تنويه :
لحظة من العاطفة الجياشة والشفافية والأندماج التام مع الحالة ، قادتني لأن أكتب بهكذا موضوع ، هذه اللحظة سيطرت على كل حواسي من خلال مشاهدتي لفلم تلفزيوني عن الأم تريزا / ثم تتبعت بعض القراءات و المقالات عنها أضافة لمعلوماتي السابقة حولها ، التي تتصف ليس فقط بالتفاني و أنكار الذات و الأخلاص اللامتناهي ، بل أنها منحت تعريفا جديدا لمعنى الخدمة والحب في الحياة التي نعيشها نحن البشر ، عبرت عنها الأم تريزا بقولها :
” لكل مربضٍ هناك عدد كبير من الأدوية والعلاجات ، ولكن إذا لم يكن هناك يد ناعمة حاضرة للخدمة ، وقلب كريم حاضر للحب ، فإنني لأعتقد أنّه بالإمكان شفاء ما يسمّى بنقص الحب وبنفس السياق و المسار عن الخدمة و الحب في الحياة ، أرتأيت أن أربط الموضوع جدليا بالخليفة أبو بكرالبغدادي / خليفة داعش ، لأن الاثنين لهما ميزة تربطهما ربطا وتشدهما شدا الى بعض الأ وهي الحياة ، حيث أن الأم تريزا تمنح أملا بالحياة للمعدمين ، بينما البغدادي يقتلع الحياة بأسوا وأبشع وأشنع طريقة ويرميها منحورة الرأس بحفرة ، تحفرها الضحية بساعديها !!
ومن خطبته في الجامع الكبير بالموصل :
” أطيعوني ما أطعت ألله فيكم ، واصفا مبايعته .. بالأمر العظيم !! وأكمل أن ” الأمانة ثقيلة ” .
فأي طاعة وأي أمانة يتكلم عنها ، نعم أنها أمانة ثقيلة ، لأنها أغتيال للحياة البشرية !!
الأم تريزا :
هي أمرأة متواضعة بلا حدود وخادمة للأنسانية بلا مقابل ومانحة للخير و لا تنتظر كلمة أطراء ، أنها آغنيس غونكزا بوجاكسيو ، المولودة في 26 أغسطس 1910 بقرية سوكجية / لعائلة مهاجرة الى يوغسلافيا ، من أصول ألبانية ، تعلمت في مدرسة اليسوعيين الرهبانية اليوغسلافية ، تأهلت دينيا في دبلن بأيرلندا / نوفمبر 1928 ، في عام 1929 أرسلت الى دير “أخوية لوريتو” في البنغال . عام 1931 نذرت نفسها للرهبنة وغيرت أسمها الى الأخت تريزا ، في عام 1937 أصبحت الأم تريزا .
في عام 1950 أسست الأم تريزا راهبات المحبة ، في عام 1957 أهتمت برعاية المجذومين ، وعلى أثرها أسست جمعية أخوة المحبة ، وفي عام 1985 ذهبت الى الحبشة لرعاية منكوبي الفيضان من خطر الجوع و التشرد . كما كان لها بعض النشاطات في بلدها الأم ألبانيا ، وكانت الأم تريزا قد خلعت ثياب الرهبنة في كلكتا في الهند ( من أجل الخدمة الانسانية غير متناهية ولتنهي مشوار حياتها في كلكتا ) . وأرتدت الساري الهندي / وهو اللباس التلقيدي للنساء الهنديات ، ذو اللون الأبيض الموشح باللون الأزرق .
الخليفة أبو بكر البغدادي :
ولد أبراهيم عواد أبراهيم البدري عام 1971 في مدينة سامراء / العراق ، من عائلة متدينة ، أنتقل الى بغداد وهو في سن 18 عاما ، بينما تقول مصادر أخرى ( سوسن أبو ظهر في جريدة النهار 30.6.2014 ) أنه ، ” من مواليد بغداد، غير أنه أبصر النور عام 1971 في سامراء. اسمه عوض ابرهيم علي البدري السامرائي ، ومن ألقابه “أبو دعاء” و”الكرار” و”علي البدري السامرائي”. وتقول أسرته أنها تتحدر من سلالة النبي محمد . وتفيد سيرته ، وفق مواقع جهادية ، أنه ” رجل من سلالة دينية ، إخوانه وأعمامه رجال دين ومدرسون للغة العربية والفقه “. حصل على البكالوريوس و الماجستير من جامعة العلوم الأسلامية ثم حصل على الدكتوراة من الجامعة نفسها عام 2000 ، ولأنه درس العلوم الإسلامية والتاريخ والشعر، لُقب ب ” الفيلسوف المجاهد ” ، وعمل أماما لأحد الجوامع لمدة 14 عاما ثم ترك الأمامة لخلافه مع باني المسجد و اهل الحي .
وتقول أحدى مصادر أخرى أنه سجن في / معتقل بوكا الأميركي في العراق ، للفترة من 2004 الى 2006 وكان شرسا في السجن وله حس قيادي ، وقال لسجانيه الأميركان .. أراكم في نيويورك . ( نقل بتصرف من موقع BABNET TUNISIE في 30.06.2014 ) .
الخدمة و الهوية :
* الأم تريزا ، باكورة عملها في كلكتا / الهند ( عدد نفوس كلكتا حسب أحصاء 2001 هو 4.5 مليون نسمة ، علما أن جدول التوزيع الديني لعموم سكان الهند هو كالاتي : الهندوس 80.5 % ، السيخية 1.9% ، المسلمون 13.4 % ، المسيحية 2.3 % ، أخرون 1.9 % … المصدر / بوابتك الى الهند ) ، الأم تريزا كانت تقوم برعاية من نوع معين وهي رعاية الذين على حافة الموت وبلا أي مأوى وبلا معيل فقراء معوزين ، حتى مجتمعهم الهندي رفضهم ، تقوم الأم تريزا ومؤوسساتها ، بلمسة حنان تجاههم بأيوائهم بكل محبة وسلام لكي يقضوا أيامهم الاخيرة بكرامة ، كانت ترعى الجميع ، ليس هناك من مفهوم للهوية الدينية لديها ، وحتى أن أكثر المعوزين والمشردين ليس لديهم أي ورقة لأثبات هويتهم سوى أنهم بشر !! . عملت من أجل المجذومين ، الجائعين ، العراة ، المشردين ، العاجزين ، عملت من أجل كل منبوذي الهند ،
وحتى لو قال البعض أنها منصرة ، فأي تنصير هذا و الأنسان الذي ترعاه بأيامه الاخيرة ! منبوذ من قبل الجميع حتى من قبل أهله ومصاب بأمراض معدية غير قابلة للشفاء ! ومن أعمالها المشهودة أنها استطاعت خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 أن توقف إطلاق النار لمدة معينة إلى أن تمكن رجال الدفاع المدني من إنقاذ 37 طفلا مريضا كانوا محاصرين في إحدى المستشفيات ( المصدر الويكيبيديا ) .
** الخليفة أبوبكر البغدادي ، أنتقل الى بغداد وهو في سن 18 عاما ، أنتمى الى جماعة الأخوان المسلمين في شبابه ( حسب تصريح الشيخ يوسف القرضاوي المنشور CNNبتأريخ 16.10.2014 ) . وحسب ما جاء في ( موقع الحياة / تجريبي المنشور في 23.10.2014 نقل بتصرف ) ، أن البغدادي ” لم يحمل السلاح قبل الاجتياح الأميركي للعراق في 2003 ، لكنه أنضم الى ” تنظيم القاعدة ” تحت إمرة أسامة بن لادن ، ثم عمل من بعده مع المصري / أيمن الظواهري ، وتتلمذ على يد الأردني ” أبو مصعب الزرقاوي ” . ويوصف البغدادي داخل تنظيم ” داعش ” بأنه مقاتل شرس لا يرحم ، وأنه قائد عسكري ميداني وتكتيكي ، وهذا ما يميزه بشكل كبير عن الظواهري الذي تعتقد الأستخبارات الاميركية انه مختبأ في باكستان . ” تتميز الخدمة الجهادية للخليفة البغدادي عامة ، بأنها قاسية وعنيفة ووحشية .
*** يوصف عمل وخدمة الأم تريزا ، بأنه عمل أنساني خيري ، يتميز بالرحمة الواسعة تجاه البشر ، بلا تمييز لا دينيا ولا عرقيا ، الأهتمام بالمقعد قبل السوي ، أما وصف الخليفة أبوبكر البغدادي ، بأنه شرس لا يرحم ، واضح من خلال أفعاله هو وتنظيمه ، أن كل منتسبي التنظيم قد فقدوا الرحمة وليس لهم علاقة بالأنسانية ، وأن عملهم أو ما يقومون به من خدمة / جدلا ، هو ألغاء لفكرة الرحمة .
أننا هنا أمام خدمة تتعلق بالرحمة الواسعة اللامتناهية هذا من ناحية الأم تريزا ، وبمفهوم أخر لا رحموي من
خلا ل أفعال غير أنسانية تجاه فئات محسوبة لطوائف معينة هذا في حال الخليفة أبو بكر البغدادي .
المحبة :
المحبة هي الحب اللا محدود و اللا مشروط ، خلاف المعنى العام للحب البيولوجي بين البشر ، المحبة هي الحب المطلق تجاه فكرة ما ، المحبة كلمة تستعمل في الفلسفة والدين للدلالة على العلاقة المعطاء .
– أفلاطونيا المحبة ، تعرف بالحب الأفلاطوني / المثالي .
– مسيحيا المحبة ، تدل على العلاقة التي تربط الله بالبشرية ، وتدلل على الحب الذي دعا اليه المسيح حتى تجاه أعدائه .
– أسلاميا المحبة ، هي العلاقة التي تجمع المؤمنين فيما بينهم ومع البشر .
– صوفيا المحبة ، تصف العلاقة بين الصوفي وخالقه .
* محبة الخليفة أبو بكر البغدادي تتجلى بكل معانيها في محبة القتل بكل معانيه بلا أستثناء ، شبابا و شيبا و نساءا وحتى الأحداث .
** مفهوم المحبة لدى الأم تريزا ، شامل ومطلق تجاه البشرية ككل لا حدود له ولا عوامل تفرقه أو أسباب تجمعه ولا غايات توحده ، سوى كلمة رفع اليأس عن المعذبين من البشر بلا تمييز .
الحياة :
” فمن الضروري أن تحب الحياة لكي تعرف كيف تموت ” من الأقوال المأثورة .
الحياة تمنح من قبل الله ، فهي عطيته ، وهو الوحيد الذي له الحق في أستردادها ، وليس من أحد يخوله الله لكي يقوم بمقامه سلطة وواجبات ، لكي يسترد حياة الأخرين ، فالبشر كلهم متساوون أمامه ، الله ليس له لا أديان ولا طوائف ولا مذاهب ولا عرقيات و لا ألوان و لا قوميات .. أنه آله الجميع .
* الخليفة أبوبكر البغدادي ، مفهومه للحياة ممزوجة بالبغضاء و الكراهية و الحقد على الأخرين ، و لأنه أحادي النظرة ، فأنه لا يعترف بالأخر ، وهذا الأقصاء للأخر لا ينم فقط على الألغاء ، بل ينم على سلب حياته ، بطرق بشعة بأعتباره خليفة الله على الأرض ، عامة يعرف الخليفة ” بأنه الذي ينوب عن الأُمة في الحكم والسلطان ، وفي تنفيذ أحكام الشرع . ذلك أن الإسلام قد جعل الحكم والسلطان للأُمة ، تُنيب فيه من يقوم به نيابة عنها . وقد أوجب الله عليها تنفيذ أحكام الشرع ” ( نقل عن موقع الخلافة .. بتصرف ) .
** الأم تريزا ، أن مفهوم الحياة لدى الأم ، تبدو أقصر من أن تنفق في تنمية البغضاء و الكراهية والحقد ، لأن الأم تعمل دائما على بناء جسر من الأمل فوق اليأس و العدم ، ولدى الأم أيضا ، أن مفهوم سر الحياة هو أن يبذل في سبيل غاية نبيلة ، وهي منح بصيص أمل لجماعة من البشر ليس لديهم حياة بالمفهوم الذي نعرفه . بشر يفترشون الارض ، وأيامهم بالحياة بقت معدودة ، الأم تأويهم لكي يقضوا أيامهم الأخيرة بسلام ، وهي التي حولت معبد كالي ( ألهة الموت والدمار ) الهندوسي الى مأوى للمرضى الغير قابلين للشفاء .. وأقامت مؤوسسات خيرية أخرى كجماعة القلب النقي ، ومأوى للأيتام ، ومأوى للمجذوبين ، فكيف هكذا أمراة أن تنسى ، وكل هذا وهي عليلة ، مصابة بالقلب و الملاريا وذات الرئة والتهابات في الصدر .
خاتمة :
” بعض الناس موتى وهم أحياء ” .. بنيامين فرانكلفين .
أعتقد أن جائزة نوبل للسلام التي حصلت عليها الأم تريزا عام 1975 ( لدورها ب.. العناية بالجائعين والعراة والمشردين والعاجزين والعميان والمنبوذين. كل هؤلاء البشر الذين يشعرون بأنهم غير مرغوب فيهم أو محرومون من العناية والمحبة. أولئك الذين يعتبرهم أفراد المجتمع عبئا عليهم فيتجنبونهم ) لا تعنيها بشي ، وذلك لأن دورها لا يمكن أن يقاس أو أن يثمن بجائزة ! والذي يعمل بهكذا مجال لا ينتظر شكر أو أطراء ، أن الأم لا يمكن أن تنسى لانها لا زالت حية بعيون الذين كانت ترعاهم ، ولأنها سيدة تمنح الحياة للأخرين !
ومن جانب أخر ، الخليفة له دوره الكبير في القتل والذبح وفي سبي النساء ، وفي التخريب و الدمار والتشريد والتهجير ، هذا الخليفة ، سيترك علامة بارزة في التأريخ ولكنها علامة سوداء في قاموس الحياة ، ويصنف في مقام الأحياء الميتين ، فهو كابوس ترك أضلاله المنحرفة على مفاصل الحياة ، وسوف لن ينسى لأنه تشكيل مقيت لمفهوم أخر للحياة وهي الحياة من أجل القتل .