أورد الدكتور علي أبراهيم خبراً يقول فيه في جامعة بابل، وتحديدا في كلية التربية وقسم علم النفس، رأيت ملصقا معلقا على جدار احد الممرات.في الجهة اليسرى منه صورة طالبة محجبة، وفي الأخرى صورة طالبتين سافرتين تقرأن في كتاب. وفي الأعلى كتبت بحروف كبيرة عبارة ضعيفة الصيغة والمعنى ” حجاب يصون أو تنهش عيون” بحيث جاء النصف الأول منها فوق صورة المحجبة، والنصف الثاني فوق الطالبتين غير المحجبتين. وتحت المحجبة وضعت صورة قطعة حلوى نظيفة، وكتب تحتها (والله أراد أن يتوب عليكم) بينما ظهرت تحت غير المحجبتين صورة حلوى نزل عليها الذباب وكتب تحتها (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً ) . استفزني الملصق، الذي انفق على انجازه مبلغ لا أظنه من جيب طالب أو مجموعة طلاب، فهو عبارة عن (فلكس) ملون وبحجم كبير، قد يصل عرضه الى مترين وارتفاعه الى متر ونصف المتر. (أنتهى)
صراحة أقول أنه هذا أمر خطير أذا كان بأمر رئاسة الجامعة أو أحد أقسامها , وأمراً أخطر أن حدث بدون علمهم , وتوضيف لأيات القرأن في مكان ليس مكانها , كأنه تهديد سماوي للطالبة السافرة .
دستورياً …. ألسنا في دولة مدنية تحترم الحريات الشخصية ؟ وأين ذهب دور مؤسسات الدولة الرقابية , والحرم الجامعي هو حكومي أصلاً ؟ هل حدث هذا الأمر سهواً أم أنه بداية لمشروع أسلمة المجتمع أجبارياً ؟ فهذا انتهاك كبير للحريات , فليس هناك أي بند في الدستور العراقي يشير الى شرط الحجاب أو السفور في أي مكان , ويشكل هذا الكلام خرقاً لقانون حقوق الأنسان , الذي جاء في المادة 29 منه : (يخضع الفرد في ممارسة حقوقه وحرياته للحقوق التي يعينها القانون) .
تصوير ردئ جدا لحالة الرجال في العراق , صورة الذكر فيه غرائزية بحته لا تضع لمنطق أو عقل وأن كان واقعياً في جزء منه , وربط سخيف بين الحجاب والأخلاق , جعل المحجبة امرأة وقورة والسافرة امرأة فاجرة , فهل لا يقول لنا صاحب الملصق , متى رأى طالبة ألتهمتها عيون الطلاب لكونها سافرة فقط .
من تجربتي الشخصية كوني في عمر هؤلاء الطلبة , وكنت حتى عهد قريب طالباً مثلهم , أقول أن الأمر ليس كذلك أبداً فالكبت الجنسي الذي كنا نعاني منه لم يسمح لأغلبنا بأن يفرق بين السافرة والمحجبة فالكل سواسية في عيون الطلاب المحرومة جنسياً , لا فرق بينهما أبداً , وكنا عند ذكر الأحترام للحجاب وصاحبة الحجاب , يجاوب البعض منا جواباً أشبه بالنكتة ويقول أخوان بدون طائفية وبدون تفرقة , وهذه الحقيقة المرة للأسف في جامعاتنا .
النقطة الأخطر في هذا الملصق هي عدم قبول الأخر والتعايش معه كما هو محترماً كل خصوصياته , والحرم الجامعي هو المكان الأمثل للأندماج بين مختلف الشراح والأطياف , فليس هناك مكان داخل الحرم لمثل هذه الأمور , وهناك نقطة مهمة يجب ذكرها من باب الحرية الشخصية والعمل بالمثل , فأذا وضع أحدهم ملصقاً لأمرأة سافرة على حائط أحد المساجد أو الحسينيات أو المعاهد الدينية , وكتب عليه (لا أكراه في الدين) مثلاً , فهل سيمر هذا الكلام مرور الكرام أم أن صاحب الملصق سيصلى ناراً ذات لهب .
دمتم على حب العراق ….