22 ديسمبر، 2024 7:35 م

مقامة القبائل و الديمقراطية

مقامة القبائل و الديمقراطية

(١)
في بَعضِ أَيّامِ نَيّْسانّْ، شَغَلَتّْ الدِّعاياتُ الانتِخابيَّةِ المَيّْدانّْ، و بيّْنما كُنّْتُ أُشاهِدُ الإِعّْلانَ تلّْوَ الإِعّْلانّْ، مِنّْ عَلى التِّلفَازِ ذِّي الأَلوانّْ، شَعَرّْتُ بأَنّْي تَعِبٌ نَعّْسَانّْ، فاستَسّْلَمتُ للنَّومِ و أَنا سَغّْبانّْ (جائع).
(٢)
استَوّْلَى عَلى عُيُونِي الوَسَنّْ، وَ تَراءَى لِي ابّْنُ الوَطَنّْ، صَديْقي (مَسّْلوبُ بنَ مَنّْهوبٍ العِراقِيّ) الفَطِنّْ، قَالَ لِي:
حَيّْاكَ اللهُ يا ابنَ (سُنّْبَةَ) الجَلِدّْ، أَ تدّْري مَا يَحّْصَلُ فِي البَلَدّْ؟.
قُلّْتُ:
لا وَاللهِ يَا (مَسّْلوبَّ) لا أَدّْري مَا اسْتَجَدّْ.
قَالَ مَسّْلوبُ:
سَأخّْبِرُكَ بأَمّْرٍ و سوّْفَ تُسّْعَدّْ!!!.
قُلّتُ:
هَاتِ مَا عِنّْدَكَ قَبّْلَ أَنّْ تُطّْرَدّْ!!!.
قَالَ:
صَبّْراً صَبّْراً لا تَحتَدّْ، الخَبَرُ سَيَأتيّْكَ بِجَدّْ.
أَ تَعّْرِفُ (سَعّْدِيَّةَ) أُمِّ مُسّْعَدّْ ؟.
قُلّتُ:
نَعَمّْ … فمنها النَّفْسُ تَمُوتُ و تَهّْمَدّْ.
قَالَ مَسّْلوبُ:
لقَدّْ رَشَّحَتّْ للانْتِخَابَاتِ لِتَفُوْزَ بِمَقّعَدّْ.
قُلّتُ:
باللهِ عَليّْكَ يا (مَسّْلوبّْ)؟!!. كَيّْفَ لَها الأَصّْواتُ تُحْشَدّْ؟.
قَالَ (مَسّْلوبُ):
إِنَّها تَقُوْلُ بِأَصّْوَاتِ عَشيرَتِها تُرّْفَدّْ.
قُلّتُ لَهّْ:
نَعَمّْ … فَلَهَا عَشيّْرَةٌ كَثيّْرَةُ العَدَدّْ، وَهِيَ لَهَا خَيّْرُ سَنَدّْ، وَهِيَ مِنّْ عَدَنٍ إِلى بَغّْدَادَ تَمّْتَدّْ، وَ بالتَّأكيّْدِ سَتَفُوْزُ بِهَذَا المَدَدّْ.
(٣)
قُلّتُ:
لَكِنَّ يَا (مَسّْلوبَ)؛ أَ تَدّْرَيّْ مَا المَحّْذُورْ؟.
قَالَ (مَسّْلوبُ):
لا … أَنّى لِيَ العِلّْمَ بِمَا فِي الصُّدُورّْ؟.
قُلّْتُ:
ثِقّْ يَا (مَسّْلوبّْ) لَقدّْ وَقَعّْنَا بالمَحّْذوْرّْ، يَومَ قَبِلّْنا بالمُحاصَصَةِ وكُلِّنَا مَجّْبورْ، فجَرَّتّْ علَيّْنَا الوَيّْلَ وَ الثُّبُورّْ، فَتَضَاعَفَتّْ فِي مَقابِرِنَا القُبُورّْ. وَ الأَدّْهَى يا ابنَ (مَنّْهوبٍّ) الغَيُورّْ، سَنَنّْتَقِلُ مِنّْ مُحَاصَصَةِ الوَيّْلِ وَ الثُّبُوْرِ، إِلى مُحَاصَصَةِ النَّهْوَةِ وَ العَطّْوَةِ وَ الفَصّْلِ بالأُمُوْرّْ، إِنَّهَا ديْمُقّْرَاطِيَّةُ العَشِيّْرَةِ عَلى الأُصُولّْ.
(٤)
وَ اللهِ يا ابنَ (مَنّْهُوبٍ) الكَامِلّْ، إِذَا آلَ الأَمّْرُ لِديّْمُقّْراطِيَّةِ المَهَازِلّْ، فَاعّْلَمّْ أَنَّ عِرَاقَنَا سَيَصّْبَحُ أَمّْرٌ زَائِلّْ، وَ كُلٌ سَيُمّْسِكُ بِشَيّْخِ عَشيّْرَتِهِ البَاسِلّْ، وَ عَلى النَّاسِ سَتَجّْرِي المَعَاضِلّْ.
(٥)
و حينُها مِنَ العِرَاقِ سَنُغَادِرّْ، وَ نَسّْكُنُ بَطَائِحَ الحِجَازِ وَ حَائِلّْ، نَرْعَى الجِّمَالَ وَ سُيُوفُنَا بالحَمَائِلّْ، نُدَافِعُ عَنّْ حَرَائِرِنَا وَ نُقَاتِلّْ، وَ سَلامٌ عَلى العِرَاقِ فَأَمّْرُهُ زَائِلّْ، لأَنَّ حُكّْمَهُ صَارَ بِديّْمُقّْراطِيَّةِ القَبَائِلّْ.
(٦)
وَ أَنَا أَتَحَدَّثُ مَعَ (مَسّْلُوبٍ)، شَعَرّْتُ بِبَرّْدٍ فِي بَدَنِي يَجُوبّْ، فَانّْتَفَضّْتُ انّْتِفَاضَ مَرّْعُوبّْ، وانْتَبَهْتُ مِنّْ نَوّْمِي، وَ كانَ الوَقّْتُ غُرُوْبّْ، وَ إِذَا بِالسَّمَاءِ تَمّْطُرّْ فَفَاضَتّْ الدُّرُوبّْ، وَ ارتَدَّ المَاءُ إِلى البُيُوتِّ مَخّْبُوبّْ (مرتفع)، غُرَفُ دَارِي صَارَتّْ لِلمَّاءِ جُيُوبّْ.
فَلَعَنّتُ الدّْيمُقّْراطِيَّةَ، وَ العَمليَّةَ السِّياسيَّةّْ، وَ صَرَخّْتُ مَتَى الحَلَّ يَا (أَفنّْديَّةّْ)؟.
ضَاعَتّْ الأَحْلامّْ، وَ سَادَتّْ الأَوّْهَامّْ، وَ سَقُمَتّْ الأَفْهَامّْ، وَ ضَاعَتّْ القَّضِيَّةّْ.