قال الكاتب والمفكر العربي يوسف زيدان إن ما دفعه للاعتذار عن المشاركة في معرض أربيل الدولي للكتاب , هو ما وصفه بـ(حملة عاصفة) شنّها ناشطون من بقايا جماعة الإخوان المسلمين , ومن وصفهم بـ(حراس التناحة وسماسرة الأوهام) , على خلفية موقفه من صلاح الدين الأيوبي , وأوضح زيدان أن الحملة جاءت احتجاجًا على (هجومه) ضد صلاح الدين , الذي اعتبره (رمزًا موهومًا) , مشيرًا إلى أنه (ليس كرديًا ولا يمثل رمزًا حقيقيًا إلا عند من يتاجرون بقضية تحرير القدس) على حد تعبيره , وأضاف زيدان في بيان نشره عبر صفحته الرسمية , أنه كان قد وعد بالمشاركة في فعاليات المعرض بمدينة أربيل (هولير) , وتقديم محاضرة بعنوان ((إعادة النظر في التاريخ , الأهمية والمخاطر)) , لكنه فضّل الانسحاب بعدما تبيّن له أن حضوره سيتطلب ترتيبات أمنية استثنائية , لا تتناسب مع طبيعة النشاط الثقافي وأجواء معارض الكتب , بحسب وصفه.
كان د.يوسف زيدان قد غردعلى صفحته في منصة أكس : (( حُراس التناحة يعربدون في العاصمة والأقاليم , فانتبهوا , لأن عقولكم أمست في خطر)) , وأكد أن ((تكوين)) تهدف إلى استكمال مسيرة الاستنارة من خلال نشر التفكير العقلاني وبناء العقول ضد من وصفهم ((حراس التناحة)) , قائلا: (( في مجموعة كدا بسميها حراس التناحة , اللي هما عايزينا كدا )) , ودعا إلى ضرورة الاهتمام ببناء الفكر المصري بعد إنجاز البنية التحتية , قائلا إن مصر تحاول الآن الوقوف بعد النهوض بالبنية التحتية , لكن يتبقى الجزء الفكري , متابعا : (( المسيرة المصرية انتقدت مرارا , بسبب الاهتمام بالحجر وليس البشر)) , وفي تعليق لطارق العطروزي عن موضوع خطورة ألأختلاف المريع بين بلاد العرب المسلمين حول موعد عيد الفطر كتب : ((حراس التناحة و عشاق العباطة و سماسرة الخرافة )) .
تسائلت عن معنى كلمة (( التناحة )) ؟ , فوجدت انها باللهجة المصرية تعني بلادة الشعور أي عدم الاهتمام , والانفعال الزائد تجاه كل ما يحدث ويحصل للمرء من أحداث , وعدم التفاعل معها أو التأثر بها , وتركها تمر بهدوء بارد وبلا أدنى مبالاة بها , كأنها تحدث في عالم آخر لا يخص صاحبه , وربما بتنا الآن جميعنا في حاجة إلى التلبس بها والعيش بها كطوق للنجاة من واقع الأحداث الأليمة التي تحاصر مركبنا العربي الذي يوشك أن يغرق ما لم تمتد إليه يد اللطف والرحمة لتنقذه من مصير غامض قاتم .
كلنا نعرف الدكتور يوسف زيدان وأهميته في المشهد الثقافي العربي المعاصر , وهو يستخدم هذا المصطلح الذي يحمل دلالات عميقة , في نقده للتعصب الفكري والجمود العقلي , حيث أنه من المصطلحات اللافتة التي يستخدمها في نقده , اذ ان التناحة لغةً واصطلاحًا تعني الصلابة , العناد , التمسك بالرأي بشدة , ويستخدمها يوسف زيدان اصطلاحًا للإشارة إلى الجمود الفكري والتعصب , و((حراس التناحة )) في رأيه , يمكن أن يكونوا أفرادًا أو جماعات أو مؤسسات , ومن صفاتهم , التمسك المطلق بالرأي الواحد , رفض الحوار والنقد , تقديس الماضي بشكل أعمى , الخوف من التغيير والتجديد , وإطلاق الأحكام القطعية , اما مجالات تواجدهم , فيمكن أن يكونوا في المجال الديني , السياسي , الاجتماعي , الأكاديمي , وحتى الثقافي يمارسون ((حراستهم )) للتناحة , مثل التخويف , التشويه , التكفير, الإقصاء , نشر الأفكار المتحجرة , ومن ابرز الأدوات التي يستخدمونها , الخطاب التحريضي , واستغلال النصوص بطريقة سطحية , وترويج الشائعات .
قال د. يوسف زيدان في حواره مع خالد أبوبكر: (( مجتمعنا كان فيه دايمًا عنصر رديء بيشده لتحت ((حراس التناحة )) وواجهناه ببناء العقول )) ,و من الهموم الحادثات الأحدث في بلادنا , أن المجتمعات في العالم تتقدم و تتنور و تأخذ بأسباب الحياة المدنية , لتتطور نحو الأفضل , نحن , ها هنا نتألق في محاربة التفكير و التنوير و الفهم و إحياء العقل و طمس أي فكر محدث , وصولاً , بإيصال الأمر حد إلقتل , أشواك حتى لا نتقدم و ديناميت من أجل القضاء المبرم ,فماذا بعد ؟ أما آن الأوان ليرتدعوا , و لا شيء يكسرنا , مولانا الحبيب , حفظك المولى و حفظ كل العلماء الاجلاء من كل سوء والأشواك تحت الأقدام لا تثني القلة عن السير, مؤمنين بأن درب الفهم من الصعاب , لا يخلو للأسف الجهل والتخلف والتفكير الديني ليس علي قواعد ثابته والجدل والهري وحراس التناحه اصواتهم علي المنابر باسم الدين , والدين برئ منهم (( هو ده الي يمنع التفكير العقلاني ببلدنا تحياتي وتقديري لحضرتك يامولانا)) .
هذا معنى ((التناحة)) , وهناك حبوب التناحة , والمقصود بها المهدئات , فحبوب التناحة تعني الحبوب الخاصة بتهدئة النفس وانفعالاتها , وهو ما نصحتني به صديقتي المصرية التي باتت من متعاطيها بسبب الأحداث التي تمر بها مصر والأمة العربية , لكني وجدت طريقة أو توصلت إليها بالتدريج وبقيادة وإرشاد الحس الذاتي الذي قادني وأوصلني إلى مرحلة جديدة عليّ بدأت أكتشفها وأعيشها الآن , وربما تكون بفضل النضج العمري الذي له الدور الكبير في تخليصنا من أمور كثيرة تعوق الحياة وتربطها بمفاهيم وأفكار ومعتقدات وأعراف وعلاقات تقيد حياتنا وتشدها في تروس الخوف من الخطأ , ومن الصور المشوهة التي تنطبع لدى الآخر عنا وأحكامه التي تعرقل مسيرة حياتنا .
قال أبو العتاهية : (( وإذا انقضى هم امرىء فقد انقضى ..إن الهموم أشدهن الأحدث)) .