9 أبريل، 2024 11:26 ص
Search
Close this search box.

مفهوم المعارضة الوطنية الصحيحة والصادقة

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا تكتمل صورة المشهد السياسي لأي نظام ينتهج نهجا ديمقراطيا صحيحا ما لم تكن هناك معارضة وطنية صادقة، فهي تكون أشبه (بملح الطعام أو البهار) الذي لا بد منه لكونه يعطي نكهة طيبة ولذيذة للطعام رغم (مجوجته وحرورته)!. ومن خلال مشاهداتنا وسماعنا عن أحوال المعارضة الوطنية والتي تكون أشبه بحكومة ظل وعن منهاجها السياسي والعملي داخل قبب البرلمان في دول العالم الديمقراطية المتحضرة نجد بأن هذه المعارضة الوطنية تقوم بمراقبة عمل الحكومة وتسارع الى أنتقادها أذا وجدت هناك خللا وتلكؤا في سير أعمالها في أي مرفق من مرافق الدولة أو في أحد القرارات التي تصدرها والذي ترى أنه قد يلحق الضرر بمصلحة المواطن ومستقبل الوطن، ومن الطبيعي تكون مراقبتها لعمل الحكومة وأنتقادها لها بشفافية ونزاهة وحرص. وتعرض لنا وسائل الأعلام والفضائيات في أحايين كثيرة مشاهدات عن حالة من الصراخ والمشادات الكلامية القوية بين أعضاء البرلمان داخل قبة البرلمان نفسها في تلك الدول المتحضرة ، ولكنها لا تحمل روح الحقد والكراهية ولا هي، من أجل المزايدات والمهاترات الكلامية الفارغة ومحاولة وضع العراقيل أمام عمل الحكومة وأحراجها كما في برلماننا!!، بقدر ما تعبر عن حالة من الشعور والحرص الوطني العالي!. فعمل المعارضة الوطنية الحقيقية والصادقة هناك هو لتقويم عمل الحكومة ووضعها في مسارها الصحيح أذا وجدت أن هناك أنحرافا عن خط سيرها الوطني وعن الشعارات التي طرحتها ونادت بها قبل تسلمها قيادة الدولة. فالمعارضة دائما ما تدخل في منافسة نزيهة ووطنية مع الحكومة مما يدفع الحكومة لتقديم أعلى درجات درجات العطاء والأداء ليس على الصعيد السياسي فحسب بل على كل الأصعدة والذي يصب في النهاية في مصلحة الوطن والمواطن. فالمعارضة الوطنية هناك لا تؤول ولا تلفق الأكاذيب على الحكومة، ولا تتحالف مع اعداء الوطن في الداخل ولا تضع يدها بيد قوى خارجية أقليمية أو دول مجاورة معروفة بمواقفها السلبية والعدائية وغير الطيبة تجاه الحكومة والشعب! ،وتقوم بزيارتها أو الأتصال بها بشيء من المخاتلة والسرية دون علم الحكومة!، بحيث تضع نفسها وتحركاتها موضع شبهة!، كما أنها لا تدبر أمورها بعتمة ليل وتحت الطاولات وخلف الكواليس ولا ترفع شعار التحالف مع الشيطان في سبيل أن تصل الى سدة الحكم،فعندها ستكون معارضة عدائية لا معارضة وطنية ولا وجود لأي مصلحة للوطن والشعب في معارضتها. أن المعارضة الوطنية الصادقة من حقها أن تعمل كل شيء ولكن ضمن الأطار القانوني والنزاهة السياسية أذا أرادت أن تصل الى سدة الحكم، وهي أن وصلت لا لكي تنعم بالكراسي والمناصب وتسرق أموال الشعب ولكن لكي تكون خادمة فعلية له لكونها أنبثقت منه وأليه تعود، فهي تعمل تحت النور والأضواء وأمام أنظار الشعب لا بأسلوب المكيدة والخداع.وأذا حدث وأن فازت بأكبر عدد من مقاعد البرلمان الذي يتيح لها تسلم المناصب القيادية والسيادية، لا تفكر بالأنتقام وتبدأ بتصفية خصومها وتنحيتهم عن أماكنهم السابقة.أن عراق اليوم وبعد مرور (15) عام على سقوط النظام السابق لا زال يتلمس طريق الديمقراطية!، لأن جميع قادة الأحزاب السياسية وكافة من تصدوا للعمل السياسي من بعد سقوط النظام السابق ومع الأسف لم يصلوا بعد الى حالة من النضج السياسي الديمقراطي الجديد، هذا أن لم يكونوا غير مقتنعين أصلا بشيء أسمه الدبمقراطية!، وهم أن تناولوا وذكروا هذه المفردة في خطاباتهم ولقاءاتهم وامام وسائل الأعلام فهي تأتي من باب الأستهلاك السياسي ومن باب ذر الرماد في العيون كما يقال!!. لأن قادة الأحزاب السياسية عندنا لا زالوا يعيشون هاجس السيطرة والأستئثار بالسلطة؟! حيث تصارعوا وتقاتلوا من أجل ذلك ولازالوا يتصارعون ويعدون عدتهم منذ الآن للأستحقاقات الأنتخابية القادمة!. فبعد الأحباط الكبير الذي أصاب العراقيين جميعا ومن بعد (15) عام على سقوط النظام وبعد أن لمسوا زيف وأدعاءات جميع الأحزاب والتيارات السياسية وما رافق عمل الحكومة ووزاراتها منذ مجلس الحكم وصولا الى حكومة العبادي الحالية من فضائح الفساد المالي والأداري وبقاء المواطن العراقي يدور في فلك الأنتظار والوعود الفارغة والعيش على الأوهام ،فهل نتوقع في خضم هذا المشهد العراقي الممزق والمتردي سياسيا وأجتماعيا وأقتصاديا ودينيا وأمنيا وحتى أخلاقيا! أن يشهد برلماننا القادم وجود معارضة وطنية صادقة بهذا المفهوم وهذه الروحية الوطنية العالية ؟ نتمنى ذلك وننتظر.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب