(( الحُزنُ الكامِنُ في عُمقي حُزنٌ مَجهولُ الأسبابْ , والقلبُ الساكِنُ في جَنبي مِثلُ السِّردابْ
الحزنُ الكامِنُ في عُمقي حزنٌ مَجهولُ الأسماءْ , حزنٌ يَتَوغَّلُ في جِسمي حتى الإعياءْ
الحزنُ الكامنُ في عُمقي حزنٌ مِن خوفٍ مجهولٍ , خوفٍ مِن كلِّ الأشياءْ )) .

اقتصر تعريف الجرجاني للإنسان على تعريف الفلاسفة له بأنه ))الحيوان الناطق ((,
وفي لسان العرب نجد ّعدة مفاهيم له (( فالإنسان أصله إنسِيان لأن العرب قاطبة
قالوا في تصغيره أُنسيَان)) , وذُكر للأنسان معنىً آخر وهو النسيان , هو ما كان على لسان ابن منظور عن ابن عباس قوله : (( إنما سُمِّي الإنسان إنساناً لأنه عهد إليه فنسي , بدليل قوله تعالى (( ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم يجد له عزمًا)) طه: 115, وبهذا المعنى قال الكوفيّون إنه مشتقٌ من النسيان , وفي قاموس المعاني  : (( الإنسان  اسم جنس لكائن حيّ مفكِّر قادر على الكلام المفصَّل والاستنباط والاستدلال العقليّ , يقع على الذَّكر والأنثى من بني آدم , ويطلق على المفرد والجمع )) .

يقول الشاعر: (( ألا إنَّ للبوحِ سحرًا مبينًا يُزيلُ عن النفسِ ما قد يكونُ , ففضفضْ لعلَّك تجدُ سلوةً فإنَّ الفؤادَ من الكتمِ حزينُ )) , ويقول علماء النفس إن ((الفضفضة)) تلعب دوراً هاماً جداً في الحفاظ على الصحة النفسية للإنسان , وبديهي بين الحين والآخر أن نبحث عمن نفضفض له ,أحيانا نحتاج لساعات فضفضة مع أشخاص نرتاح لهم و قلوب تحس بوجعنا , و تأنس لرفقتنا فنشعر اننا أزحنا عن انفسنا أثقالا من الهموم و شحنا طاقة تمدنا بالقوة و تهون لنا الامور الصعبة ,قد يشعر المرء بنوع من خيبة الأمل أو الإحباط أو الغضب في مرحلة ما من العمل , وفي بعض الأحيان قد يعبر عنها لزميل فيما يعرف بالحاجة للتنفيس عن المشاعر, أو الفضفضة , أن عملية التنفيس هذه ممارسة شائعة , نحن في أمس الحاجة إلى الفضفضة وإلا سننفجر.

يقول الشاعر: (( كم من جراحٍ شفيت بالبوحِ وكم من همٍّ زالَ بالوضوحِ , فلا تكتمْ في القلبِ ما يؤذيكَ فإنَّ الصراحةَ خيرُ نصوحِ )) , هناك طريقة للفضفضة تتم من خلال الكتابة , وهى أفضل علاج للتخلص من الضغوط النفسية , لذلك ينصح علماء النفس بأن نكتب كل ما نشعر به من مشاعر غضب و حزن  وخجل أوخوف , وليس فقط ما حدث معنا بالفعل , ولا ندع أحدا غيرنا يقرأه , هذا من شأنه أن ينشط الذاكرة , وينظم الأفكار, ويمنحنا الفرصة للتعبير عن مشاعرنا دون خوف أن نتعرض لنقد من الآخرين.

يقول الشاعر: (( إذا ما ضاقتْ بكَ الدنيا بما رحُبَتْفبوحُكَ للناسِ يُجلي عنكَ أحزانَا , فإنَّ للبوحِ سحرًا فيهِ راحةُ يُزيلُ عنكَ الأسى والحزنَ ألوانَا )) ,الفضفضة نافذة الروح إلى الراحة والسكون , ففي خضم الحياة المتسارعة  , وتراكم الضغوط والتحديات , يجد الإنسان نفسه مثقلاً بأعباء نفسية تثقل كاهله , وتكدر صفو حياته , وهنا تبرز أهمية الفضفضة كآلية فعالة للتخلص من هذه الأعباء , واستعادة التوازن النفسي , فالفضفضة ببساطة  هي التعبير عن المشاعر والأفكار المكبوتة , ومشاركة الهموم والأحزان مع شخص موثوق به , إنها عملية تفريغ للشحنات السلبية التي تتراكم داخلنا , وتؤثر على صحتنا النفسية والجسدية , أن الفضفضة ليست علامة ضعف , بل هي علامة قوة وشجاعة.

يقول الشاعر: (( إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسهِفصدر الذي يستودع السر أضيقُ , ولكن إذا فاضت دموعك بالأسى فإن الذي يواسيك بالحب أصدقُ )) ,ويقول آخر: (( أفض بوحًا لمن تثق بهِ ففي البوحِ روحٌ للقلبِ تُحيي , فكم من همٍّ ثقيلٍ قد زالَ بكلماتٍ من صديقٍ وفيِّ )) , أحيانا ما تكون الفضفضة مع الآخرين ليست من أجل أن يقترح عليه حلا , ولكن للشعور بالارتياح عندما يتحدث ويخرج ما بداخله , هى بمثابة علاج نفسى تماماً كما يذهب المريض النفسى للطبيب , وبعد جلسة العلاج يشعر بتحسن فى حالته النفسية , فأهم شىء أن نفضفض مع شخص نرتاح له ونثق به , لنفرغ همومنا ومشاكلنا , أحلامنا وأمنياتنا , وهذا الشخص قد يكون أخا , صديقا , زميلا , حبيبا , أو قد يكون الورقة والقلم ,  وقد صدق من قال : (( تحدثْ ولا تخشى ففي البوحِ راحةُ وكمْ من همومٍ بالحديثِ تزولُ , فإنَّ الذي يكتمُ الهمَّ في الحشا كذي نارِ كبريتٍ بها يشتعلُ )) .

أحدث المقالات

أحدث المقالات