نشر صاحبنا أمنية يقول انها تشغله دوما , وان كان يعرف قول بعضهم : التمني رأسمال المفلس , تقول الأمنية : (( اتمنى ان يكون الفرح عند الناس كالشمس لا يبرد ابدا )) , وألفرح هو شعور بالسعادة والسرور, وهو نقيض الحزن , يمكن أن يكون نتيجة لتجارب إيجابية , مثل تحقيق هدف , أو قضاء وقت ممتع مع أحبائنا , أو ببساطة الشعور بالرضا عن الحياة , والفرح هو لذة في القلب لنيل المشتهى , والكلمة ترادف السرور والحبور والجذل والغبطة والبهج والارتياح والاستبشار والاغتباط ,, ويقاربها الفرج , وَيُسْتَعْمَلُ فِي مَعَانٍ أَحَدُهَا الْأَشَرُ وَالْبَطِرُ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ القصص76 , وَالثَّانِي الرِّضَا وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ المؤمنون53 ,وَالثَّالِثُ السُّرُورُ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ آل عمران 170[ , ويطلق على الاحتفال ببعض المناسبات الخاصة مثل : الزواج , والخطبة , والعرس , ومنه الفرائحي للغناء يغني في الأعراس , وقد وردت مادة ( فرح ) ومشتقاتها في القرآن الكريم اثنتين وعشرينَ مرّةً , وقد صنّف بعض العلماء الفرح إلى نوعين , الفرح المذموم , وهو الفرح الذي يحمل عليه الأشر والبطر كفرح قارون ﴿إنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾ , والفرح المحمود , هو الفرح بتحقيق طاعة الله أو بالحصول على نعمة من نعمه , قال تعالى :﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ , قال ابن عطية في الضابط في الفرح المذموم وغير المذموم في القرآن : (( الفرح إذا ورد مقيدًا في خير فليس بمذموم وإذا ورد مقيدًا في شر أو مطلقا لحقه ذم إذ ليس من أفعال الآخرة )) .
يعتريني الفرح عندما أكتب , من دفء أفراحي وصقيع أتراحي , من ذخيرة ذاكرتي , من قواميسي المنهكة , من كل عتمة سكنَتْني وطلبتني أن أكتبها ,يفرحني كل هذا النبض الصادق , وفرحي المستمر حين أشعر أنني أكتب لأحس اني موجود , وأنا أكتب لأنني لا أستطيع أن أحيا إلا بالكتابة , وأقرأ لأن المعرفة عندي ليست رفاهية , بل حاجة عضوية ,مثل الهواء والماء , ويعتبر الفرح من المشاعر الأساسية التي تلعب دورًا هامًا في صحتنا النفسية والجسدية , وهو نقيض الحزن , وقال ثعلب : (( هو أن يجد في قلبه خفة )) , وانشراح الصدر بلذة عاجلة وأكثر ما يكون ذلك في اللذات البدنية , وقال القرطبي : (( الفرح لذةٌ في القلب بإدراك المحبوب )) , وقال الجرجاني: (( الفرح , لذة في القلب لنيل المشتهى )) , وقال أبو هلال العسكري (( الفرق بين السرور والفرح , أن السرور لا يكون إلا بما هو نفع أو لذة على الحقيقة , وقد يكون الفرح بما ليس بنفع ولا لذة , كفرح الصبي بالرقص والعدو والسباحة وغير ذلك مما يتعبه ويؤذيه ولا يسمى ذلك سرورا )) .
تفرحني رسائل المحبة الصادقة في تلقائيتها , بكلمات الناس الطيبين الذين يضمّونك في كلَ كلمة يتركونها لك من دون أن ينتظروا منك مقابلاّ , الذين يشكرونك على أمر لا تدري به . لتدرك أخيراً وحين وعي , أن بعض الجهل سعادة , لتعيش هكذا فى ارتياح , وما عليك إلّا أن تكون متجاهلا كما قال المعري : (( ولما رأيتُ الجهلَ فى الناس فاشيًا تجاهلتُ حتى قيل أني جاهلٌ )) , وأعمل بنصيحة محمود درويش : (( وإذا جاءك الفرح , مرة أخرى , فلا تذكر خيانته السابقة, ادخل الفرح , وانفجر)) .
يقول شوبنهاور: (( هناك أمزجة تفرح لمجرد أن حالفها الحظ بأنْ فازت لمرة واحدة بمكسبٍ ما , ولو أخفقت عشر مرات أخرى , وآخرون يشعرون بالتعاسة لو ربحوا تسع مرات وأخفقوا في واحدة )) , ويقول زرادشت : (( إنّ الإنسان لم يفرح كثيرًا في هذه الأرض , مذ أول وجود له , حتى اللحظة )) , (( لقد خلقنا الإنسان في كبد )) , لربّما لا يكون الفرح غاية أو مقصدا للحياة. ومن الجيّد للإنسان ألا يضع الفرح كهدف مركزي في حياته , كي يحمي نفسه من خيبة مؤكّدة سوف يصطدم بها , لعلّ هذا ما يُفسر شعور الكثير بالكآبة الغامضة , ذلك الضجر المفاجئ والغريب مساء يوم العيد.
للناس طبائع وميولات غريبة في الفرح , فهناك من يفرح بأبسط الأشياء , وهناك من يتكدّر لمجرد أنه ربح كثيرًا, ليس للفرح أي معادلة ثابتة , ولا أي تفسير منطقي موحّد , فالطبائع الأساسية للبشر هي من تُقرر ما إذا كان شيء ما مفرح لهذه الشخصية أو تلك , فقط هناك شرط أساسي يتماثل لدى الجميع , وبدونه يتعذّر أي إمكانية للفرح لدى الجميع , شرط الصحة الجيّدة أولًا, لهذا السبب ربما يكون أول سؤال يفتتح به البشر الحديث مع بعضهم : كيف حالك ؟ كيف صحتك ؟
اننا نحتاج الفرح في كل مكان , وكل زمان , ونحتاج السلام لنشعر بالفرح , الفرح لحظة , والرضا حياة , و السعداء لا يملكون كلّ شيء بل مقتنعين بكلّ شيء ,لأن السعادة لا تحتاج إلى استحالات كبيرة , أشياء صغيرة قادرة على أن تهزنا في العمق ,والفرح نصف الصحة , الفرح ثقافة فلنتعلم كيف نصنعها , نحن لا يمكن أن نتعلم الشجاعة والصبر إذا كان كل شيء في العالم مليئاً بالفرح , فلا شتاء دون ثلج , ولا ربيع دون شمس , ولا فرح دون مشاركة , أحياناً الفرح هو مصدر ابتسامتك , ولكن في بعض الأحيان يمكن أن تكون ابتسامتك مصدر فرحك .
دائماً يوصف شعور الفرح الشديد بأنه شعور الخفة, يوشك الشخص من فرط السعادة أن يطير وكأن لهُ أجنحة تخرج مع شعوره بالفرح , وكأن أيضاً ملايين الفراشات تُحلّق في قلبه , حتىٰ في الروايات يوصف السعيد بهذا الوصف , اتمنىٰ لنا جميعاً بلا استثناء أن تغمرنا السعادة قريباً فنكاد نطير من فرحتنا ,من المعروف أن الفرح ضروري لصحة الفرد وصحة من حوله , فهو يبعد الخوف الذي يزيل شعوره بالأمان , لكن هل يمكن للإنسان أن يجد لحظات الفرح حتى في الأوقات الصعبة ؟