مقامة محطة ألأستراحة

مقامة محطة ألأستراحة

قال النبي (ص) : أوتيت جوامع الكلم , وقد عرفها البحتري : جوامع الكلم ماقل وجل ودل ولم يمل , وعرفها ابن الأثير : عظيم المعاني بسيط العبارة , هكذا أصف هديتك للعام الجديد , لقد علمتك الحياة مالم تعلمك اياه مدرسة , علمتك ان الأمنيات مشروعة ولو كانت مستحيلة, وعلى صفحاتها تقرأ ابجدية البشر ,  فلتهنأ النخلة ما دمت مطراً يسقيها في زمن شحّت فيه الأنهار , أحب التفاؤل والمتفائلين فلولاهم لجلس الناس تحت ركام يأسهم وخيباتهم.

أن تستيقظ صباحا لتجد أمامك نصا عنوانه ورد الجوري والياسمين , فذلك تفاؤل يجعل نهارك جميلا بلا شك , حين يكون حلم اللقاء السرمدي سائرا بتلك الموسيقى ذات ألأنغام المشتهاة , التي تنسينا كل وجدانيات الحنين وألأشواق , فذلك بلا شك حالة خلق للفرح من رحم الفراق , حين يكون البوح مليئا بالسرور والبهجة ألأفتراضية , ماأحلاه خصوصا عندما تخبرنا أنه أزلي ينسكب في تلافيف ألأرواح , أحب حياكة اناملك و ترانيم الحانك, هكذا نص بهيج يعجبنا نحن القراء الممتلؤون بأشواك الحياة , فأكثر منه رجاء.

ايها الجميل كسنبله وابيض كالدقيق والدافيء كنار الحطب والطيب كرغيف , دعني أستعين بأدواتك الماهرة لأفتح الكثير من القواقع , فقط لاقاسمك لؤلؤ الحرف ومرجان الاحساس ,فحيثُ لا أخطر على العقل من الشبهات , ولا أذهب لراحة الإنسان من الحيرات , ولا أفخر نسبًا من تنسب العلم , ولا أعدل من التأكد قبل الحُكم , ولا أسمى من الفهم , ولا أحلى عذوبة من الإيمان , ولا راحة بلا اطمئنان , ولا اعتزاز بجهالة ولا نبوغ في شيء ,  أكثر وأكثر من قولك الجميل ذو المعاني , الذي يوصف بـنهر يعيد خلق دلتاه كلما مرَّ به العمر , ويثبت أنّ الموهبة حين تقترن بالذكاء تُضفي على صاحبها الشباب الدائم والنجاح المستمر.

تبعث الكلمة الجميلة شعوراً بالغبطة , وسردك جميل فيه غذاء للروح قبل غذاء العقل ,

يتحول طعام النحل إلى عسل وطعام العناكب إلى سم , الغريب في الأمر أنه في عالم الحيوانات وربما حتى في عالم الإنسان أنه من نفس الزهرة تستخرج النحلة العسل ويستخرج الدبور السم , أي نفس الطعام يتحول إلى عسل لدى النحل وإلى سم لدى الدبابير والعناكب وبعض الحشرات, نفس المقدمات لا تؤدي لنفس النتائج , ونفس المُدخلات لا تؤدي لنفس المخرجات , وكلامك عسل تصفيه القلوب .

ما زال الأمل قائماً والحلم يتجدد , وكلنا نحلم بالأوطان الحرة التي تسعد شعوبها , ولكن أذكر ان بلند الحيدري كتب مرة : ((كان حلمي وسط تراب , وقناعاتي خيالا في سراب , كان للوهم يغني من جديد , لا وطن حر ولا شعب سعيد )) , ليرد عليه د. قاسم حسين صالح : ((يا مظفر..أصحيح ان شعبا انجبك , صار من احزاب تدّعي الأسلام يقهر, ولنا جيش يتامى وارامل , سرقوا خبزها اليومي وبنى منها معمم لأبيه ضريحا , كان قد افتى ابوه , قتل من نادى (وطن حر وشعب سعيد) ,أو تعلم يا مظفر, أن شعبا كان من عهد جلجامش يوصف بالعنيد , صار من تغريدة ( هاوي ) بالسياسة, يهتفوله بالقداسة ويبوسون ترابا قد مشى يوما عليه , وان كان نجاسه, كلّ هذا يامظفر قد حصل وما كنت تمنينا بيوم يفطر الناس به : كيمر عماره وعسل , افطر شعبك يامظفر,خبزة نخاله وبصل)) .