضا (بماذا تصول إيران  وتجول، أليس بالنفط  نفسه، ولا شيء سواه؟) 
ثم يتساءل (وهل حقا أستمع الى رأي المفكرين ألاحرار مثل رمزي كلارك ألامريكي , وجون غلوي النائب البريطاني , والمفكر الفنزويلي الذي ألقى كلمة في المنتدى القومي ألاسلامي في بيروت والذي ترأس جلساته الدكتور خالد السفياني التونسي؟) نعم أعرف رمزي كلارك وجورج غالوي وأمثالهما الذين لم يبق ديكتاتور إلا وهبوا لنجدته، لا حبا بسواد عيونه ولكن بدافع مصالح سياسية محلية أمريكية بالنسبة للأول وبريطانية بالنسبة للثاني. ولعلم الأخ الشاتم أؤكد له أن هؤلاء (الخرفانين) لا يتحركون إلا بعد أن يقبضوا الثمن مقدما، تحت بند (مصاريف تنقلات ودعاية وخلافه). وقج فعلوها مع صدام حسين ومعمر القذافي وشافيز. إمهم نهازو فرص وصيادون ماهرون في الاصطياد عمدما تشتد محن الحكام الأثرياء المجانين.
مشكلة هذا الصنف من القراء أنه متعصب لفكرة معينة، وهو، مقدما، رافض لأي رأي آخر يخالف رأيه ولا يتطابق مع قناعاته المسبقة. على طريقة (إما معي أو أنت عدوي). وحين يفتح الباب لمخزون الشتائم لديه لا يبقي ولا يذر، يضع كل موبقات الأرض والبشر على كاهل من لا يعجبه، ويرمي على من يحبه كل صفات العصمة والنزاهة والبطولة والشرف، ولا يسأل نفسه أليس محتملا أن يكون الذي يحبه كاذبا ودعيا ومراوغا وباحثا عن مصالح سياسية عابرة؟ و أخيرا دعواا مقام السيدة لربه ولمحلبيه الحقيقيين، ولا تتاجروا بقداسته أيها المتزمتون.