المفوضية العليا للانتخابات في العراق مصدر الجدل الدائم في كل عملية انتخابية تمر بها البلاد في مخاضاتها العسيرة وما يطرحه اليوم الشارع العراقي من ضرورة مطالب باتت حتمية على قطع الطريق امام الأحزاب الوصولية المهيمنة على مفوضية الانتخابات واجراء تغيير جذري على عمل واعضاء المفوضية لضمان استقلالية ونزاهة الانتخابات القادمة .ولابد من طرح عدة تساؤلات في غاية الأهمية حول جدلية مفوضية الانتخابات المستقلة !! وهل المفوضية قدمت للشعب ما انتجه قراره واختياره وهل هي ممثلة ومفوضة من الشعب بواجباتها ومهامها ومن هو المسؤول عن مهنيتها وحياديتها؟ وهل المفوضية مستقلة وبكامل استقلاليتها الوظيفية ؟ وحتما المتتبع والقارئ والمستكشف الجيد المطلع على عمل هذه المفوضية ومهامها سيكتشف الخفايا والحقائق المستورة لماهية هذه المفوضية ودورها المشبوه والمثير للشبهات حول عدم نزاهتها واستقلاليتها والتي تمثل في طياتها واجنداتها الجزء الكبير من تبعات ومخلفات المحاصصة الطائفية والحزبية وبالنتيجة الحتمية فان كل العاملين والمسؤولين فيها يميلون ويتعاطفون مع كتلهم الحزبية ويتناغمون مع انتماءاتهم وولاءاتهم الطائفية او لانصياعهم لاوامر رؤوساء كتلهم لتحقيق مكاسبهم الحزبية على حساب عدالة المهمة والواجب الوطني المكلفون بتاديته بكل امانة واخلاص مهنية . ونظرا لافتقار المنظومة الانتخابية بشكل عام لعامل الحيادية والمهنية في مؤسسة محاصصة توافقية حزبية خالية من نماذج التكنوقراط التي كان من الضروري تهيئة وتوفير هذه النماذج من قبل الشعب نفسه لضمان حيادية ومهنية هذه المؤسسة التي من المفترض ان تكون ضمير الشعب في المنهج الصحيح المؤمن بالديمقراطية وعدالة القضية والتي يجب ان تكون ضمن المعايير الخاصة للعمل الذي كان مشوشا ومتهما من كل القوى والاطراف السياسية طيلة فترة عملها سواء في فترة الانتخابات التشريعية العامة او مجالس المحافظات وخصوصا بعد ان هيمنت على اداءه المهني التفوق الحزبي والذي سيطر على كافة مفاصل عمل المفوضية وتراجع اداءها مهنيا واخلاقيا ووطنيا وجعلها عرضة للاتهام في التواطؤ والتزوير والتلاعب في نتائج الانتخابات او الاستفادة الحزبية والشخصية من عائدات الاموال الطائلة التي كانت تنفق في كل دورة انتخابية . ان المعلوم والمنطقي ان الهدف الحقيقي من وجود مفوضية للانتخابات هي محصلة نهائية حقيقية لما انتجه الناخب من فعل ترجمته المفوضية الى احصائية رقمية في النتائج الأخيرة وهي مسؤولة شرعا وقانونا وأخلاقا ان تطلق النتائج الاخيرة بكل عدالة ونزاهة ووفق القوانين المعتمدة في عملها وواجباتها وبخلاف ذلك تتجاوز المفوضية مسؤوليتها الاخلاقية والشرعية والقانونية لانها مؤتمنة على صوت الشعب وتحقيق حريته وتجربته الديمقراطية في الممارسة الديمقراطية الانتخابية . لقد اكدت الكثير من المنظمات الدولية والمؤسسات الرقابية والاعلامية من خلال متابعاتها ورصدها وتقاريرها لاداء المفوضية بوجود ملفات فساد مالي وإداري كبيرة في مفوضية الانتخابات الحالية ، ف صفقات فساد وهدر المال العام والتعيينات على المحسوبية والحملات الاعلامية الانتخابية الكبيرة وهو ما يؤكد استشراء الفساد المالي والإداري في جميع الوزارات الحالية والمؤسسات الحكومية ، الأمر الذي أدى إلى حالة الإفلاس التي تمر بها البلاد.
وان هناك شبهات تزوير وتلاعبات حدثت في الأصوات في الكثير من المراكز الانتخابية خصوصا في المراكز الخارجية للجالية العراقية بسبب سيطرة المحاصصة الطائفية والحزبية على مفوضية الانتخابات الحالية ، من قبل الكتل والائتلافات والاحزاب في الحكومة الحالية ، و لا فائدة من بقائها وعملها حاليا ما لم يتم التصويت على تعديل القانون الخاص بها في البرلمان الحالي. وترشيح أعضاء مستقلين من خارج الائتلافات والأحزاب السياسية والتي كان من الأجدر ان تكون مفوضة من الشعب ومنتخب اعضائها من خارج احزاب السلطة وليست وليدة ومفوضة احزاب تهيمن على السلطة ومقدرات الشعوب
لقد اكدت الكثير من التقارير والتسريبات الحكومية والحزبية أن هناك ملفات كثيرة تتعلق بفساد المفوضية كانتماء أعضائها للأحزاب السياسية وقبول بعضهم رشى مالية والتلاعب بنتائج الانتخابات على أسس طائفية وعرقية وحزبية. وقد كشفت العديد من الشخصيات السياسية في تصريحات خطيرة ابرزها
تصريح المرحوم رئيس المؤتمر الوطني احمد الجلبي ، عن ابرز صفقات فساد المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات .
” احدى ابرز صفقات المفوضية العليا المستقلة للأنتخابات هي عملية شراء اجهزة البصمة الفاشلة “، مؤكدآ بأنها ” بسبب تلك الأجهزة تم هدر نحو مليار دولار” والمحصلة الاخيرة اليوم في تصويت البرلمان على ترشيح مفوضية جديدة بنفس الاسلوب الحزبي ما هو الا تكريس لثقافة المحاصصة السياسية الطائفية .وان العقلية السياسية لا تزال تفتفر لمقومات العقل الوطني في بناء الدولة المدنية العراقية المستقلة .