مقامة سالمة يا سلامة

مقامة سالمة يا سلامة

ما قصة اغنية سلمى يا سلامة ؟ هي في الأصل أغنية مصرية مشهورة من تلحين سيد درويش لمسرحية قدّمتها فرقة نجيب الريحاني سنة , 1919تتحدث الأغنية عن مشاعر المصريين بالغربة أثناء بعدهم عن بلدهم , وعن رضاهم بالحياة سواءً كانوا أغنياء أو فقراء , وعن صبرهم ومثابرتهم في الحرب وسعيهم للسلام , لقد تم تسجيلها لأول مرة بالكامل باللغة العربية كإحياء لأغنية فولكلورية بكلمات بديع خيري , وحققت نجاحًا كبيرًا عند إصدارها , وبالتالي تمت ترجمتها لاحقًا إلى الفرنسية وإصدارها في فرنسا عام 1977 , ظهرت كلتا النسختين في ألبوم يحمل نفس الاسم من قبل داليدا صدر في نفس العام , ولم تتوقع ذلك النجاح الباهر الذي حقّقته ولا يزال يتواصل سنوات بعد وفاتها , رغم ان أصل الأغنية يعود إلى سنة 1919 وإلى العبقري سيد درويش .

كتبت أغنية (( سالمة يا سلامة ))  في خضم الأحداث الممهدة للثورة وقدمت لأول مرة بعد شهرين من اندلاعها , لذلك كان طبيعياً أن تحمّل بأهداف ترسيخ الوطنية وتعظيم الإحساس بالفخر في قلوب المصريين والتركيز على إيجابيات الشخصية الوطنية من صبر وتحمل ودأب وجد واجتهاد وتكيف مع مختلف الظروف , واستخدم بديع خيري في مقدمة الأغنية مطلعاً فلكلورياً هو (( سالمة يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة )) , والذي لا يعرف على وجه التحديد أصله أو أصل اللحن المميز له , لكن المعروف أن النساء كن يرددنه لدى عودتهم من رحلات خارج قراهن , خاصة إلى العاصمة , وكالعادة في الأغاني المؤداة بمساعدة المجاميع , تستخدم ألفاظ عامية مخلوطة بألفاظ فصيحة وكلمات أجنبية , تقول كلماتها : ((سالمة يا سلامة  رحنا وجينا بالسلامة , صفر ياوابور واربط عندك نزلني في البلد دي , بلا أمريكا بلا أوروبا مفيش أحسن من بلدي , دي المركب اللي بتجيب أحسن من اللي بتودي  ياسطى بشندي , ياسالمة ياسلامة رحنا وجينا بالسلامة , سلطة ماسلطة أهو كله مكسب حوشنا مال وجينا , شفنا الحرب وشفنا الضرب  وشوفنا الديناميت بعنينا , ربك واحد عمرك واحد آدي احنا اهه رحنا وجينا ايه خس علينا ياسالمة ياسلامة رحنا وجينا بالسلامة , صلاة النبي ع الشخص منا قرطة مية بلا قافية , اللي في جيبه يتفنجر به  والبركة في العين والعافية , حتاخد ايه م العيشة غير الستر يا شيخ خليها ماشية دنيا فانية , ياسالمة ياسلامة رحنا وجينا بالسلامة , الغربة ياما بتوري  بتخلّي الصنايعي بيرطن , مطرح مايروح المصري برضه طول عمره ذو تفنن , وحياة ربنا المعبود وي آرفيري جود ياسطى محمود ادها وقدود , سالمة ياسلامة رحنا وجينا بالسلامة )) .

هناك من يقول انه قبل قرن من الزمان لم تكن أعمال الدعارة  مُخالفة للقانون المصري , بل كانت لها أماكنها المعروفة والمشروعة , وكانت بيوت البغاء لها تراخيص وأوراق قانونية في مصر حتى أربعينيات القرن الماضي , ولم يكن باب العمل في الدعارة مفتوحًا أمام جميع الفتيات , كانت له شروطٍ صعبة للغاية , وكان العمل في هذا المجال مُقتصراً على بعض النساء اللواتي يتمتعن بصحة جيدة , فكان على الحكومة المصرية أن تضع شروطًا على هؤلاء الفتيات اللواتي يعملن في مجال الدعارة , من أهمها التأكد من صحتهن , لذلك كان هناك رُخصة تصدر لفتيات البغاء بعد أن يمروا بكشف طبي شامل عليهن , بواسطة إحدى مستشفيات الحكومية , وعلى ما يبدو أنَّ الكشف كان صعبًا للغاية , وكثير من الفتيات كانوا يخسرن رخصتهن بسبب فشلهم في ذلك المسح الطبي , أمّا الفتيات اللواتي كان ينجحن في عبور المسح الطبي بسلام دون أن يتم اكتشاف أي أمراض مُعدية بهن , فكن يحتفلن أثناء خروجهن من المستشفى , وحصولهن على رخصة استمرار مزاولة مهنة الدعارة , ومن أبرز مظاهر الاحتفال هي ترديدهن لأغنية (( سالمة يا سلامة , رحنا وجينا بالسلامة  )) , وهي التي تحوّلت فيما بعد إلى أغنية شعبية شهيرة.

كان المشهد يبدو كذلك : مجموعة من الفتيات يقفن على  عربة يجرّها حصان إلى منازلهن وأماكن عملهن , ويبدأن الغناء : (( سالمة يا سلامة رُحنا وجينا بالسلامة )) , ثم جاء سيّد درويش الذي يعد واحد من أهم الموسيقيين والملحنين في تاريخ مصر, والتقط هذا اللحن وحوّله إلى تلك  الأغنية الشهيرة , ثم بعد ذلك قام بديع خيري وقتها باستكمال الكلمات لتتحول إلى أغنية شهيرة ترددها أجيال متعاقبة.

عراقيا غنت زهور حسين : (( سلمى يا سلامة خنتي العهد وياي والليل ما أنامة يشهد علية غطاي )) .