كلمة الكلاوجي مشهورة جدا عند العراقيين وهي تعني المحتال , وصاحب الأخلاق السيئة والذميمة , وكلمة الكلاوجي تلفظ بالجيم الاعجمية, ظهرت هذه الكلمة أثناء الحرب العالمية الأولى , عندما قام الأتراك بتطويع شباب بغداد في البداية وباقي المحافظات بالقوة , حيث يذهبون بهم إلى معارك من البلاد العربيه إلى أوروبا وروسيا , حيث عرفت وقتها هذه الحملات (( بالسفر برلك )) معناها النفير العام . وباعتبار العراق تابعا للدولة العثمانية , ماعدا الجالية الإيرانية المقيمين ببغداد كانوا غير مشمولين بالنفير العام (( السفر برلك )) لان إيران أعلنت الحياد من الحرب , وكان الرجال الإيرانيون في بغداد يلبسون طاقية رأس وتسمى (( كلاو )) لذلك كان الجندرمة والضابطية ( الانضباط العثماني ) يميزونهم من غيرهم ولا يحاسبونهم للالتحاق بالنفير العام , مما دفع شباب بغداد من العرب بلبس الطاقية الاعجمية (( الكلاو )) في الشارع وعند ذهابهم للأسواق والمقاهي (( الجاي خانات))للتخلص من الجندرمة والسوق إلى الحرب ,وأصبحوا يعرفونهم اهل بغداد ويصيحون عليهم ((ها ….ها …. كلاو )) , ثم تطورت إلى (( ها كلاوجي )) , واخذت هذه التسمية بالانتشار ببغداد وباقي المحافظات كصفة للاحتيال والمحتالين .
أتفق العراقيون حول أصل كلمة (( الكلاوات )) في اللهجة العراقية , على أن أصلها (( القبعة )) , أو غطاء الرأس بالفارسية والكردية , ويقال إن من كانوا يعملون في السلك الرسمي أيام الدولة العثمانية بالسراي كانوا يلبسون القبعات التي صارت ترتبط بالرشى والنصب والاحتيال , فيقول العراقيون : (( دا يبيع براسنا كلاوات )) , أي أنه يحاول أن يغشنا ويستغفلنا, ولا يخلو (( الكلاوجي)) بالعراق اليوم من مدلول الظرف , ويحكى أن الرئيس العراقي السابق الكردي جلال الطالباني كان يرسل إلى الشاعر محمد مهدي الجواهري بأغطية رأس مكتوب عليها كردستان , وظل يعتمرها حتى وفاته , وبأن الجواهري قال يوماً : (( كم مرت علي كلاوات وما ثبت على راسي غير كلاوة جلال )) , وفيها توريه أو بحسب اللهجة العراقية ((حسجة )) , تقول شيء وتقصد بمعناه شيء آخر.
الكلاوات كلمة كوردية بمعنى ( ألعرقجين ) , أو غطاء ألرأس, ومن ألمثل ألقديم (كلاوت بۆ ئەدورن) بمعنى خيطولك كلاو على رأسك , وللمصريين مثل مشابه (لبسوك ألعمة أو ألعمامة ) , ولازال ألكورد يستعملون كلمة كلاو كتسمية لغطاء ألرأس حتى ألآن , كلاو هي كلمة فارسية و ليست عربية و تعني الطاقية التي توضع على الرأس , و يستخدمها العراقيين تعبيرا عن الكلام المخادع , وهناك رأي آخر يقول انها اتت من كلمة clown الانجليزية , والتي تعني مهرج لكن هذا الرأي ضعيف , وعادة نقول كلاوجي للشخص المخادع الكذاب ,
إن سئلت عن الكلاوات فإن واحدها كلاو, وعاملها هو الكلاوجي , بتعجيم الجيم , ومؤنثها كلاوجية , لاتجدها الا في معجم اللهجة الرافدينية الحلوة , السائحة فوق ألسنة الناس , العامة منهم , والنخب , أما معنى الكلاو فهو خلطة موزونة من خديعة ومكر وكذب , وهو على صنفين الأبيض منه والأسود , وقد كتب أحدهم (( شفتُ وقرأت وسمعت عن سلال مكتظة بالكلاوات , جاء بها فنانون وأدباء وعاملون كادّون في حقل الفنون الجميلة , كثرة كاثرة منهم , كنت أدركتهم ومالحتهم , وشلتُ كؤوس العافية , رانّة بعافيتهم , وأنصتُّ اليهم , حتى صار بمستطاع خشمي , أن يشمّ رائحة الكلاو , حتى لو كان منسوجاً خلف سور الصين العظيم )) .
وفي استخدامات هذه الكلمة في مجال النقد الساخر قرأت : ((هذا الشاعر النطّاع , هو من عتاة الكلاوجية , وعندك كومة مكومة , وكثرة كاثرة , من كتّاب وفنانين , كان نصف نتاجهم , مردوحاً بباب الرئيس صدام حسين , وبعد أن دارت الدوائر ودالت , والريح مالت , شالوا المايكروفونات بقوة , وراحوا يتمنطقون عن دكتاتورية أيام فائتة , حتى انترست جيوبهم بالدنانير, ونامت في بطونهم , أثمن الحيوانات , فصمّوا الأذن , وأغلقوا الفم , وسدوا العين , عن مرأى بلاد مريضة كسيحة , كسر ظهرها الغزاة , هذا الصنف من المبدعين هو بحق ,من أخطر صنوف الكلاوجية )) .
وهناك نص منشور يقول ((عندي ثلاثة أصدقاء, كانوا يكدّون في باب النقد الأدبي , وعندما بارت بضاعتهم , هجوا ونفروا صوب باب دسمة مدسمة , فصار عنوان واحدهم هو محلل سياسي يقول قوله بلغة لا تفهم باطلها من حقها , فيرضى عنه السلطان , فيشمر بعبّه , صرة ذهب , أما أنت , فتنهض متثاقلاً مدحوراً مكفهراً تالفاً صوب فراشك , وقبل أن ينشقّ حلقك من قوة التثاؤب وفرط الهزيمة , ترمي صحبك بصاروخ من فئة : (( موت الكرفك يا بيعار يا قشمر)) , هؤلاء كلاوجية , زادتهم الشاشات دربة وخبرة وقلة أدب , حفظ الله بلادي وشعبي , من كل كلاو مبين )) .