السفير هو الموظف الدبلوماسي الأعلى الذي يترأس سفارة لتمثيل بلاده في الخارج , عادةً يُوفد السفير للحكومات أو الأقاليم المستقلة الأجنبية أو المنظمات الدولية ليمثل حكومة بلاده (أو بلادها , إن كانت سفيرة) , وفي كل ركن من أركان الدنيا يوجد حتما شيء مدهش , وفي كل إنسان يوجد الخير والسيئ , وقد تغدق عليك الدنيا بخيرها وتسوقك الأقدار إلى مكان لم تظن نفسك يوما واصله , وتلاقيك بأناس اختلفوا في الصفات والنوايا , واجتمعوا في هذا المجمع النبيل , فكان الجزاء عبراً , وصداقات أناس من طينة نادرة , أقل ما يقال عنهم : خير سفراء لأوطانهم , ان عملهم الدؤوب لتمثيل أوطانهم في الخارج أفضلَ من الجالسين على كراسيهم الفخمة ومكاتبهم المكيفة , يستحقون من أجل ذلك حقا أن يلقبوا : سفراء الأوطان.

 

النجوم وحدها لا تضىء السماء , بل يضيئها أيضًا أولئك الذين يحملون عشق أوطانهم فى قلوبهم أينما ذهبوا , ويصنعون أمجادها حتى وإن فرقتهم المسافات عن أرضهم التى نشأت فيها جذورهم وتكوّنت ملامحهم الأولى , يحملون أوراق اعتماد رسمية أو جوازات دبلوماسية , ويحملون معها بإيمان نادر هوية لا تزول ورسالة لا تنطفئ , يعملون فى صمت من مواقعهم الرفيعة , كجنود أقسموا على رفع راية وطن لا تغيب عنه ذاكرتهم , إنهم الواجهة الحقيقية للعراق فى العالم , السفراء المؤثرون الذين يعززون صورة العراق الإيجابية , وفى ظل وجود نماذج عراقية مشرفة ومؤثرة بالخارج , تأتى أهمية استغلاهم بالشكل الأمثل حتى تستفيد الدولة منهم , ليس فقط من عقولهم وخبراتهم المتراكمة , بل لعكس صورة إيجابية جاذبة للعراق .

 

إنّ اختيار السفراء ليس مجرد إجراء روتيني , بل هو قرار استراتيجي مصيري ينعكس على أمن البلد واستقراره ومصالحه العليا , ففي ظل الظروف الإقليمية الراهنة التي تشهد صراعات وتوترات متزايدة , يصبح دور الدبلوماسية الخارجية أكثر أهمية من أي وقت مضى , السفراء هم خط الدفاع الأول عن مصالح الوطن في الخارج , وهم الواجهة التي تعكس مستوى وعي قيادته وكفاءتها , وفي ظل التحديات الجيوسياسية الإقليمية لتغيير الشرق الأوسط , وبعد ما حدث في سوريا ثم لبنان وإيران , يفاجئنا مستوى الوعي المرحلي لبعض قادة العملية السياسية في العراق , الذين يفترض بهم الشعور بحالة الخطر القصوى , والتحرك على كل المستويات وعلى رأسها إعادة بناء المنظومة الدبلوماسية , ومنظومات جمع المعلومات وتحليلها , باعتبارها خط الصد الوحيد المتاح امام العراق بعد استحالة التفكير بخط الصد العسكري مع تفوق جيش ألأعداء , حيث قرروا أرسال أبنائهم وأزواج بناتهم ليمثلوا العراق في هذا الظرف المشتعل , مستعرضين فسادهم المخزي و طريقتهم الفاشلة في حماية مصالح العراق لدى تلك الدول .

 

لا يمكن أن تُترك المناصب الدبلوماسية الحساسة لأشخاص لا يملكون الخبرة والكفاءة اللازمة , فإرسال أشخاص من العوائل الحاكمة أو المقربين منها , لمجرد تحقيق مكاسب شخصية , يُعدّ خيانة للأمانة الوطنية وإهدارًا لفرصة حماية مصالح البلد في الخارج , السفراء يجب أن يكونوا خبراء في السياسة الخارجية والعلاقات الدولية , وعلى دراية تامة بتفاصيل الأوضاع في الدول التي يُعيّنون فيها , كما يجب أن يمتلكوا القدرة على تحليل الأوضاع والتأثير على صناع القرار في تلك الدول , ولكي يؤدي السفير دوره على أكمل وجه , يجب أن تتوفر فيه مواصفات محددة , أولها الكفاءة المهنية , أذ يجب أن يكون السفير محترفًا في عمله , ملمًا بالقانون الدولي والبروتوكول الدبلوماسي , وقادرًا على التفاوض بمهارة , ثم تأتي الخبرة السياسية , فيجب أن تكون لديه خبرة واسعة في الشؤون السياسية الخارجية , وفهم عميق للتحولات الإقليمية والدولية , ويجب أن يكون ولاؤه الأول والأخير للوطن , وأن تكون مصلحة البلد فوق أي اعتبارات أخرى , مضافا لذلك الذكاء والدهاء , حيث يجب أن يكون قادرًا على استشراف المستقبل والتنبؤ بالتحديات , واتخاذ القرارات الصائبة في الوقت المناسب , ويجب أن يكون لديه مهارات تواصل عالية , وقدرة على بناء علاقات قوية مع نظرائه في الدول الأخرى .

إنّ تقديم قائمة سفراء لا تتوفر فيهم هذه المواصفات , يُعدّ رسالة سلبية للمجتمع الدولي وللشعب نفسه , إنها تُظهر أن القيادة غير مدركة لحجم المخاطر التي تحيط بالبلد , وغير مهتمة بتحقيق مصالح الوطن العليا , يعني عدم ألأدراك ان ألأقليم يمر بمرحلة تاريخية خطرة قد تعيد تقسيم الدول وتغير أنظمتها , وان الصهاينة لن يتوقفوا عند سوريا بعد ان وجدوا كل الظروف مواتية , وقائمة السفراء اذا بقيت دون سحبها , تُثبت أن من قدمها يعتبر من ضمن الظروف الخطيرة المحيطة بالعراق والمنطقة .

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات