ان من يتابع تطورات الاحداث على الساحة السياسية في العراق منذ انتخابات مجالس المحافظات 2008 يلمس بوضوح ماحققتها كتلة رئيس الوزراء من انتصارات لنفسها على الكتل والاطراف الاخرى وعلى الشعب العراقي بأسره وهي عديدة ومتنوعة نختار منها” القضاء على اعتصامات ساحة التحرير عن طريق تحييد الكتل والاطراف السياسية وجعلها تنأى بنفسها عن تبني هموم ومعاناة الجماهير المعتصمة ” “فرض الهيمنة على الهيئات المستقلة واحدة تلو الأخرى بما فيها البنك المركزي العراقي وذلك بمباركة وتأييد كتل وأطراف سياسية وسكوت الآخرين من الساسة والقادة” “تحقيق الانتصار على المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بسبب (ضلوعها في الفساد!) وتورط رئيسها بصرف مبلغ 150 الف دينار لسبعة أو ثمانية موظفين تحت باب مكافئات غير العاملين ولقد تم استرجاع هذا المبلغ الذي بلغ مجموعه مايقارب المليون ومائتا ألف دينار عراقي أي ما يعادل ألف دولار أميركي عدا ونقدا وتم ايرادها لخزينة الدولة (بهذا تم القضاء نهائيا على الفساد في العراق وكل بؤره!!)” “فرض الهيمنة على الوزارات الامنية والانفلات من المسؤولية أمام البرلمان والشعب رغم الانفلات الامني المستمر والاخفاقات الامنية المتتالية في العاصمة و المحافظات” وغيرها من (المنجزات) و(الانتصارات) التي نتجت عنها إحكام سيطرة رئيس الوزراء على كافة المفاصل الحيوية في الدولة….وفيما يلي أود أن أسلط الضوء على ما آلت اليها الامور في واحدة فقط من أهم وأخطر هذه الهيئات المستقلة ألا وهي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات….
ان تشكيلة مجلس مفوضية الانتخابات الحالية في ظاهره تشكيلة محاصصاتية باعتبار أن الكتل السياسية هي التي شاركت في اختيار أعضاءه من بين أتباعها ! فقد تم اختيار كل عضو من أعضاء مجلس المفوضين الحالي من قبل احدى الكيانات الممثلة داخل مجلس النواب ، لكن هؤلاء الاعضاء الذين يفترض بهم الاستقلالية في عملهم وإنصاف الجميع وعدم قبول هيمنة أي طرف سياسي على حساب الاطراف الاخرى مهما كانت قوته ونفوذه ، نرى بانهم قد أخذوا درسا من التشكيلة السابقة للمفوضية (بسبب ماتعرض له المجلس السابق من ترويع وترهيب وتنكيل جراء عدم الرضوخ لاملاءات حزب السلطة) ما جعل المجلس الجديد طيعا لارادة كتلة دولة القانون التي أضحت بيدها كافة مفاتيح الدولة !! فويل لمن يخرج على المسار وويل لمن يلعب بذيله بعيدا عن سياسة (الدولة والقانون) فان الآمر الناهي داخل الادارة الانتخابية للمفوضية قد حصل على مركزه هذا مقابل ما قدمه من خدمات لاسياده في حزب السلطة الى درجة تضحيته بشرف المهنة وخيانته للامانة الوظيفية واساءته لزملاءه في الوظيفة وسعيه لاثارة الشكوك حول انتخابات مجلس النواب 2010 خدمة لمصالح كتلة (دولة القانون) يعاونه في ذلك ثلة من الصعاليك الاقل شأنا منه بينهم (دكتور على غفلة) وتركماني ناكر لاصله و شيعي فشل في اثبات ولاءه لتياره كونه خان شرف المهنة ، انهم يتآمرون ويتكاتفون ويتسترون ويتراقصون على نفس الايقاع فدولة القانون هوالمنتصر دوما ولابد ان يظل منتصرا أولا وأخيرا ، إذ أن كل الامور داخل دائرة العمليات وملحقاتها وداخل الادارة و تفاصيلها قد أصبحت تحت السيطرة وكل الضوابط والاجراءات و القواعد سوف يتم وضعها على مقاس (دولة القانون) مادام الآخرون ظلوا ويظلوا ساكتين قانعين ….
في ظل هذا الواقع سوف لا نجد داخل مجلس مفوضي المفوضية من يعارض أو يقارع أو يقاطع أو يواجه أو يبادر أو من يغرد على الضد من إرادة (دولة القانون) لان الساحة السياسية باتت مزدحمة بالساسة المجندين الذين سوف يكونون بالمرصاد لكل من يسول له نفسه الخروج عن الخط السياسي لـ (دولة القانون ) أولئك الساسة الذين يتبارون بتفان ليل نهار لاجل الفوز برضى حزب السلطة ورئيسه ولي نعمهم . وما يثير الاستغراب حقا هو أن بعض أولئك الساسة محسوبون على كتل واتجاهات مختلفة من شيعية وكردستانية وسنية بل وحتى الكتل الليبرالية من أمثال التغيير التي لم تسلم هي الاخرى (بدون علم قادتها في أغلب الظن ) من مثل هذه النماذج . وأخيرا يحق لنا أن نتساءل كيف لمفوضية انتخابات في ظل هذا الواقع وتحت جبروت قائد الضرورة وبطانته الغبية ان تنتج انتخاباتا نزيهة وعادلة ياترى؟