سهير الخالدي
كُلما اقتضت حاجةُ المجتمع البشري نزول نظام عادل، اقتضت حاجةُ المجتمع البشري للمحافظة على النظام العادل، حتى يحقق هدفه.
فمن يحفظ النظام العادل؟
الجواب: النبي وظيفته تبليغ النظام العادل، وهناك دور آخر لشخص آخر بعد النبي، وهو دور حفظ النظام العادل، فكما أن هناك حاجة ضرورية لنزول نظام عادل، لذلك صار بعث الأنبياء واجبًا، كذلك هناك حاجةً ضروريةً لحفظِ النظام العادل، لذلك صار تنصيب الأئمة لطفًا واجبًا، فاللطف الواجب كما اقتضت النبوة اقتضت الإمامة.
فلماذا فقهاء الشيعة يقولون الإمامة أصل من أصول الدين؟؟ يعني الدليل الذي اقتضى ضرورة النبوة هو نفسه الدليل الذي اقتضى ضرورة الإمامة، والدليل واحد، وهو أن اللطف واجب، والدليل الذي جعل النبوة أصلًا هو الدليل الذي جعل الإمامة أصلًا.
فقد جاءت الأحاديث الصحيحة الدالة على وجود الإمام المهدي عليه السلام ، وهو المحافظ على دين جده ” صلى الله عليهِ وآلهِ” وأنّه سيكون في آخر الزمان، وهو علامة من علامات الساعة، وشرط من أشراطها، ومن هذه الأحاديث: ما ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله أنه قال:
(( لا تقوم الساعة حتى تملأ الأرض ظلماً وجوراً ، فيخرج رجل من أهل بيتي فيملؤها قسطاً وعدلاً بعد ما ملئت ظلماً وجوراً ))
فمسألة ظهور الإمام المهدي عليه السلام ليس فيها نقاش ، إنّما الكلام في غيبة الإمام، فإنّ الشيعة الإمامية تعتقد أنّ الإمام وِلِدَ ومن ثمَ غابَ عن الأبصار بتدبير إلهي وسيخرج يومًا من الأيّام عندما يأذن الله له بالظهور ، وغيرهم من المسلمين يقولون : إن الإمام لم يولد بعد ، وأنّه يولد في آخر الزمان ويخرج لرفع الظلم عن البشرية جمعاء، فالخلاف في هذه النقطة ، في الغيبة ، فيما أن المهدي عليه السلام يولد آخر الزمان ويخرج، أم هل أنه ولد وهو غائب الآن، أم لا ؟؟؟؟ نحن الشيعة الأمامية نقول : نعم وِلِدَ الإمام وهو غائب الآن.
وقد أشار الأستاذ المحقق والمرجع الديني السيد الصرخي الحسني الى عدة شواهد قرآنية تدل على مفهوم الرجعةِ والذي يثبُت بوجود الأمام الثاني عشر “عليهِ السلام” وأن وجودهِ هو مثال لبعض الحوادث التي ذكرت بالقرآن وخاصة أصحاب الكهف حيث قال موضحًا:
((…قال تعالى” أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آَيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آَتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَى آَذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12)…))
موجهًا تساؤلات مهمة في تعميق الإيمان والمعتقد بقضية الامام المهدي “عليه السلام” والذي يصفه النواصب التيمية مستخفين بالإمام المسردب :
كم بقوا من السنين؟ كم مائة عام بقوا؟ أين؟ في الكهف، في السرداب، هؤلاء أيضًا من المسردبين، هنيئًا للإمام” سلام الله عليه ” المسردب كما سُردب أصحاب الكهف، أيّها الناصبة، أيّها النواصب، أيّها الأغبياء، أيّها الجهلة، إنّكم تعادون النبي بمعاداتكم للإمام المهدي عليه السلام، نفتخر بالمسردب، نقدم المسردب بين أيدينا إلى الله سبحانه وتعالى، نتشفع به، نفتخر به، ننتظر الإمام المسردب عليه السلام )، نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) … وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا (16) … ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا (17) وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ … وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ … وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَق ) ولتتمة الشواهد يرجى المتابعة >> https://goo.gl/DZYNkU
و ختام القول أن كل جيل له إمام، قال تبارك وتعالى يخاطب نبيه:
﴿إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ﴾، ولكل جيل لا بد له من هادٍ، يتكفل منصب الهداية، لا بد من وجود هادٍ، وقال تبارك وتعالى: ﴿يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ﴾، كل جيل لهم إمام، والإمام ينصرف إلى الإمام الحق، فمن هو إمام هذا الزمان؟ ومن هو إمام هذا الجيل الذي يتكفل حفظ الشريعة
إذن، كل هذه القرائن التي ذكرناها تراكمت في محور معين، ألا وهو وجود المهدي المنتظر في زماننا، بحيث أدت إلى اليقين بوجود الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه الشريف».