21 فبراير، 2025 3:24 م

مقتضب شيخنا الجميل في عبارته التي نشرها هذا الصباح : (( اذا فرغت القلوب من الحب , صارت قبورا )) , فنقول له ان كل القصائد أضرحة جميلة لأحلامنا الخائبة , والشعراء يتبعهم الخائبون , وقد يستيقظ مارد الروح , خارج محراب الجسد , فأدعوك ببساطة لأن تخرق حظر التجوال , وتناول التقاة من العشاق سر حلمك , فلو كنا نختار من نحب , لما عذبنا الحب وأدمت قلوبنا مخالبه .

في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد و في الحكم المنسوبة لأمير المؤمنين :  (( العشق مرض ليس فيه أجر ولا عوض , و جهد عارض , صادف قلبا فارغا )) , فالحب لا يمكن أن يشيخ أبدا ,  قد تفقد الأقفال لونها الذهبي ,  وقد تتلاشى نضارة الخدود , ولكن القلوب المحبة سوف تعرف انه لا صقيع الشتاء وبرده يؤثر فيها , بل دفء الصيف لا يزال فيها , ولو كنا نطَّلِعُ على نوايا من حولنا لما سلب منا الوهم اعمارنا , لما كسرتنا هزائمه , نمشي دروبا لا نعرف اين تأخذنا  , نودع قريبا صار غريبا , و نلتقي غريبا تُبهرنا محاسنه , نحسن الظن في ناس تخذلنا و نسيء الظن في ناس , ليتضح ان من أسأنا الظن فيه كان يُبطن عكس ما يُظهره , فيكون ثمن نضجنا باهض الثمن .

على قارعات الروح يتشوه الوجدان , تتحطم القلوب , تموت فينا كل الاشياء الجميلة حتى نُدركَهُ , ذلك الذي أسميته حبا , وعندما نظن اننا فهمنا كل شيء , و عرفنا كل شيء , نتوقف عند انسان غريب نراه امام المرآة , ونتساءل اذا كنا نعرفه , اذ سحر الكلام وثير , وخيال الشاعر تستهويه كُحلة الحرف , وأنا اقسم اليوم سأكفر حتى بالأسماء التي تزلف بها كفرة قريش اللات والعزى , وأشهد أنهم بارعون في خيانة المشاعر, وسأمنحك حقا لكتابة على صفحات برزخ البحر , فبربك قل لي : كم مدة السجن  لتهمة التآمر على القلب ؟

يقول المتنبي : ((وَكَمْ ذَنْبٍ مُولِّدُهُ دَلَالٌ ….وَكَمْ بُعْدٍ مُولِّدُهُ اقتِرَابُ )) , هل لاحظت ان لدى المتنبي قدرةٌ عجيبةٌ على وضعِ أصابعِ الكلماتِ على نبضِ الحياةِ اليومية ؟  والحديثِ بلسانِ مشاعرِ البشر, ممَّا يجعلُ شعرَه قريباً من القلوب ؟ وأنت لا تزال مقتضب العبارة , بين لحظة انشطار الحزن , ووجع الذكريات , تبقى معك الأمنيات مجرد لحن عزفته بقايا الروح  , تلهو بأوقاتك ساعات الضجر كيفما تشاء , فيا شتات الروح , مَن يلمّك ؟ وانت الذي لا تجرؤ على اليقظة , كي لا تفيق من حلمك ؟ .

في سورة الحب نقرأ : (( الْحبُّ مرضٌ خطيرٌ لَا يُصابُ بهِ إلَّا مَنْ فِي قلْبِهِ قبسٌ منْ نورٍ )) , تعرّضَ النّبيُّ ( بُوذَا ) إلَى مرضِ الْحبِّ , و لمْ يُصَبْ أيُّ مسْلمّ , نقلُوا ضريحَهُ إلَى حائطِ الْبراقِ , بعيداً عنْ بياراتِ الْعنبِ , وحقولِ الشّعيرِ , حيْثُ يزْهُو سكْراناً , يبْحثُ عنْ حمامةٍ تنْقلُ ترْجمانَ الْأشْواقِ إلَى زيْتونِ يافَا نقلُوا برْجَهُ , إلَى الْعهْرانيِّينَ ضدَّ الطّهْرانيِّينَ , بِالْهملايَا , حيْثُ لِلْحبِّ ألْفُ لسانٍ وألْفُ ديانةٍ , دونَ أيّةِ كراهيةٍ , الْحبُّ يصيبُ النُّدْرةَ الْغافلةَ عنْ سورةِ الْحبِّ الْغائبةِ , أخْلفَتْ ميعادَهَا معَ حُبْرَائِيلَ , لمْ تتودّدْ إلَى مرْيمَ , حينَ أصابَ الْمخاضُ نخْلةَ الْحبِّ , وحينَ تكلّمَ النّبيُّ عيسَى تحوّلَ الى عابرَ سبيلٍ , وعليه فالْحبُّ يصيبُ : النّصارَى/ الْيهودَ/ الصّابئةَ/ الْمجوسَ/ الْهنْدوسَ/ الدّهْرانيينَ/أهْلَ الْكتابِ/ اللّامتديّنينَ / ومَنْ ليْسَ لهُ كتابُ الْيمينِ أوِالْيسارِ , إلَّا الْمسْلمونَ / لمْ ينْزلْ نصٌّ ولَا وحْيٌ , تمرّدَ علَى اللّهِ , وعصَى فأكلَ التّفّاحةَ , نزلْنَا نبْحثُ عنْهُ فِي الْأرْضِ , يُرافقُنَا إبْليسُ لأنّهُ أحبَّ حوّاءَ فضحَّى بِجناحيْهِ كَملاكٍ , وزرعهُمَا فِي جسدِهَا تحوّلَ شيْطاناً , يترصّدُ منْ آمنَ بِالْحبِّ .

(( الْحبُّ / لَا أخْلاقَ لهُ بِالْمعْنَى الضّيّقِ , الْحبُّ/ طفْلٌ جموحٌ يقْفزُ ضدَّهُمْ , بِأخْلاقِهِ الْخاصّةِ , يجْعلُك عاريا أمامَ ذاتِك والْآخرينَ , الْحبُّ / لَا ينافقُ , لكنَّ الْمُحبّينَ يُنافقونَ , هوَ تابُو يمارسُ طقوسَهُ فِي الظّلامِ بعيداً عنِ الْأنْظار , وعند انطفاء الأضواء ,  يثْقنُ اللّعبَ علَى الْحبْليْنِ )) .

أحدث المقالات

أحدث المقالات