18 ديسمبر، 2024 8:38 م

نشر المندلاوي الجميل فائدة لغوية , حيث سأل : متى نقول: (واها) ؟ وأجاب انه نقولها حين نتعجب من طيب شيء وجماله كما قال الشاعر :واها لايام الصبا وزمانه لو كان اسعف بالمقام قليلا .

يقول البحث ان واهًا كلمةُ تعجُّبٍ من طِيبِ كلِّ شيءٍ وحُسْنِه,  فيقال : واهًا له , وبه : ما أَطيَبَه , وتأْتي للتلهُّف , فيقال : واهًا على ما فاتَ , كما انه هناك الآه والواه والأويلاه مقاطع صوتية ليس لها معنى بحد ذاتها في اللغة , ولكنها تحمل سيلاً من المشاعر, وهي متعددة الاستعمالات عند العرب والعجم , تفيد في العربية معاني مختلفة باختلاف التصويت واللفظ والنفس , ف (الواه) هو الحزن , وما تصيح به المرأة عند الأسى والألم , وقالت العرب ( واه من هذا ) أي ما أسوأه. والواه لفظ يفيد المسرة والبشرى , يقال واها له وواها به , أي أعجب به , وفي هذا السياق والمعنى قال الشاعر: (( واها لسلمى ثم واها واها يا ليت عيناها لنا وفاها )) , وتعطي (الواه) أيضاً معنى التلهف على ما فات , فيقال واها لأيام الانتفاضة , وواها للحكم الملكي في العراق , وتقابل هذه الكلمة كلمة ( أويلاه ) التي طالما تتردد في أغاني المقامات العراقية.

ومن الأمثال الشائعة في هذا الخصوص قول القائلين: ( واها ما أبردها على الفؤاد ) , وقد نسبوه أصلاً لمعاوية بن أبي سفيان , يقال إنه نطق بها عندما أبلغوه بمقتل الأشتر , الذي دوّخ الدولة الأموية في أول نشأتها وبداية حكمها , وزعموا أيضاً أنه لما أبلغوه بمقتل توبة بن الحمير العقيلي , ارتقى المنبر وخطب بالمسلمين قائلاً بعد أن حمد الله وأثنى عليه : ( يا أهل الشام , إن الله تعالى قتل ابن الحمير وكفى المسلمين درأه , فأحمدوا الله فإنها كالشهد , بل هي أنفع لذي الغليل من الشهد , إنه كان خارجياً تخشى بوائقه ) ثم أنشد وقال : ((فلا رقأت عين بكته ولا رأت سرداً وما زالت تهان وتحقر)) .


يكثر استعمال (أويلاه ) في المقامات والغناء , وهي صرخة ألم وتوجع , وتقال أحيانا بصيغة ( أويلاخ ) و ( أويلي ) , وكلها ترددت واشتهرت على لسان المطرب العراقي , علما بأنهم يقولون في مصر  (يا لهوتي ) للدلالة على التوجع والاستغراب أيضاً , ويفضلون في بلاد الشام والمغرب العربي استعمال لفظة  ( يا ويل ) , كقولهم ( يا ويل اللي ما يسعده ربه ) , وأيضا  ( يا ويل اللي ما يخاف ربه ) , واعتادت النساء في عموم الشرق الأوسط على التعبير عن التوجع بصرخة ( أوي ) ونستعمل جميعاً الكلمة القرآنية ( أف ) , ونستعمل أحياناً لفظة ( أوف ) , للتعبير عن الشكوى والتذمر, يقولون وما أكثر ما نقول في هذه الأيام ( أوف من (داعش) وما يفعل ) , وفي عكس ذلك نقول للتعبير عن الإعجاب والرضا ( به  به ) , وهي لفظة كلاسيكية في الواقع , ولكن الكلمة التي شاع استعمالها في عموم العالم الإسلامي للتعبير عن الإعجاب والاستحسان هي لفظة الجلالة التي دأبنا على نطقها واستعمالها في شتى المناسبات للتعبير عن شتى المشاعر والمواقف حسب نطقنا لها , غضباً أو استحساناً أو تشجيعاً أو أسفاً , ومن لفظة الجلالة كما استعملها المسلمون في الأندلس اشتق الإسبان صيحة الاستحسان والتشجيع ( أوليه)  (Oleh) .

لنعد لواها رؤبة بن العجاج : (( واها لسلمى ثم واها و واها , هي المنى ولو أننا نلناها , ليت عيناها لنا وفاها, بثمن نرضي به اباها , إن أباها وأبا أباها , قد بلغا في المجد غايتاها)) , والآن لم قال الشاعر عيناها وليس عينيها ؟ وايضا أبا أباها ولم يقل أبا أبيها ؟ هذه لغة تلزم فيها المثنى الألف في جميع حالاته الإعرابية , ويقال إن الشاعر من قبيلة تلزم المثنى هذه الحالة حتى في النصب , وقد جاء فی لغة قلیل من الناس اعراب المثنی فی جمیع الحالات بالالف , یقولون جاء الرجلان ورأیت الرجلان ومررت بالرجلان , ولکن هی افصح اللغة ,کما قال الله تعالی : (( ان هذان لساحران )) , وان القرآن یحتج به ولایحتج علیه .

وفي الأعراب ( واها ) بمعنى (أعجب) , والمعنى اصبح واضحا ,  اعجب لسلمى , ثم اعجب واعجب  , ياهؤلاء (ياقوم) ليت عيناها وفاها من نصيبنا , (واها) , اسم فعل مضارع مبني على السكون لامحل له من الاعراب , والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره أنا  , لسلمى / اللام / حرف جر, سلمى / اسم مجرور وعلامة جره الكسرة المقدره على الالف منع من ظهورها التعذر , ووالجار والمجرور متعلقان بأسم الفعل .