23 ديسمبر، 2024 11:07 ص

مفوضية الانتخابات…ثَأطَةٌ مُدًت بماءِ

مفوضية الانتخابات…ثَأطَةٌ مُدًت بماءِ

ونحن نقترب من يوم العاشر من تشرين الثاني يكون قد مضى شهرا كاملا على الانتخابات العراقية دون ان تعلن النتائج لا الاولية منها ولا النهائية وهذا بحد ذاته يعد مخالفة صريحة لقانون الانتخابات النافذ رقم 9 لسنة 2020 والمنشور في الوقائع العراقية العدد 4603 والذي يلزم المفوضية بوجوب اعلان النتائج الاولية بعد 24 ساعة من غلق صناديق الاقتراع حسب نص المادة 38 من هذا قانون….السؤال الان هل المفوضية التزمت بقانون الانتخابات أم لم تلتزم؟
للإجابة على هذا السؤال نعود لقراءة المادة 38 أولا من قانون الانتخابات والتي تنص على:
“تعتمد المفوضية أجهزة تسريع النتائج الألكترونية وتلتزم بأعلان النتائج الأولية خلال (24) ساعة من إنتهاء الأقتراع وتجري عملية العد والفرز اليدوي لغرض المطابقة بواقع محطة واحدة من كل مركز إنتخابي وفي حالة عدم تطابق نتيجة العد والفرز الالكتروني مع نتيجة العد والفرز اليدوي بنسبة 5% من اصوات تلك المحطة فيصار الى اعادة العد والفرز اليدوي لجميع محطات المركز الانتخابي وتعتمد النتائج على اساس العد والفرز اليدوي وفي حالة الطعن في أي مركز اقتراع أو محطة اقتراع تلتزم المفوضية العليا بمهمة إعادة العد والفرز اليدوي وبحضور وكلاء الاحزاب السياسية وتُعتمد نتائج العد والفرز اليدوي”.
الأن ماذا تعني النتائج الألكترونية الأولية؟…بالتأكيد تعني صدور قائمة أولية بأسماء مجلس النواب العراقي الجديد الفائزين في الانتخابات، يعني بصريح العبارة يجب صدور قائمة أولية تحمل 329 أسما والتي تمثل أعضاء مجلس النواب العراقي الجديد…
السؤال هنا هل هذا ممكن الكترونيا طالما نص المادة تتحدث عن نتائج إلكترونية؟
طالما نتحدث عن نتائج اولية الكترونية فإن هذا السؤال لو تم توجيه إلى أي طالب مبتدأ في أقسام علوم الحاسبات وأقسام تقنية المعلومات من المرحلة الثانية صعودا في الجامعات العراقية لكان الجواب نعم ممكن ومن خلال برنامج بسيط جدا ولا تحتاج إلى برامج معقدة إنما برنامج الأكسل فقط قادر بضغطة زر بعد إنتهاء الأقتراع مباشرة أن يزودك بما يلي:
أولا: قائمة بأسماء 329 الفائزين بعضوية مجلس النواب العراقي الجديد موضحا فيها عدد الأصوات التي حصل عليها كل عضو والدائرة الانتخابية والمحافظة الممثل لها وفي حقل الملاحظات يوضح هل الصعود جاء عن طريق الكوتا النسائية بالنسبة للنساء أو كوتة الاقليات أو عن طريق الاقتراح العام.
ثانيا: قائمة شاملة باسماء كل المرشحين وعدد الاصوات التي حصل عليها وأسم المحافظة التي ينتمي لها المرشح والدائرة الانتخابية.
ثالثا: قائمة تفصيلية بأسماء جميع المرشحين وعدد الاصوات التي حصل عليها في كل مركز انتخابي التابع لدائرة ما ومجموع الاصوات لهذه الدائرة واسماء الفائزين في الدائرة…
بالأضافة إلى المعلومات المشار إليها أعلاه فإن أي معلومات تحب المفوضية الحصول عليها يمكن إدراجها ضمن البرنامج المعد مسبقا وسوف تحصل عليها بضغطة زر مباشرة بعد غلق الصناديق.
المادة 38 أولا “تلزم المفوضية بالعد والفرز اليدوي لمحطة واحدة في كل مركز انتخابي، وهذه العملية تتم خلال فترة لا تتجاوز الساعة بعد غلق صناديق الاقتراع وهنا من المفيد أن أشير إلى إن العد والفرز اليدوي لجميع محطات المركز الانتخابي كان يجري في الانتخابات السابقة ويتم الانتهاء منها في فترة لا تتجاوز الثلاث ساعات تشمل العد والفرز اليدوي وادخال البيانات في الاستمارة المعده لهذا الغرض وتوقيع مدير المركز عليها ورزم الصناديق من جديد وتكون النتائج جاهزة للاعلان قبل حلول منتصف الليل ليوم الاقتراع وهذ ليس افتراض إنما حقيقة ما كان يتم في الانتخابات السابقة ومع ذلك كانت النتائج يتأخر إعلانها لغاية في نفس يعقوب والتي باتت هذه الغاية معروفة وهي عملية التلاعب في النتائج الحقيقية للانتخابات.
ألان لنفصل ماذا عملت المفوضية لتطبيق المادة 38 أولا من قانون الانتخابات!،
بعد مضي اكثر من 24 ساعة على أغلاق صناديق الاقتراع قامت المفوضية بنشر ارقام لا اول لها ولا آخر على شاشاتها ولسان حالها يقول للمرشح “أذهب أنت وربك وقاتلا إنا هاهنا قاعدون”، وقالت هذه نتائج أولية ولكنها غير مكتملة!
يا مفوضية الانتخابات أنا كناخب يهمني معرفة معرفه أولية زيد أو عمر الذي فاز في دائرتي الانتخابية ولا تهمني حفنة الارقام التي اعلنتيها وهي لا تمثل لي شيء على الاطلاق ولا يهمني متابعتها ولا تهمني عمليات الحسابية في هذه الارقام، وارقامك هذه لا تمثل لي غير مجرد سفسطة لا يفهم منها الناخب شيء!
المفوضية صدعت رؤوسنا على مدى أكثر من شهرين عن السيرفرات والجانب الالكتروني في الإنتخابات يوميا على الفضائيات وإن هذا الجانب الالكتروني لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من بين يديه في حين يعرف أي خريج تقنية معلومات سهولة أختراق السيرفرات والتلاعب في النتائج لكن هذه المفوضية نفسها عجزت عن إعلان قائمة واحدة أولية للشعب العراقي عن الأسماء الجديدة لمجلس النواب العراقي ونشرتها في موقعها وفي وسائل الاعلام المختلفة المقروءة والمرئية والسمعية، وهذا يمثل أبسط حقوق الشعب العراقي وهو حقه في معرفة النتيجه ورغم مرور كل هذه الفترة بقت المفوضية عاجزه عن الإعلان الاولي لنتائج الانتخابات وهذه تمثل مخالفة صريحة للمادة 38 أولا من قانون الانتخابات التي قفزت عليا المفوضية وراحت تتعامل مع النقطة ثانيا من نفس المادة مما زادت الطين بلة.
الأن لو تسأل أي مواطن عراقي في الشارع مطلع سؤال بسيط:
“هل تعرف الأسماء الأولية لمجلس النواب الجديد؟”،
تكون الإجابة كلا،
إذن منْ يعرف؟ سوف يقول لك الأحزاب وحدها التي تعرف أي ألمرشحين وحدهم يعرفون ولكنهم عرفوا بعد إجراءهم للعمليات الحسابية من فوضى الارقام التي أعلنتها المفوضية…
لذلك من حق الناخب ان يقول إن المفوضية لم تلتزم بنص المادة 38 أولا وهذا يعد مخالفة صريحة لقانون الانتخابات، ويترتب ضياع حقوق الناخب هذا، على إن كل ما يُعلن بعد ذلك عن المفوضية هو باطل بحكم القانون والدستور.
ويمكننا القول إن المفوضية لم تتمتع بأقل درجة من الشفافية في إعلان النتائج وهي تتحمل المسؤولية كاملة لما يحدث اليوم من أحتجاجات على نتائج الانتخابات أو بالأصح على سفسطة الأرقام المعلنة لحد الآن..وكل قطرة دم تسال اليوم في العراق تكون ذمة في رقبة المفوضية…فهل المفوضية بطريقة ما من خلال فوضى الأرقام التي أعلنتها كانت متعمده لإيصال البلد لما وصل إليه الأن؟
المفوضية ليس فقط لم تتحلى بالشفافية فقط ولكن أظهرت عدم مهنيتها في إدارة نتائج الإنتخابات مما راح يثير الشك عند الكثير من الأحزاب التي لم تحقق نتائج مقبولة لها وإنسحب هذا إلى درجة إتهام المفوضية بالتزوير والتلاعب بالنتائج والبعض أتهم دولا إقليمية بعملية التزوير، وبغض النظر عن أعتراضات الكيانات السياسية على نتائج الإنتخابات وتمحور هذه الاعتراضات بالكيانات الخاسرة فقط، فإن مفوضية الانتخابات صادرت حق من حقوق الشعب العراقي ولا تزال تصادرة لحد اليوم وهو معرفة النتائج الاولية للأنتخابات والمقصود بألنتائج الاولية قائمة أولية بسيطة فيها أعضاء مجلس النواب العراقي الجديد وأمام كل نائب جديد عمره والدائرة التي فاز فيها والمحافظة وعدد الاصوات التي حصل عليها.
الغريب في ألامر إن الكيانات التي أعتبرت نفسها فائزة كيف لم تدافع عن ضياع حق من حقوق الشعب العراقي وهو حق معرفة النتائج…وإذا كانت هذه الكيانات لم تقف مع الشعب العراقي لإسترجاع حقه المغتصب من قبل المفوضية فقط لكون هذه الكيانات فائزة، فكيف لهذه الكيانات سوف تدافع عن حقوق الشعب العراقي إذا تضاربت هذه الحقوق مع مصلحة الكيانات….
المفوضية أخطأت أو تعمدت هذا بحق الشعب العراقي
والاحزاب الفائزة لم تحرك ساكنا في الدفاع عن حق ضاع للشعب العراقي فهي لا تستحق ان تمثله لإنها أحزاب وكيانات تبحث عن مصالحها، وتركت الاحزاب الخاسرة وحدها في الميدان ليبدو أن ما يحدث تثيره الأحزاب الخاسرة فقط..ليس هذا فقط إنما راحت الاحزاب الفائزة تنزه عمل المفوضية وتغدق عليها أنواع المديح وهي بهذا الفعل تعلن إنها لا تستحق أن تمثل الشعب العراقي لأنها لا ولن تدافع عن مصالح هذا الشعب طالما هذه المصالح تتعارض مع مصالحها الحزبية الضيقة.
بعد هذا السلوك المخالف للقانون من قبل المفوضية والفوضى التي تبعتها من حقنا القول إن مفوضية الانتخابات ليس أكثر منمساهمة في “ثَأطَةٌ مُدًت بماءِ” أو كما يقال في الدارج ساهمت في زيادة الطين بلة.