23 ديسمبر، 2024 12:52 م

مفهوم المدنية … بين التصحيح و التحريف 

مفهوم المدنية … بين التصحيح و التحريف 

حينما خرجت التظاهرات الجماهيرية في العراق ضد الفساد المستشري بجميع مفاصل الدولة جراء السياسات التخبطية لساسة العراق طيلة (13) عاماً و كذلك تفاقم ظاهرة السرقات للمال العام من قبل هؤلاء الساسة الفاسدين مما جعل الشعب يخرج بتلك الثورة العارمة ليعبر عن سخطه و نقمته على سوء الإدارة  للقيادات السياسية الحاكمة و مطالبتها بالإصلاح الحقيقي و التغيير الجذري من خلال تغيير العملية السياسية برمتها و إقامة الدولة المدنية القائمة على مبادئ  العدل و الإنصاف بين مكونات الشعب لكن ما يلفت الانتباه في تلك التظاهرات هو الخلط الحاصل و عدم التمييز بين مفهوم المدنية المحرف و المفهوم الصحيح و الذي تسعى المرجعية الفارسية  الانتهازية إلى إفراغه من محتواه الحقيقي من خلال عقد الندوات و النقاشات و اللقاءات الإعلامية عبر وسائل الإعلام و التطبيل له و ترسيخ أفكار سامة منها أن حكومة العبادي مؤيدة و مدعومة من قبل مرجعية السيستاني الكلاسيكية هذا من جهة بالإضافة  إلى زج مرتزقتها في التظاهرات لينادوا بشعارات و هتافات بعيدة كل البعد عن مفهوم المدنية الصحيح من جهة أخرى حيث أن مفهوم المدنية يقضي بضرورة مشاركة كافة أطياف و شرائح المجتمع العراقي بغض النظر عن الانتماءات المذهبية و الدينية في إدارة الدولة المدنية المنشودة فمفهوم المدنية قائم على العدل و الإنصاف و المحبة و التسامح و احترام الرأي و الرأي الآخر و نبذ التطرف الديني  و هذا ما لا يروق للمرجعية الأعجمية الكلاسيكية فعملت على دس السم في العسل من خلال التحريف المتعمد لمفهوم المدنية الصحيح في محاولةٍ منها لخداع الشعب و التغرير به و بقائه يرزح تحت نير و تسلط قادة قوائمها الفاسدة وهذا ما حذرت منه المرجعية العراقية عندما نادت بضرورة حل الحكومة و البرلمان و تشكيل حكومة مدنية بالمفهوم الحقيقي  الصحيح له و ليس بالمفهوم الخاطئ الذي ادخل البلاد في نفق المآسي و الويلات جاء ذلك في بيان المتظاهر و الناشط العراقي الصرخي الحسني في 17/8/2015 و الموسوم ( من الحكم الديني ( اللا ديني ) … إلى … الحكم المدني ) بقوله : ((بعد أن انقلب السحر على إيران الساحر بفضل وعيكم وشجاعتكم وإصراركم فادعوكم ونفسي إلى الصمود في الشارع وإدامة زَخْمِ التظاهرات والحفاظ على سلميّتها وتوجّهها الإصلاحي الجذري حتى كنسِ واِزاحةِ كلِّ الفسادِ والفاسدين وتخليصِ العراق من كل التكفيريين والتحرر الكلي من قبضة عمائم السوء والجهل والفساد حتى تحقيق الحكم المدني العادل المنصف الذي يحفظ فيه كرامة العراقي وإنسانيته وتمتُّعِه بخيراته بسلامٍ واَمْنٍ وأمان )) وحذر المتظاهر و الناشط الصرخي  في الوقت نفسه المرجعية الفارسية الانتهازية من ركوب موجة التظاهرات من خلال طرحها لمفهوم المدنية المحرف و الذي تسعى من خلاله إلى إبقاء الوضع العراقي كما هو عليه و ما آلَ إليه للمربع الأول بنشر الفساد و تسلط الفاسدين فطيلة (13) عام و حال العراقيين يسير من السيئ إلى الاسوء فالاسوء  جاء ذلك بقوله : ((لابدّ أن نُحذّر المؤسسةَ الدينية ومن ورائها إيران بان أيَّ محاولةٍ للانتهازية واستغلال جهود وتضحيات المتظاهرين وإرجاع الأمور إلى المربع الأول بتسليط نفس المؤسسة الدينية الكهنوتية وإفرازاتها الفاسدة المُفسِدة … فنحذِّرُهم من ركوبِ الموجِ ومحاولةِ الخداع والتغرير من جديد فنقول لهم عليكم تطهير أنفسِكم ومؤسساتِكم قَبْل ان تنتهزوا وتَركَبوا مَوْجَ التغيير والإصلاح والقضاء على الفساد ، فلأكثر من ثلاثة عشر عاما الأمور بأيديكم من سيئ الى أسوأ والكوارث والمآسي في ازدياد مطّرِد )).