أكبر كذبة كذبتها الطبقة السياسية الحاكمة وصدقها “البعض” ان مفوضية الانتخابات “مستقلة”، ولا تخضع لارادة الاحزاب المهيمنة على السلطة. ولعل من براهين ذلك الكذب أن مجلس المفوضين يخضع لتقاسم “الكعكعة” التي قُسّمت من خلالها جميع مفاصل الدولة على اسس “طائفية” و”سياسية” و”قومية”، وما جرى من تغيير انحصر على مجلس المفوضين حيث استبدلوا بقضاة، لكن مدراء المكاتب في المفوضية بل حتى الموظفين، ينحدرون من احزاب سياسية، وتقسّم المكاتب طائفياً وسياسياً، فمدير مكتب الكرخ ينحدر من حزب “الحل” حيث جلبه الحزب ونصبه مديراً على مكتب “الكرخ”، بعد سنوات قليلة من تثبيته على ملاك المفوضية.
بمعنى آخر أن ما تم تغييره في المفوضية فقط “الواجهة”، اما سلطة الاحزاب وسطوتها فما زالت هي المتسيّدة والمسيطرة على “المفوضية” التي لم تكن يوماً “مستقلة”، بل تخضع لارادة تلك الاحزاب، لان الاخيرة لا يمكن لها الوصول الى سدة الحكم ما لم تكن لديها يد طولى في “الهيأة” تكفل لها الحصول على المقاعد والفوز بالدورات الانتخابية، وحصد الاصوات التي توزع بشكل “فاضح” بينهم، كما وزعت في انتخابات عام “2018” وضربت العملية الانتخابية عرض الحائط، اذ جاءت مقسّمة بطريقة محترفة بين الاحزاب المعروفة، في حين ذوّبت التكتلات التي طرحت على انها “مستقلة” ولم تحظ بمقعد واحد.
اليوم وفي ظل الحراك الجاري لاجراء الانتخابات “المبكرة” نجد ان المفوضية “مسلوبة” القرار، وبدت “حججها” تكثر لتأجيل انطلاق العملية الانتخابية مع قرب موعدها، بينما تلك الحجج لم تظهر في الاشهر الماضية، بل انها اكدت مراراً قدرتها على ادارة العملية الانتخابية، وهذا يكشف وجود تخبط بالمواقف، حيث قدم رئيس مجلس المفوضيين مقترحاً دعا فيه بتاجيل الانتخابات الى 16/ 10/ 2021، لقلة عدد التحالفات المسجلة بالرغم من انتهاء موعد التسجيل، لكن الحقيقة التي كانت وراء التأجيل هي قرب انتهاء موعد تحديث سجل الناخبين الذي حدد لغاية “2” شباط، ولم تنجز المفوضية الى الان سوى “105” الف من اصل “25” مليون مواطن يحق لهم الانتخاب.
و”السبب” وراء تلك “الضجة” ينحصر بقضية لا تريد المفوضية ولا مجلس المفوضيين التصريح بها، لاسباب اجهلها ويجهلها الجميع، وهي انه مع بداية انطلاق التحديث البايومتري للناخبين مطلع كانون الثاني الجاري، اضرب موظفو عقود المفوضية عن العمل لاكثر من اسبوعين، وهو ما جعل مواقف التحديث تصل الى “صفر” في بعض المراكز، لان اصحاب العقود طالبوا بحق مسلوب وهو “التثبيت”، كونهم قضوا عدة سنوات في خدمة المفوضية، الا ان الاخيرة تكافئهم بـ”تسريحهم” بعد سويعات من انتهاء الانتخابات، وهذا ما حدث في الدورتين الانتخابيتين “2014” و “2018”، وتوقعوا ان يحدث ذلك في انتخابات “21” في حال انطلاقها، لذلك قاموا بخطوة استباقية لاسترداد حقوقهم، الا ان المفوضية تجاوزتهم ولم تتطرق الى قضيتهم مع رئيس الوزراء بالرغم من انعقاد اكثر من اجتماع مع رئيس الوزراء وجاءت الموازنة خالية من شمولهم بالتثبيت.
وهذا سبب من الاسباب التي دفعت المفوضية الى المطالبة بتأجيل الانتخابات، ولعل هنالك أسباباً اخرى، تتعلق بخضوعها الى الضاغط السياسي الذي لا يرغب باجراء الانتخابات في وقتها المحدد، ولا سيما تلك الكتل التي ما زالت غير مؤهلة لخوض غمار الانتخابات، لانها ما زالت في حالة “سبات” على عكس الدورات الانتخابية السابقة التي كانت فيها الكتل السياسية تطلق حملاتها الانتخابية قبل اجراء الانتخابات قبل سنة.
انا اقول ان قرار اجراء الانتخابات لا يعود الى المفوضية كما صرحت به الكتل السياسية وانما على العكس، فهو ينتظر قراراً سياسياً ومن ثم يؤذن للمفوضية بالانطلاق، ومن يقول خلاف ذلك اما واهم او كاذب.
منطقة المرفقات
برامج فحص الفيروسات من بريد Kitabat غير متوفّرة مؤقتًا. – لم يتم فحص الملفّات المُرفقة للكشف عن فيروسات. يمكنك تنزيل هذه الملفات على مسؤوليتك الشخصية.