يتوقف على اداء المفوضية المستقلة للانتخابات واعمالها للقانون درجة نزاهة الانتخابات، بل ان الامر يعتمد كليا عليها، فهي بامكانها ووفقا للقانون في اقصى عقوباتها شطب نتائج اي كيان سياسي كليا اوجزئيا اذا انتهك القانون وارتكب مخالفات حمراء كالتزوير.
لم تحظى هيأة مستقلة بالاهتمام والمتابعة من المواطنين مثلها عند التقديم اليها وتكوينها والتصويت عليها في مجلس النوا ب ومن ثم التعويل على ادائها، ولكن لم تنال التقة التامة من المجلس والمواطنين، وذلك لانها بنيت على اساس المحاصصة، الطائفية والاثنية، وابعاد القضاء عن الاشراف عليها، ومن هنا حملت الشكوك بشان عملها والخوف من وقوعها تحت تاثير الاحزاب والكتل الكبيرة… كان الناس يطمحون الى تشكيل هيأة محايدة كليا وتستقطب كفاءات وطاقات نزيهة لا يؤثر عليها كائن من كان في الدولة او السلطة او جماعة لاترعوي بالقانون ولايهمها بناء دولة المؤسسات القانونية المنسجمة والقوية الممثلة للمصالح شعبنا.
على اي حال توجه رماح النقد الى المفوضية منذ اليوم الاول لبدء الدعاية الانتخابية بعضها عن حق وقسم يجانبها الصواب لغايات واهداف ضيقة… ان تصريحات المفوضين كثرت وتحذيراتهم للمتجاوزين زادت ولكن فعلهم لا يذكر ضدهم. على الرغم من تصاعد نبرة النقد وحدته من الاحزاب المتضررة والمواطنين الراغبين في منافسة انتخابية شريفة على حد سواء، فاننا لم نسمع عن تقديم منتهك للقانون الى القضاء لردع الذين يتطاولون على حقوق الاخرين وعلى الهدف في اجراء عملية انتخابية نزيه تعطي لكل جهة حقها.
يلاحظ كما هو حال اعضاء المفوضية ان جهات تخرق القانون وتوثق وسائل الاعلام بالصورة والصوت اشكال من الخروقات بما فيها الخطاب الطائفي البغيض.. وذلك للتشويش على العملية الانتخابية واثارة الصراعات بين كتل البيئة المناسبة لاعادة انتخاب المحاصصين والفاسدين في الحكم.
والاخطر من ذلك التسقيط السياسي والاكاذيب التي ثبث عن هذا الطرف او ذاك وما تنبشه الجيوش الالكترونية وتفبركه للنيل من المنافسين في تحليل للمحرم الاخلاقي والادبي للاستحواذ على الاصوات ومنع الاتجاه نحو التغيير. اما المال الانتخابي فحدث ولاحرج فقد هبط على البعض بقدرة قادر وليس من عدالة في الانفاق، فالبعض يساوي انفاقه على دعايته ما يوازي حملات دول وليس كيانات سياسية من دون ان يسـأل من اين لك هذا؟ واذا كانت المؤسسات المعنية تغمض العين، فان على المواطن ان لا يتعب نفسه كثيرا في البحث عن الفاسدين، فهو بمجرد مراقبة الانفاق على دعاية الائتلافات الانتخابية يمكنه تشخيص الكثير من الفاسدين الذين يجب ان يعاقبهم تصويتيا..
ان هذه الايام تشكل فرصة اضافية الى المفوضية وهيأة النزاهة وغيرهما من اجهزة الرقابة للرصد والمتابعة ووضع المسرفون تحت المجهر ومسائلتهم على مصدر هذه الاموال التي تنفق من دون وجع قلب وهدر ثروات الشعب على دعاية باذخة بكل المعايير تشكل مؤشرا على ارتكاب فساد سابق وفي قادم الايام لاسترداد ما انفق.
تقتضي الضرورة ان تكون في اولوية مجلس النواب المقبل اجراء تعديلات وسن الجديد منها لمعالجة هذه المشكلات وغيرها، بما في ذلك اعادة النظر بتركيبة المفوضية والاسس التي تبنى عليها.. لانها غير جادة ولا يمكن ان تكون كذلك لما اسلفنا حتى انها لم تفرض غرامات على المتجاوزين لذر الرماد بالعيون، ولكي يعززوا ثقة المتشككين من الناخبين الناس بامكانية التغيير عن طريق صناديق الاقتراع ويحفزون المترددين على الادلاء باصواتهم.