22 ديسمبر، 2024 12:27 م

يقول الغراب لنا : لا تنسوا , بحسب الخيال الإنساني المتراكم والوهم المقدس , و الأساطير المتوارثة ,  فقد مات هابيل بلا أطفال , وهذا معناه أن البشر ينحدرون من القاتل قابيل , فلا غرابة , من تأصل النزعة العدوانية فيهم , فكيف نفعل مع الذين يدّعون الإسلام قولا وأفعالهم سلوك شيطان رجيم ؟ يشرّعون العيوب والمثالب , ويرفعون رايات دين رحيم وهم من أعتى المجرمين , ويتخذون من رموزه ذرائع للفعل المشينويغتصبون حقوق الآخرين , والفتاوى عندهم فوق كل شيئ , وهي الدين القويمفعن أي دين يتحدثون ؟

قرأنا للفيلسوف الصيني لاو تزو: ((  حين أراد الذئب أن يعلم صغيره دروساً في الحياة ذهب به إلى قطيع الأغنام وقال له : لحوم هذه لذيذة ,  ثم أشار إلى راعي الأغنام وقال له محذراً :  عصا هذا الرجل مؤلمة فأنتبه أن تمسَّك  ,  ولما رأى الذئب الصغير كلباً يقف بجوار الأغنام قال له : هذا يشبهنا يا أبي , فأجابه : اهرب حين ترى هذا الكائن فكل ما عانيناه في حياتنا كان سببه أولئك الذين يشبهوننا ولا ينتمون إلينا  )) , ياله من درس , والحكمة تقول:  (( إن كان عدوّك فأراً فأحسبه أسداً,  وإستحضر له وفقاً لمخاطرألأحتمال الأسوأ .

من الأسئلة : كيف لبلد بكل هذا الثراء , أن ينتشر فيه كل هذا الفقر؟ من دروس الحياة : الأوهام تؤجل الحلم , وعندما تكون عبدا لا يمكنك أن تحب , هاهم يتعاملون معنا بالطريقة الاسهل لصناعة دولة فاشلة , فهم يخنقون أفضل مافينا ليصعد أسوأ مافينا , فيحصلون على البلاد , ويجعلون الوظيفة الحقيقية للتعليم هى التجهيل , وللاعلام هى التضليل , وللتشريع هى تقنين النهب للكبار فقط , الم يعلمنا الأجداد ان السعادة تتطلب تمرداٌ ؟ وأننا ان وثقنا بأرادتنا نجدها ؟  وفي بلدي , كل المطلوبعودة حملة السلاح الى ثكناتهم العسكرية , وخروج المثقفين من ثكناتهم الثقافية .

علمنا التاريخ انه يمكن السيطرة على الحياة المادية للشعب , لكن لا يمكن الحفاظ عليها إلا من خلال القمع الدائم المنظم لثقافة الشعب , وأن كترة الضغط تولد الانفجار, وعليه لماذا الاستمرار فى الضغط طالما ان النتيجة معروفة ؟ المعلوم ان حق الأنسان في أبداء رأيه هو الذي يعطيه الشعور بأنه ينتمي لجنس البشر, ولما كان النقد الذاتي هو الضمانة الأكيدة للتطور, اصبحت الفريضه الغائبةهو أستمرار تغييب التقاليد الديمقراطية وأصبح ( النقد الذاتي) أبغض الحلال عند العراقيين , خاصة النخب منهم .

في معركة الوعي تعتبرالمقاومة الثقافية هي الأهم , حيث يمكن للمهيمن أن يدمر جوانب ثقافية , لكن لن يهزم المقاومة الثقافية لأنها تمتد لألاف السنين , ولضمان أستمرار الهيمنة التي تسمح بنزح ثروات البلد , لابد من كسب العقول والقلوب , مما يتطلب بالضرورة عملاء ثقافيين , فعلى المثقفين ان يتوقفوا عن عملية الهدم لتاريخ الشعب الثقافي الوطني والقومي , فالشعب الذي يخجل من تاريخه لا يمكن له ان ينهض ويتحرر , ولن يكتمل تحرر وتقدم أي شعب ألا عندما يستعيد وبدون عنصرية القيم والرموز الأيجابية التقدمية في ميراثه التاريخي الثقافي , ولا يمكن التقدم دون ازاحة الركام من الطريق .

تخبرنا الأحصاءات أن  99%  ممن داخل السجون هم من الفقراء فقط , مع ان كل السرقات الكبرى يمارسها حصراٌ الاغنياء فقط , وعليه فأن عبقرية ارهاب الدولة القمعية , انها تجعل عمليات القمع تتم كعملية بيروقراطية , يتم تفكيكها لمراحل صغيرة وكل شخص مسئول عن مرحلة يؤديها بشكل روتيني باعتباره موظف , فلا يشعر بالعار , ولو انتبهنا لأنشودة الغراب لفهمنا ان : (( كل من اكتفى اختفى  , لو كان محبا لبقى  , ولو كان معاتبا ل حكى  , لو كان مشتاقا ل أتى  , لو كان خيرا لبقى , لكنه لم يكن )) .