23 ديسمبر، 2024 12:42 ص

مقامة الراقصة والطبَّال : (شذرات من أصداء مقال الدكتور محمود الجاف )

مقامة الراقصة والطبَّال : (شذرات من أصداء مقال الدكتور محمود الجاف )

في الليالي التي كتمت …..

هذا ماكنا نفتقده , وكان ينقصنا حتما , بعدما أطبقت السماوات علينا , وأظلمت الدنيا , وليس من طريق , هل من أمل قريب بالخروج من الأقواس الكاتمة لتنفس الكلمات المطلوبة ؟ هل من أملٍ بفجر جديد يخرج عربَ المنطقة من هذه الرقصات الدائرية القاتلة ؟ رقصات تداعب أذرع الفناء على مسرح العبث واللامعقول السياسي؟

 

كان الفيلسوف اليوناني ديوجين  (  ديوجانس الكلبي  )  يعيش بتقشف ويأكل الخبز والعدس , و لما رآه الفيلسوف أرستيبوس القوريني , قال له :(( لو تعلمت كيف تتملق للملك لما اضطررت للعيش على أكل العدس)) , فأجابه  الفيلسوف ديوجين  : (( لو تعلمت أكل العدس لما اضطررت لتملق الملك )) , تذكير بقيَم لم يعد لها وجود , ولا حتى قبول , لأن الشعوب لا تعير القيم أهمية في ساعات الهياج , كلما كان المرشح أخلاقياً , بدا ضعيفاً وباهتاً , الجماهير تتبع الصخب والقوة , كما قال عالم النفس الفرنسي الأشهر لُو بون , تصفق للخراب , وتَسكر برائحة الغبار والركام.

 

ذُهِلَ المتنبي من مديحِ المصريين لكافور ومن وصفِهم له بأن بدرُ الدجى , وعندما قرأت تطاول إبن تيمية وأتباعه على الصوفيين , لم أندهش , فكيف يعيش مثلُه مع هذه القيم :
التعددية + الغيرية + قبول الآخر + التعايش المشترك ؟ يقول أبو حيان التوحيدي عن ولوع العرب بالكلام : وُلوعهم بالكلام أشدُّ من وُلُوعهم بأي شيء , وكُلّ ولوعٍ لهم بعد الكلام فإنمّا كان بالكلام , وذهب المفكر عبد الله القصيمي أبعد من ذلك , قال
: يحسبون أن كلّ ما قالوه فعلوه .

ساكتٌ صاحبي عن الحق , مصنوعٌ وجههُ من ذلةٍ مفرطة ,كأنهُ حاكمٌ عربيّ , علتنا هؤلاء المحايدون الواقفون على التل , صوّرت الأديبة الجزائرية أحلام مستغانمي جزءاً من موقف الحياد في روايتها الجديدة والبديعة (أصبحتُ أنت) :   ((كبعض البشر, الحمام يَلْحَق كل من يُطعمه, لذا يمكن الإمساك به من دون عناء, الحَمام طائر لا صوت له, اختار أن يأكل, ولأنه بالفطرة جبان لم يشارك يوماً في معركة, ولم يأخذ موقفاً من أي خلاف, هو متفرجٌ محايد, لا يعنيه أن يفهم ما يحدث, وأقصى غايته أن يتابع تحركات الجميع, ليضمن النجاة بريشه قبل وقوع الحدث)) .

 

صديقي المنفي في عمان كتب على صفحته : أصعدُكلّ صباح فوق نقطة عالية بجبل في عمّان الجميلة ،وأستقبل بلهفةٍ طلوع مشرق الله البديع , أرى وجهالشمس مكفهراً وحزيناً وتالفاً , فأعلم أنها قد مرتمن فوق العراق .

 

لما كان لكل عصر جاهليته , نحن اليوم نجمع جاهلية كل العصور, وها هم يبيعون الوهم لمدمنيه بالمنطقة , ولو عدنا للوراءِ وتحديداً لسنةِ 1902 وتخيلنا أنفسنا فى مدينةِ الرياض/السعودية وسألنا الناسَ عن إسمِ الحاكمِ فسيقولون لنا : إسمه عبدالعزيز آل سعود, وإذا ذهبنا اليوم فى سنة 2023 لنفسِ المدينةِ وسألنا الناسَ عن إسم الحاكم فسيقولون لنا : إسمه سلمان بن عبدالعزيز فنسألهم : وماذا يقرب ل عبدالعزيز آل سعود ؟ فسيقولون : هو إبنه , ومعنى هذا الكلام أن الحاكمَ الحالي هو إبن من كان حاكمَ نفس المكان منذ 121 سنة
وهذا شيء لم يحدث لا من قبل ولا من بعد .


لن أزيد على هذا, يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.