إن الخطر الأعظم على البشرية كان الجيل الأول الذي ينتمي إلى الحركة الفاشية/النازية الجديدة المعروفة بإسم Synarchism (أي: سوية بدون قائد) والتي على ضوء فلسفتها تشكل الجيل الثاني للحركة في الولايات المتحدة والتي تسمى بالحركة الشتراوسية Straussism (نسبة إلى الصهيوني القادم من ألمانيا ليو شتراوس مؤسس الحركة في أمريكا). تؤمن هذه الحركة بحق القوي لحكم الضعيف والتي كان ولا زال هدفها هو خلق وترويج عالم فاشستي من خلال إستعمال أعضائها لعبارات مثل “التهديد الإرهابي” و “الإرهاب الدولي” ومشابهاتهما من العبارات لكي يسببوا الخوف والهلع ويخدعوا الناس كي يطالبوا حكوماتهم بحمايتهم من هذا الخطر المخيف. بل والأكثر من ذلك فإن أعضاء هذه الحركة يكذبون على العالم بشكل وقح ومفضوح من أجل تنفيذ غاياتهم.
وللتعريف بهذه الحركة، لا بد لنا أولاً من إلقاء نظرة على بدأ تكوينها وتطورها إلى ما وصلت إليه اليوم لتشكل أكبر خطر يهدد البشرية جمعاء. فقد بدأت هذه الحركة الفاشية/النازية قبل نهاية الحرب العالمية الثانية بقليل حين إختفى الكثير من دعاتها “تحت الأرض”، وظهروا بعد ذلك بسنوات قليلة، خصوصاً أولئك الذين كانوا ينتمون إلى جهاز المخابرات النازية الذين ساهموا بعدئذ في إعادة إنتشار شبكاتهم في الولايات المتحدة وأوربا وأمريكا اللاتينية تحت ستار محاربة الشيوعية. وصل الأمر بهذه الحركة أنها قد نفذت إلى مراكز القرار السياسي والعسكري مثل وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين وحلف الناتو وأجهزة المخابرات والعديد من الساسة والإعلاميين، بل وحتى إلى البيت الأبيض الأمريكي. ومما قامت به هذه الحركة الفاشية هو تخطيطها لمحاولات الإنقلاب في كل من الأورغواي وبوليفيا، حيث إشتهرت بما سمي بإنقلاب “كولونيلات الكوكايين” في بوليفيا وكذلك في أماكن أخرى من العالم. وعلى سبيل المثال أيضاً، فإن أشهر ما قامت به هذه الحركة في أمريكا اللاتينية هو دعمها، بواسطة جون نيغروبونتي (سفير أمريكا السابق في العراق)، لفرق الموت في نيكاراغوا أثناء قضية إيران كونترا ودعم نيغروبونتي أيضاً للدكتاتورية العسكرية للجنرال مارتينيز في الهندوراس. هذا ويقول بعض العارفين بخفايا أمور هذه الحركة أن آخر ما قامت به هي تفجيرات مدريد الأخيرة، والتي إتهمت بها القاعدة، وذلك من أجل خلق ستراتيجية جديدة للقلق والخوف لدى العالم.
ومن أشهر ما قاله شتراوس مؤسس هذه الحركة، ” أن على الحكام أن لا يربطوا أنفسهم بالدين لأن الإعلان عن الحقيقة بإستخدام الدين ما هو إلا “إحتيال ديني”، بل يجب دمج الدين والدولة إذا أراد الحكام السيطرة على الجماهير التي لا يكن لها الشتراوسيون سوى الإحتقار والإذلال ذلك لأنه برأيهم أن الدين ليس للحكام، بل والأكثر من ذلك فإن أعضاء الحركة الشتراوسية يعتقدون بل ويؤمنون أن الدين يجب أن يستخدم كأداة للخضوع والسيطرة.
أترك للقارئ الكريم أن يقارن بنفسه بين مبادئ وأهداف هذه الحركة الفاشية وبين مبادئ وأهداف الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق.
أليست الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق هي من يستخدم الدين كأداة لإخضاع الناس والسيطرة عليهم كما رأيناه لستة عشر عاما مضت؟ أليسوا هم من دمج الدين والدولة لكي يسيطروا على الجماهير التي، كما في الشتراوسية، لا يكنّوا لها سوى الإحتقار والإذلال؟
وإضافة لما تؤمن به الحركة الشتراوسية بالنسبة للدين، فالحركة هذه تؤمن إيماناً مطلقاً بأهمية الكذب في السيطرة، ولكي يبقوا مسيطرين ومحافظين على تلك السيطرة فإنهم يكذبون ويستمرون بالكذب، بل ويوفرون كل ما يمكنهم من أموال لشراء ذمم من يستطيع أن يدعم كذبهم وسيطرتهم. والكذب هو في صلب تفكيرهم لتحقيق الأهداف وإخفاء الحقيقة عن الشعب لكي يجمعوا القوة من أجل إساءة إستخدامها.
إن الخداع والكذب في السياسة الأمريكية الحالية يأتي بكامله من نظرية ليو شتراوس الفاشية اليمينية المتطرفة التي وضعت أيضاً مقولة ” الإيمان بكفاءة الكذب المتعمد في السياسة “، وبهذا فإن جميع من يرتبط باليمين المتطرف هم كذابون ملتزمون بهذه النظرية، وهو الحال نفسه وبالضبط ما يلتزم به قادة الأحزاب الإسلامية في العراق.
وكما أشار إليها مؤسس الحركة الصهيوني ليو شتراوس حين قال أن ” بعض المجتمعات تستحق القيادة والبعض الآخر يجب أن تقاد، والعدالة تقتضي أن نكون بجانب القوي وأن من يستحق القيادة هم أولئك الذين يؤمنون بعدم وجود الأخلاق والذين وحدهم لهم حق واحد هو حق القوي لحكم الضعيف”، وتلك هي شريعة الغاب بأبسط تعريف لها. والمصيبة أن تلك هي ما تؤمن به وتنفذه الآن أحزاب الإسلام السياسي في العراق.
ومن خلال ما رآه الشعب وما عانى منه أبان حكم الأحزاب الإسلامية في العراق، فإننا نرى أن تلك الأحزاب تؤمن تماما بمبدأ الحركة الشتراوسية القائل: “لأن الجنس البشري بحد ذاته دنئ وحقير، لذا يجب حكمه من سلطة قوية، ولكي تسيطر تلك السلطة، يجب عليها أن تحكم بالقوة من قبل أشخاص متحدين حيث يتحد هؤلاء الأشخاص فقط ضد الجماهير”.
أليس ذلك هو ما تطبقة أحزاب الإسلام السياسي بحق العراقيين عموما .. يحكموهم بالقوة والفساد.
أحزاب الإسلام السياسي في العراق تؤمن بالنظرية الشتراوسية وتطبقها في إدارة دفة الحكم في العراق وكيفية إمتهان الشعب من أجل مصالحها ومن أجل البقاء في السلطة.