23 ديسمبر، 2024 11:08 ص

مفهوم الوطنية بين الدعوة الإسلامية و المجلس الإسلامي !

مفهوم الوطنية بين الدعوة الإسلامية و المجلس الإسلامي !

وفقا” للدراسات التي كتبها ( الدعاة ) و المعنية بنشأة و تأسيس حزب الدعوة ، فإن نظريته تقوم على ركيزتين هما : العقائدية و العالمية ، و سنذكر إحدى الركيزتين ( العالمية ) ، لكونها ذات علاقة بموضوعنا هذا ، و هذه الركيزة لنظرية الدعوة ، وفقا” لما وردت في إحدى الدراسات ، هي : ( العالمية.. فقد أكدت أدبيات الدعوة على إن المرحلة الرابعة من مراحل حركة الدعوة هي حاكمية الإسلام ، أي تأسيس الدولة الإسلامية في أحد الأقاليم ، ومنها يقوم الحزب بالانطلاق إلى بناء الدولة الإسلامية الكبرى التي تضم الجغرافيا الإسلامية دون حدود .
كما أن انتماء مؤسسي الدعوة وأعضائها الأوائل إلى عدة بلدان إسلامية ، يؤكد طبيعة تحرك الدعوة ومساحتها ، إذ أنهم كانوا يطرحون “الدعوة” باعتبارها حركة إسلامية عالمية ، انسجاما مع عالمية الإسلام ، وشأنها شأن الحركات الإسلامية الكبرى ، أو الحركات الإيديولوجية العربية والعالمية ، وليست حركة عراقية محضة ، وإن كان العراق يمثل محور هذه الحركة وركيزتها ، وكأن حزب الدعوة بذلك يريد تكريس العراق قاعدة ومحوراً للتحرك التنظيمي الإسلامي الشيعي ، في مقابل الحركة السلفية التي ترتكز إلى مرجعية العربية السعودية ، وجماعة الإخوان المسلمين التي ترتكز إلى محورية مصر ، وبذلك فإن هذا البعد العالمي للدعوة مثّل إضافة نوعية للعراق ؛ الذي أصبح مركزًا للأطراف التنظيمية الشيعية في المنطقة ، حيث تأسس لحزب الدعوة ابتداء من منتصف الستينيات فروعًا قوية في معظم البلدان التي يتواجد فيها الشيعة ) .
فحزب الدعوة إذن ، يطرح هويته العالمية ، كما هو حال الحزب الشيوعي الذي يطرح هويته الأممية ،و بغض النظر عن المضامين و النوعيات ، و مثل هكذا هوية سافرة ، لم يعد للوطنية طابعا” فيها ، بل هو يعتبر الوطنية حاجزا” و معوقا” في طريقه ، و هذا الأمر لم يعد سرا” في منهجية عمله ، فهو حزب طائفي و عابر للوطنيات ، مثلما هو يتخذ من المذهب الشيعي ( الديني ) شعارا” له عقائديا” و طائفيا” ، بيد إنه في نفس الوقت لا يضيره معاداة الأحزاب الأخرى ، من التي ترفع ذات الشعار المذهبي ، مقرونا” بالوطنية ، و هنا مربط الفرس ، و هذا المربط هو الوطنية التي يجاهر بها المجلس الإسلامي و التيار الصدري ، و قد يكون عداؤه للحزبين المذكورين ، متأتيا” من هذا الطابع الوطني الذي يجهر به الحزبان المذكوران ، خلال منهجيهما السياسيين في الساحة العراقية .
فالمجلس الإسلامي في مبادراته ما أنفك عن الإلتزام الوطني ، كمحور أساسي في إتجاه هذه المبادرة أو ذاك المشروع ، ، فحتى كتلته البرلمانية منحها أسما” بهذا المعنى ( كتلة المواطن ) ، كما إنه قام بتطوير مفهوم الوطنية من خلال تعميقه و تزخيمه بالمحيط العروبي ، و قد تكون جولة السيد عمار الحكيم في المنطقة الإقليمية و مصر ، تأتي ترجمة لهذا التعميق و التزخيم ، بينما لم نلمس مثل هذا الأمر في الآلية التنفيذية و الإعلامية لحزب الدعوة ، خصوصا” و أن الأخير زخم نشاطه الخارجي أكبر و أثقل من المجلس الإسلامي ، على صعيد النشاط السياسي و الإعلامي ، لا سيما و إنه الحزب الحاكم في العراق .
لذلك ، ليس بمقدور حزب الدعوة ، إنتهاج الوطنية أو حتى الدعوة إليها ، لكون مثل هذا الأمر ، يأتي بالضد من نظريته التي قام و تأسس عليها ، و من منطلق إن مؤسسيه في الغالب ليسوا عراقيين ، و هم بالتالي ليسوا معنيين بالوطنية العراقية ، بقدر إعتنائهم و إهتمامهم بالعقائدية الطائفية العالمية ، مثلما وردت في طروحاتهم التنظيرية ! .
و عليه ، يظل حزب الدعوة ، حزبا” طائفيا” عالميا” ، و مقابلا” لحزب الإخوان المسلمين الطائفي ، على ما تقول طروحات ( الدعاة ) ، و إعتمادا” على ما ذكره أحد مؤسيسيه الأوائل و أول من عرض فكرة تأسيسه ، و هو محمد مهدي الحكيم : ( وفي 1959شهدت مدينة كربلاء المقدسة الاجتماع التَّأسيسي للحزب ، وكانت تحت اسم “الحزب الإسلامي الشيعي” وذلك قبل إعلانه رسميا ، ولكن مع قيام جماعة الإخوان المسلمين بتقديم طلب رسمي للحكومة العراقية وقتها ، لتأسيس حزب باسم الحزب الإسلامي ، وتمت الموافقة عليه ، دعا الصَّدر ، ومؤسسي الحزب الإسلامي الشِّيعي إلى تغيير اسمه ، إلى حزب الدعوة الإسلامية ) .
و من هذا ، أوغل حزب الدعوة في معاداة الوطنيين العراقيين بشتى صنوفهم و إتجاهاتهم ، بل و حاربهم حتى في باب رزقهم المحدود ، كونهم قاوموا نهجه اللاوطني ، و الشواهد كثيرة في هذا الجانب ، كما إن هذا الحزب الطائفي العالمي ، ناقض أهداف قيامه و تأسيسه التي وردت في أدبياته و تنظيراته ، و على سبيل المثال لا الحصر : ( تحرير البلاد الإسلامية من السيطرة الأجنبية الكافرة ) ، عندما جاء مع الغزو الأميركي مبكرا” ، و هو أول حزب عراقي بل و شيعي ، يفتتح له مقر في أعقاب الإحتلال ، في طريق مطار بغداد .
و بالتالي ، ليس من باب المبالغة إذا ما قلنا ، إن حزب الدعوة ليس وطنيا” ، و إنما هو حزب طائفي عالمي و عميل ، حزب لا يعرف الوطنية في قاموسه بتاتا” ، و حتى لوجلبنا عدسات مكبرة لمعاينة هذا القاموس ، لما وجدنا أثرا” للوطنية فيه ، و لهذا ليس من الغرابة أن تغيب الوطنية عندما أصبح حاكما” للعراق ، إبتداءا” من سماجة و إبتذال ابراهيم الأشيقر ( الجعفري ) ، و مرورا” بإنهيارات و فرهود نوري المالكي ، و إنتهاءا” عند هشاشة و لا مبالاة حيدر العبادي ! .
كل عناوين النهب و السرقة و التزوير و التعامل و الفساد و التحايل ، ظاهرة في اللافتات المرفوعة و المخفية ، لدى حزب الدعوة ، ما عدا الوطنية فليس لها وجود ، و هو واقع لا ندعي إكتشافه ، و إنما حزب الدعوة أكد في نظريته على ذلك ، لكون العالمية نقيضا” للوطنية أو كما يقول المثل الدارج ( المكتوب معروف من عنوانه ) ! .