اهداني مشكورا الدكتور فاضل التميمي نسخة من اصداره الجديد (( رحلات المرأة العراقية )) , حيث تضمن رحلات اربع نساء عراقيات الى بقاع مختلفة من العالم وما سطرنه من ادب مشاهدتهن في تلك الرحلات , ولكون الكتاب يتضمن دراسة ثقافية لأدب رحلاتهن , وددت ان اهدي المرأة هذه المقامة .
وصف الشاعر الفرنسي شارل بودلير المرأة التي يحبها بقوله: (( تضمد الجراح التي في عقلي )) , وحين سألوا اياد الزاملي عن المرأة قال : (( الللللللللللللله ( المرأة ) هي كما النسمة تأتي بعد عطش الرئتين …)) , وهكذا فأن بعض النساء جوامع , عليك أن تخلع نعليك , وتتوضأ لتنتقي كلماتك قبل الدخول في محرابها , والمرأة عندي مقدسة , كما أنها أيقونة للجمال والحب , وهي أيضاً أيقونة حنان ومودة ورحمة .
تقول الدكتورة منى صالح مهدي عماش : (( اسمع صوت ابي يقول لأمي في رفضه لمن تقدموا لبناته قبل الكلية او اثناءها (ماكو زواج قبل الكلية , يخلصون جامعة أول , ماتحميها غير شهادتها )) , واليوم برلمان الاخوان المسلمين بشقيهم الدعوجي والاخواني يصدر قانون يبيح زواج طفلة الـ9 سنوات , وتدافع عنه عضوه من اعضاء البرلمان , تقول: (( تستطيع بنت الـ9 سنوات ان تتحمل كافة اعباء الحياة الزوجية , وعلينا كنواب ان لانحرم بناتنا من هذا الحق)) , ماهي الحقوق ياهذه وما هي الحرية ؟ اخلعي عباءتك اولاً ثم تكلمي عن الحرية ومسؤولية الحرية , انت السائرة مع القطيع , المسكونة بالاعتقاد بانك مجرد عورة هاجسك بالحياة ان تتستري من عورتك بغطاء.
تستشهد أحلام مستغانمي ببيت شعر جميل بن معمر : ((هي السّحرُ, إلاّ أنّ للسحرِ رُقْية ً, وإنيَ لا ألفي لها الدهرَ راقيا)) , وأضافت : كانت غيمة سوداء مثقلة بالمطر ، تبحث عن أرضٍ تناديها , تخاطبها , تطمئنها وتقول لها : ارمي بحملك علي لتستريحي , رشيقةٌ أنتِ بغير المطر , بيضاء صافية كياسمين يعوم على سطح البحر , أحتاج ظلك فابقي دائما حولي , فإني المتيّم هذا السَحَر , وإنك أنتِ الطبيبة وأنت الرفيقة التي بها أحيا ودونها أفنى , بها أزهر ودونها أذبل , بها أتغنّى ودونها أنوح , يا جارةَ القمر , دعينا نكمل هذا العمر معاً , فإني متعبٌ جدا وإنك أنتِ الحبيبة وأنتِ الصديقة بهذا السفر.
كتب دستوفسكي : (( ليذهب كل الرجال إلى الجحيم , هذا ما ستقوله امرأة غاضبة الآن , وفي الصباح ستجري اتصالا مع الجحيم تخبره بأنها لم تنم , لأنها لم تسمع نبرة صوته )) , وتقول الممثلة الرائعه ميريل ستريب : (( أبدا لن أسمح لأحد بإزالة تجاعيد جبيني فهم نتيجة دهشتي امام جمال الحياة , او تلك المحيطه بفمي لانهم يظهرون كم ضحكت وكم قبلت , ولا حتى البقع السوداء تحت عيوني , فخلفهم تختبئ ذكريات احزاني وبكائي , انهم جزء مني واحب جمالهم , سأبقي على ملامحي لأنها دلالة على تجاربي في الحياة )) .
عندما سألوا د . خزعل الماجدي : (( للمرأة في كتاباتك رؤية خاصة وانت القائل : كل شعري هو ثأر للمرأة ومحاولة لعودتها كنصف حقيقيً في المجتمع , كل شعري هو غناء لعظمتها ورثاء لما فعلناه بها , كيف ترى واقع المرأة العراقية بخاصة والعربية بعامة بعد التطور في التواصل؟)) , رد د . خزعل الماجدي : المرأة هي مركز شعري , مضمونياً , فقد كتبت لها كمعلمة حضارية وملهمة وحبيبة وكنموذج عظيم للجمال ومحتشد هائل للرموز , كتبت عن عقلها وروحها الكبرى وعن جمالها وجسدها وكتبت عن عظمة دورها من خلال غوصي في بحار الحضارات والأديان , لم تكن المرأة في حياتي وفي شعري وسيلة بل غاية نذرت لها حياتي كلها )) .
لو استعرضنا رائدات النهضة النسوية العراقية في ثلاثينات واربعينات القرن الماضي , لوجدنا مئات الأسماء , مسيحيات ومسلمات , عربيات وكرديات , في كل نواحي الحياة من الطب الى الحقوق والفن والادب والصحافة والتعليم والآثار, مؤسِسات للهلال الاحمر العراقي , رئيسات صحف محلية : ( رباب الكاظمي , رفيعة الخطيب , نظلة الحكيم , مائدة الحيدري , زكية قصيرة , نزهت غنام , كن من الاوائل في ثلاثينات القرن العشرين ممن تم ارسالهن في بعثات خارج العراق ) , وعشرات غيرهن ممن ذهبن للدراسة على نفقتهن الخاصة في الجامعة الامريكية ببيروت , والى امريكا وانكلترا مطلع القرن الماضي , بنات غير متزوجات اطلقتهن عوائلهن للدراسة بالخارج ولسان حال آبائهن يقول: اكتشفي العالم , تحميكِ ثقتي , اما الوزارات فكانت نزيهة الدليمي اول وزيرة بتاريخ العراق والوطن العربي والشرق الاوسط 1959, ثم د. سعاد خليل ابراهيم وزيرة التعليم العالي والبحث العلمي في حكومة 1968, ونزيهة الدليمي لم تكن فقط اول وزيرة بتاريخ المنطقة ولكنها ساهمت في تشريع قانون الاحوال المدنية العراقي , الذي بقيَ يُعَد ارقى قانون مدني بالمنطقة , ذاك نتاج مجتمع عراقي كان وريثا حقيقيا لحضارة علمانية عمرها 8000 سنة.