23 ديسمبر، 2024 6:36 ص

مفهوم السيادة الوطنية عند الساسة العراقيين

مفهوم السيادة الوطنية عند الساسة العراقيين

جميع الأشخاص ، وفي كافة المجالات ، يستخدمون بعض الكلمات والمصطلحات والرموز والتعابير للدلالة على معناها ومضمونها حسب إدراكهم وفهمهم وثقافتهم وخلفيتهم لتلك المصطلحات والتعابير. وتبقى مشكلة الجدلية في المفاهيم هي العائق الأساسي للوصول الى المضامين الحقيقية لتلك المصطلحات عند استخدامها . ومن أهم المجالات التي تبرز فيها هذه المشكلة هو المجال السياسي الذي يتمثل بالشخوص المسؤولة عن إدارة شؤون الدولة بسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية عند تعاملهم بقضايا الإدارة العامة للبلاد وإتخاذهم القرارات المتشعبة التي تخص المجتمع ومستقبل أجياله . فعلى سبيل المثال ينادي السياسي العراقي في موقف معين أو مناسبة معينة بأهمية تبني مبدأ احترام حرية الفرد ، ولكن هذا السياسي لا يدرك فعلاً ماذا يعني بهذا المصطلح ” احترام حرية الفرد ” وما هو المضمون الحقيقي لمفهوم الحرية الفردية . فهل هي حرية الفرد العراقي في إختيار أي معتقد ديني يرغب به ، بالتأكيد كلا لأنه سيفقد حياته إذا اختار دين غير الإسلام . وهل هي حرية الفرد في إنتقاد بعض الرموز والشخصيات المسؤولة عن إدارة البلد ووصفها بالجهلة والسراق دون ان يُحاسب أو يُغتال ، بالتأكيد كلا . وهل معنى حرية الفرد في أن يلبس ما يشاء سواء كان محتشم أو غير محتشم دون أن يهان أو يعتقل أو يقتل ، بالتأكيد كلا وثم كلا . إذاً مصطلح أو مفهوم ” الحرية الفردية ” له مضمون في فهم وإدراك وثقافة السياسي العراقي بأنها الحرية التي تخضع كلياً لمبادئ الإسلام وأحكامه ومزاجات أصحاب العمائم ( محدودي المعرفة والتعلم والتحضر ) بمختلف ألوانها وأشكالها وبذلك تتلخص المشكلة كلياً بالمفاهيم الحقيقية للمصطلحات التي تستخدم من قبل معظم السياسيين العراقيين والتي نشاهدها بوضوح في البرامج الحوارية للقادة العراقيين في جميع وسائل الإعلام المرئية والتي تعكس مدى جهالة تلك الفئة الحاكمة.
بعد هذا التوضيح المهم لأهمية فهم المضامين الحقيقية للمصطلحات التي تستخدم في العراق برز فجأة مصطلح ” السيادة الوطنية ” ليعلك بها الجميع في أروقة مجلس النواب بدون إستثناء ، إلا القلة غير المحسوبة ، وأصبح معظم النواب حريصين على السيادة الوطنية للعراق في لحظة زمنية معينة ليعبؤا الجهود لإصدار قرار تشريعي بإلغاء الأتفاقية الأمنية والإطار الإستراتيجي الأمني ما بين العراق والولايات المتحدة الأمريكية . وحسب مفهوم هؤولاء الجهلة والأغبياء بأن إلغاء هذه الإتفاقية سيحقق السيادة الوطنية للعراق ، بالرغم من إن جميعهم لم يطّلع أساساً على الإتفاقية وبنودها وأحكامها وشروطها في حالات التعديل أو التمديد أو الإلغاء . حتى إن معظم أعضاء مجلس النواب ( وغيرهم ) لا يعلمون بوجود مثل هذه الإتفاقية . ثم لماذا ظهرت غيرة أعضاء مجلس النواب على السيادة الوطنية العراقية الآن وليس قبل ذلك بسنوات عديدة ، هل تحفزت هذه الغيرة الوطنية بسبب خارجي أم صحوة ضمائر فاسدة . هل السيادة الوطنية تعني إخراج القوات الأميركية من العراق حسب مناداة أكبر السياسيين الجهلة مثل الخزعلي والصدر وهادي والمهندس وغيرهم والذين بإستطاعتهم ومليشياتهم المسلحة أن يخرج هذه القوات بسهولة حسب تصريحاته الغبية أو تصريحات المعممين الآخرين الذين يدعون بأنهم قاوموا ما يدعى بالإحتلال الأمريكي وهم عبارة عن جهلة ومتخلفين يتبعون بدون إدراك رمز جاهل ومتخلف بكل معنى الكلمة كونه فقط يحمل لقب يتبرك به كل متخلف غير عاقل .
أيها العراقيون المغفلون والمتخلفون ، إن السيادة الوطنية هي الموقف الذي يحقق للمجتمع الآمان والحريّة والتقدم والتحضر والمستقبل الواعد للأجيال المقبلة سواء كان ذلك بوجود قواعد أو قوات أجنبية أمريكية كانت أم بريطانية أم فرنسية أو أي جنسية أخرى من عدمها ما دامت نتيجتها الرفاه العام الدائم للمجتمع عموماً وليس البؤس والشقاء العام المتٌوج بمصطلح ” السيادة الوطنية ” الذي ينادي به السياسيون لإستغفال الشعب ، وهو بالأساس شعب مُستغفل . السيادة الوطنية للدول النامية والمتخلفة كالعراق ، مثلاً ، هي التحالف الإستراتيجي على مختلف المستويات مع القوى الفاعلة في العالم في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية أمنياً وإقتصادياً . سيتفاجأ معظم السياسيين العراقيين الجهلة من هذا الكلام لأنهم لا يدركون ولا يستوعبون مثل هذه الأمور ، فهم بالتأكيد من بيئة ترّبت تحت السراديب.
وإذا كان لدى السياسيين العراقيين بكل أطيافهم أي مستوى بسيط من الفهم والإدراك لمفهوم السيادة الوطنية فإليكم مثال بسيط ” سنغافورا ” التي أرتبطت بتحالف ستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية مع وجود قواعد عسكرية ويتمتع شعبها بأرقى مستويات العيش ، وكذلك ” اليابان ” و ” ألمانيا ” وغيرها ، بلدان يحلم أي إنسان أن يعيش فيها بالرغم من وجود إتفاقات أمنية وإقتصادية مع وجود قواعد عسكرية أمريكية . أيها الشعب العراقي المغفل والمغّيب ، الى متى تبقى بهذا التخلف تابع لهذه العمائم السوداء والبيضاء أو لهذه الرموز والشخوص النكرة التي تتزايد على مصلحتك بإسم السيادة والوطنية وغيرها ، الى متى تبقى ذليل هؤولاء المعممين. أفهم أيها العراقي الغبي إن السيادة الوطنية هي السيادة التي تحقق لك كل مستلزمات العيش الكريم وللأجيال القادمة. السيادة الوطنية هي عبارة عن أمان وحرية وتقدم وتحضر وإنتماء ومستقبل واعد للمجتمع مهما كان السيناريو المتبع ما دام حصيلته النهائية مصلحة الوطن والمجتمع . هل هذه المفردات متاحة ؟ لك الجواب أيها المغفل . كان بالإمكان أن يصبح العراق سنغافورا في الشرق الأوسط لولا غباء الأمريكان الذين لم يستوعبوا خصائص المجتمع العراقي العشائري الطائفي المتخلف وغباء من تقلد زمام الأمور لإدارة شؤون الدولة وهم أحزاب الإسلام السياسي المتخلف . هنيئاً لك يا عراق بهذا التخلف .