أدركُ ” اولاً ” أنَّ بعض السادة المحترمين من ذوي الأفق الضيّق , سوف لا يتقبّلون استخدامي لمفردة ” ذكاء ” على الدواعش .! , وهنا لا اوّد الإشارة او الرّد من أنّ العراق بقواته المسلحة الضخمة ومعه دول التحالف لم يستطيعوا طرد داعش منذ سنتين , إنما ردّي ” موضوعياً ” فأنَّ للذكاء جانبه السلبي ايضا , ولولا ذلك لما تمكّنت المافيات والعصابات واعتى المجرمين من استخدام اعقد التقنيات والخطط في تنفيذ مهماتهم .
” ثانياً ” سنحصر عنوان المقال هنا على معركة الموصل فقط , ولا يتعلق الأمر بالمعارك السابقة والمدن السابقة التي احتلوها الدواعش .
وَ عودٌ على بدءٍ , فلا شكّ أن المقاتلين الدواعش في الموصل يدركون مسبقاً أنهم سيخوضون معركةً خاسرة بأمتياز و وفق كلّ الحسابات , كما يدركون ايضاً أنّ قياداتهم من الخطّ الأول سوف يتركون المدينة عند بدء المعركة او قبل الشروع بها ” ومن غير المستبعد معرفتهم بساعة الصفر ايضاً ” وقد هيأوا لذلك بكل السبل الفنيّة والأمنية ولربما عبر جهاتٍ خارجية لنقلهم خارج مناطق القتال او خارج العراق , وإذ لا يحتاج ذلك الى ذكاءٍ ! من الدواعش او سواهم , لكنهم على درايةٍ أنّ ايّ فرارٍ وانسحابٍ من ارض المعركة سوف يُعرّضهم الى الإعدام والقتل وبأبشع الصور الرادعة من قبل مفارز إعدامٍ داعشيّة مخصصة لهذا الشأن , كما من دون نفيٍ او إنكارٍ لمجاميعٍ او افرادٍ منهم ممّن مغسولةً ادمغتهم في التطرف الحاد الذي يجعلهم يقاتلون حتى الرمق الأخير , ومجاميعٌ اخرى سوف تفجّر انفسها حالما تشعر بمحاصرتها كي لا يقعوا في الأسر وما قد يترتّب عليه ! , ثُمّ مع تباين الجوانب والإعتبارات السيكولوجية لكلّ فردٍ داعشي , ومع الأخذ بنظر الإعتبار وجود مقاتلين من جنسياتٍ اخرى بينهم , فمن غير المستبعد ” اطلاقاً ” قيام مقاتلين دواعش برفع الرايات البيضاء او ” الملابس الداخلية البيضاء ” عند إحتداد المعركة او حتى في بدئها ايضاً , فدويُّ الصواريخ والقنابل ولهيب النار في المعركة قد يغيّر كلّ الحسابات الفكرية المسبقة , وسنرى .!