من المفارقات أنّ كلا الرئيسين الأمريكيّين ” ريتشارد نيكسون < صاحب ووترغيت – Watergate Scandal و دونالد ترامب ينتميان الى الحزب الجمهوري , وكلاهما في صدامٍ حادٍ وتنافسيٍّ مع الحزب الديمقراطي , وكلاهما ايضاً يؤديان للنيل من سمعة الولايات المتحدة أمام الرأي العام العالمي , وبالخصوص في طريقة التعاطي مع الإنتخابات الرئاسية وما يشوبها .
بطل الفضيحة الأول الرئيس نيكسون ما لبث ان استقال فور انكشاف أمره , لكنّ الرئيس الذي اعقبه ” جيرالد فورد ” اصدر عفواً رئاسياً عنه , ففلت بجلده , وكان فورد نائباً لنيكسون قبل الكشف وانكشاف واكتشاف الفضيحة .. كانت سنة 1968 هي الأسوأ من السوء في حياة نيكسون إذ فاز بصعوبةٍ شاقّة على منافسه الديمقراطي ” هيوبرت همفري ” , مما جعل الموقف أشد صعوبةً في معركة التجديد للرئاسة في عام 1972 , إثرَ ذلك وخيارٍ وحيدٍ متبقٍّ ! قرر الرئيس نيكسون في حينها التجسس على مكاتب الحزب الديمقراطي المنافس , وكان مرشح الحزب ” جورج ماكغفرن ” . في 17 يونيو – حزيران لسنة 1972 اُلقيَ القبض على خمسة اشخاص في واشنطن ينصبون اجهزة تسجيل مموهة لسرقة واستراق محادثات واجتماعات قيادات الحزب الديمقراطي , اندلعت حينها السِنة نيران الفضيحة في كل انحاء امريكا والعالم وبلغت ارتفاعاتٍ شاهقة في فضاء الإعلام . < مع هذا الإسترسال الذي طال فلابدّ من الإختزال والضغط بقوة على الكوابح > .
إذ إتّسمت فضيحة نيكسون بالتجسس الداخلي – الحزبي وليس بالتعامل مع عدوٍ خارجي كمفهومٍ عام للتجسس , ففضيحة الرئيس السابق دونالد ترامب < والتي لم يجر اتخاذ قرار حكم نهائي عنها الى اواسط هذا الأسبوع > فإنّها تتمحور بدفع الرئيس لمبلغ
130 000 دولار للمثلة الإباحية ” ستورمي دانيلز ” قبل الأنتخابات الرئاسية لسنة 2016 لشراء صمتها عمّا جرى بينها وبين ترامب خلف الأضواء او خلف الستائر , اذا ما صحّت ما يروجون له في الحزب الديمقراطي والذي ينفيه ترامب تفصيلاً وجملةً , فما الذي دفع الست “ستورمي ” للتحدث والكشف عمّا جرى , ومضى وانقضى في هذا الوقت تحديداً .! ومن يقف وراء ومن حول تلك الممثلة الإباحية .! , فبجانب قادة الحزب الديمقراطي ” وفق هذا الجهاد التنافسي غير النظيف ” فلعلّ ويترآى أنّ احدى اجهزة المخابرات لها علاقة فاعلة بهذا الشأن المشين .
تعبير او اصطلاح ” ووترغيت ” صار شائعاً للتعبير او الإشارة الى اي انشطة سريّة وغير قانونية ذات طابعٍ سياسي في العديد من البلدان سواءً على صُعُدٍ اقليميةٍ ودولية , ولعل ابرز وأشهر استخدامٍ لاحقٍ لهذا المصطلح هو فضيحة ” ايران غيت ” وتُعرف ايضا بأسم ” ايران كونترا ” حيثُ تُنسب وتعود الى صفقة سرية باعت فيها ادارة الرئيس الأمريكي ريغان اسلحةً فتّاكة بوساطة اسرائيلية الى طهران ” رغم قرار حظر بيعها الأسلحة بأعتبارها راعية للأرهاب ” , وبالمقابل استخدمت واشنطن اموال الصفقة وارباحها لتمويلٍ سريّ للحركة المعارضة للثورة والمعروفة بإسم الكونترا ” الضد ” التي كانت تحارب وتهدف للإطاحة بحكومة نيكاراغوا آنذاك .
العنصر الأبرز في تلك الفضيحة الفاضحة هو أنّ مجلة الشراع اللبنانية هي التي انفردت وحظيت بالسبق الصحفي العالمي في الكشف عن تفاصيل تلك الفضيحة وملابساتها وتفاصيلها الدقيقة , ونقلتها عنها كافة وسائل الإعلام العالمية , وكان ذلك اوّل فوزٍ عربيٍ في ميدان الإعلام , ولعلّه آخر فوزٍ ربما .! في ظلّ الظِلال والضلال السياسي الذي يفتك بالعالم العربي عبرَ فايروساته المسددة والموجّهة .!