23 ديسمبر، 2024 4:58 ص

مفوضية الانتخابات .. والعملية الجراحية

مفوضية الانتخابات .. والعملية الجراحية

يبدو ان موضوع نزاهة مجلس مفوضية الانتخابات الحالي من عدمه بدأ يأخذ بعدا تجاوز فيه المصلحة الوطنية العليا في العراق حيث الصراع الناشب بين القوى السياسية المتصارعة على هذا الموضوع فاق في مناسبات واوقات ما يفترض الاهتمام به كتخليص العراق من داعش ومن قوى التخلف والارهاب بكافة اشكاله ومفاهيمه .

يعتقد الكثيرون ان هذه المسألة ، وهي تتعلق بتغير ” لجنة” تشرف على الانتخابات وثبت انها غير نزيهة بأخرى امر لايحتاج الى كل هذا الضجيج والنقاش المستفيض ذلك لأن هناك الكثير من السبل التي يمكن بها انهاء هذه المسألة .

نستطيع ان نشير، لو عدنا قليلا الى الوراء ، انه منذ انتخاب هذا المجلس قبل سنوات والذي قبله عام 2007 فأن الشكوك تساور معظم افراد الشعب العراقي بأن نتائج الانتخابات لم وسوف لن تكون صادقة ونزيهة وشفافة ذلك لأن هذين المجلسين انتخبا على اسس من المحاصصة الحزبية والطائفية والمذهبية التي لاتزال تقوم بتدمير ما تبقى من هذا العراق الذي كان يشاد به قبل تسلم الطغمة السياسية الحالية مقاليده .

علينا ان نعترف بشجاعة ، وهذا الكلام موجه بالخصوص لأعضاء مجلس النواب ، ان تشكيل لجنة يطلق على اعضائها لقب ” خبراء ” وهم ليسوا كذلك بل هم “سياسيون فقط” لانتخاب مجلس جديد بديل عن الحالي وبعيد عن المحاصصة الحزبية و الطائفية والمذهبية ما هو الا ضحك على الذقون وضرب في الخيال ، ان هذه اللجنة التي ستتبع دون شك ذات المعايير السابقة سوف تفشل بالتأكيد كما فشلت اللجنتين السابقتين لانتخاب المجلس الحالي والذي سبقه عام 2007 وان النتائج اللاحقة التي ستظهر ستكون ايضا هي هي . يقول العالم الفيزيائي الكبير البرت اينشتاين ” حين يحاول المرء تكرار الامر نفسه متوقعا نتائج مختلفة فهذا يكون طريقه المضمون الى الجنون” .. ولا احسب هنا ان اي واحد يريد سلوك هذا الطريق .

بعد جلسة الاستجواب الاخيرة التي قادتها الدكتورة ماجدة التميمي بكل اقتدار ومهنية واظهرت الكثير من المخفي من الاعمال التي قام بها مجلس مفوضية الانتخابات الحالي مما جعل اكثرية النواب الحاضرين في جلسة امس الاول لايقتنعون بأجوبة رئيس المفوضية المكتوبة ، فأننا لا نعتقد ان بقاء هذا المجلس سيكون من صالح العملية السياسية والانتخابية العراقية ولا من صالح حتى تلك القوى السياسية التي ايدت بقاء المجلس لأسباب غير خافية على احد .

ان الحديث الذي يطلق هنا وهناك من قبل من يؤيد بقاء المجلس او من قبل ممثل المفوضية في المقابلات التلفزيونية من ان الوقت بات ضيقا لاجراء اي تغيير ما هو الا موقف تبريري وحجة لا تقنع احدا ذلك لأن

الكوادر التنفيذية التي بنيت ووجدت منذ تأسيس المفوضية عام 2004 لازالت هي هي ولا تحتاج الا الى توجيه ومراقبة تستطيع اية مجموعة لها امكانات ومعرفة ادارية وفكرية القيام بها .

نقول بهذا الصدد ولاسيما لاعضاء مجلس النواب واللجنة المؤلفة لأختيار اعضاء مجلس جديد للمفوضية ان هذه العملية ستكون طويلة ونقاشاتها لاتنتهي وسيتم في النهاية اعتماد المحاصصة الحزبية والطائفية من جديد كما جرى في عملية اختيار الوزراء ” التكنوقراط ” حيث كانت هذه تمثيلية اضحكت الكثيرين من ابناء الشعب العراقي .

ان الواقع الحالي في مفوضية الانتخابات يحتاج الى عمليةجراحية واقعية تعتمد على شرطين اساسيين ومتلازمين الاول ان تؤجل انتخابات مجالس المحافظات ويكون انعقادها متزامنا مع انتخابات مجلس النواب في الشهر الرابع من العام المقبل 2018 والثاني استدعاء اعضاء مجلس مفوضية الانتخابات الاول الذي اختارته الامم المتحدة وهم ( الدكتور عبد الحسين الهنداوي ، الدكتور فريد ايار ، الدكتور عز الدين المحمدي ، السيد صفوت رشيد صدقي ، السيد عادل علوان اللامي والسيدة سعاد محمد جلال الجبوري) للاشراف على الانتخابات المقبلة بكل مسؤولية ونزاهة وعدم تحيز لاية جهة من الجهات وبذلك فأن جميع القوى السياسية سوف تستفيد وتزول الشكوك من اذهان معظم هذه القوى لان هذه المجموعة اثبتت حياديتها التامة خلال اشرافها على الانتخابات والاستفتاء على الدستور في اعوام 2004-2006 . اننا نتذكر جيدا ان هذا المجلس انهى مهماته وكفه ابيض من اية حالة فساد او محاولة تجيير اصوات من هذا الكيان لأخر .

لم ينتخب المجلس الاول على اسس من المحاصصة الحزبية والطائفية حيث ضم جميع مكونات الشعب العراقي وفقا لدستور البلاد ، كما ان جميع الاحزاب والتكتلات السياسية اشادت ولا يزال البعض منها يذكر ذلك صراحة هذه الايام بحيادية عمله طوال سنوات وجوده في المفوضية لذلك نرى ان يقوم مجلس النواب بايجاد التكييف القانوني لتنفيذ هذه الفكرة و تكليف المجلس الاول ولفترة عام بأجراء انتخابات مجالس المحافظات ومجلس النواب عام 2018. بعد ذلك سيكون هناك الكثير من الوقت لاختيار مجلس جديد ووفق اسس بعيدة عن اية محاصصة حزبية او طائفية .