23 ديسمبر، 2024 10:25 ص

مقال مقطّع الأوصال

مقال مقطّع الأوصال

قبل كتابتي لهذا المقال جذب نظري رابطٌ على صفحة فيس بوك العامة بعنوان خزنة مسؤول شريف ! ولما ضغطت على الرابط ظهر أحد أبراج دبي يتعرّض الى صاعقة بلقطة سريعة ثم رأيت مسؤولاً رفيعاً بحكومة المحاصصة يرتدي دشداشة حسينية سوداء وهو يخاطب رجال الإطفاء قائلا : “ردْنَهْ إنّزِلْ الخزنهْ بلا زحمهْ ” ثم لقطات لشقته الفارهة التي تعرضت للإحتراق في أعياد رأس السنة ومحاولة رجال الإطفاء فتح خزنته شبه المنصهرة بمنشار كهربائي وعتلات مساعدة ، وحين تمكنوا من فتحها ظهرت الخزنة مليئة بسبائك ذهب تقدّر بملايين الدولارات ، وللذي لا يعرف هذا المسؤول الرفيع فهو قيادي بمنظمة عسكرية تابعة للتحالف الوطني وأصبح محافظا لبغداد ثم عضوا في مجلس محافظة بغداد ، وتلاحقه شبهات بإستيلائه على خمس مليارات دينار كانت مخصصة لدعم الحشد الشعبي ، الذين يحرقون البخور لهذا المسؤول الرفيع وضعوا تعليقاً بائساً تحت الرابط كتبوا فيه ان هذا الشخص الذي يطالب بخزنته ليس هو المسؤول الرفيع ؟ وأقول متهكماً عليهم ..يخلق الله من شَبَهْ اللصوص أربعين ! عدت الى مقالي الذي نويت كتابته عن تداعيات الإعتصام الذي نُصبتْ خيامه أمام المنطقة الحمراء كما أطلق عليها زعيم التيار الصدري ، وبعد كتابتي لسطرين جاء فيهما .. ماجدوى إعتصام الناس ومعاناتهم اذا لم تكن هناك خريطة عمل واضحة يشرف عليها وطنيون مخلصون ويضع خطواتها الناجعة أكادميون مختصون بشؤون الدولة لإنقاذ البلاد من الفوضى والخراب قبل وقوع المحظور بإقتحام أسوار منتجع الساسة النائمين بالعسل .. ” بغتةً رنّ هاتفي النقال وكان المتصل من العراق أحد أصدقائي الشعراء ، كنت قد طلبت منه قبل أسابيع متابعة معاملتي التي مضى عليها أكثر من سنة في لجنة التحقق من المفصولين السياسين في رئاسة الوزراء ، أخبرني أن رئيسة اللجنة ستعرض معاملتي على لجنة من القضاة قريباً ، أجبته أن هذا النبأ ليس جديداً حيث سمعته منذ شهور ماضية من قبل صديق آخر يعمل برئاسة الوزراء تخلّى عن متابعة معاملتي فجأة لأسباب شخصية بعد ان كتبت له مازحاً عن تورطه بفساد إداري قديم ، وإنقطع عني وماعاد يرد على رسائلي برغم إحتضاني لموهبته الأدبية أيام حصار جائر ، وربما شهادة الدكتوراه التي حصل عليها برمشة عين أخيراً ، جعلته يحلّق بإجنحة غرور في سماء فساد المنطقة الحمراء .. شكرت صديقي الشاعر لنبله وإخلاصه لصداقتنا ومتابعة معاملتي وعدت لمقالي وقبل ان اكتب سطراً جديداً عن معضلة الإعتصام ، لفت نظري خبراً أدبياً يستحق الإنتباه وهو صدور رواية عذراء سنجار لصديقي المبدع وارد بدر السالم التي عدّها النقاد أول رواية عراقية وعربية ترصد مأساة ونكبة طائفة اليزيديين ومعاناتهم الدامية مع الدواعش الذين إغتصبوا وسبوا نساءهم ، وعلمت ان صديقي السالم كتب هذه الرواية بعد معايشة إستمرت لأيام في مخيمات طائفة اليزيديين كانت محفوفة بالمخاطر ، التقى خلالها بنسوة منكوبات تعرضّن للإنتهاك من قبل شرذمة الظلاميين .. يبدو اني لم اتمكن من مواصلة كتابة مقالي عن خطورة الإعتصام الذي سيربك إنسيابية المرور ويعرقل العمل بالدوائر الحكومية القريبة من خيام المعتصمين ، تركت اللاب توب جزعاً وذهبت لحديقة المنزل ، تطلّعلت بحب الى شجيرة رمّان كزار حنتوش التي زرعتها قبل سنتين ، لقد إزدانت أغصانها بثمار حمراء ناضجة كبيرة الحجم ، تذكرت ديوانه الغابة الحمراء وإسترجعت مقطعاً شعرياً يقول فيه : ” أتأمّل هاتين العينين الغائرتين وهذا الشيب وقد عاصر تموزين لكن لم أحزن ، هذا الشيب وهذا الرأس ، لم ينحن الاّ للشعب ” بالمناسبة ديوان كزار كان بعنوان ” آه من البنفسج ” لكن الرقابة رفضت هذا العنوان خشية من التأويل فأستبدله بالغابة الحمراء .. أعود الى اللاب توب وسيجارة تشتعل بفمي وجمرة تشتعل بقلبي على وطني ، اقرأ بوستاً لأخي الإعلامي علي النوّاب على صفحته بالفيس بوك يقول فيه : صباح الخير ياوطن .. البيان الختامي لإجتماع الرئاسات الثلاث مخيب للآمال .. إحدى الثمار العفنة لإجتماع الرئاسات الثلاث هو تشكيل لجنة من الكتل .. أكرر من الكتل لمعرفة مطالب المعتصمين..” أنتم عليمن تضحكون ليش أنتم لحد الان ما تعرفون مطالب المتظاهرين ..” هذه اللجنة هدفها تميع قضية المعتصمين وكسب الوقت مثل فترة المئة يوم التي أعطيت للمالكي..والمضحك ان اللجنة مشكّله من الكتل السياسية التي هي سبب ما يمر به العراق .. أقول لا ينبغي مطلقاً أن يقابل قادة المتظاهرين والمعتصمين هذه اللجنة لأن ذلك خيانة لكل الجهود والدماء التي بذلها المتظاهرون من أجل إصلاح شأن هذا الوطن ..لجنة من الكتل ..ههههههه .. ودع البزون شحمه ..” عذراً ايها القرّاء .. فمقالي لهذا الإسبوع ظهر مقطّع الأوصال ، وجلّ ما أخشاه ان يصبح الوطن مقطّع الأوصال بعد هذا الإعتصام [email protected]