يقف ابن خلدون (عبد الرحمن بن محمد، ابن خلدون ابو زيد، ولي الدين الحضرمي الاشبيلي 1332- 1406م) في طليعة المؤرخين العرب الباحثين عن الحقيقة ممن استطاعوا تحمل مسؤولية كتابة التاريخ بشكل موضوعي علمي.
لقد فتش عن الحقيقة التي يسعى اليها علم التاريخ، فوجدها بين الانقاض قد تراكم عليها كثير من غبار الزمن والحقد الشخصي والدافع المادي والمصلحة الخاصة، اي باختصار وجد ان الحقيقة التاريخية مظلومة محجوبة، ووجد الساعين اليها كثيراً.. ولكن الطريق شاق وشائك ، فوجد نفسه مسؤولة عن تخليص تلك الحقيقة من شوائبها، ورسم الطريق الصحيح السليم الواضح المؤدي اليها ليرتادها كل مخلص، وليتجنب مخاوفها ومخاطرها كل مريد للحقيقة ذاتها.
ومن هنا، كان عمل ابن خلدون شاقاً متعباً لأنه عمل من يكتشف الطريق ويتحمل مسؤولية مخاطرها وعورة مسالكها، ولانه لم يكتف باكتشاف الطريق بل تحمل مسؤولية التعبير والقيادة والريادة.. فكانت مهمته مهمات في مهمة، ومن هنا كانت صعوبة البحوث عن الحقيقة عنده.
واذا ما اضفنا الى تلك العقبات ضريبة العبقرية هذه بسبق زمانه وعصره فيما يفتش عليه ويسعى للوصول اليه واكتشاف الطرق ووضع القواعد والقوانين واستنباط علوم جديدة ترتبط بالحقيقة عنده، بل هي الانوار التي تظل مسلطة على دروب الحقيقة تنيرها، وبدونها تعتم الطرق ويضل السالك، ولم تتضح قيمة تلك الاضواء الكاشفة الا بعد تقدم العلم كثيراً وتأخر الزمان عن زمن ابن خلدون كثيراً، عندها استطعنا ان نقدر ذلك الجهد حقه في السير على درب الحقيقة التاريخية، فما قيمة التاريخ وما مدى ارتباطنا به؟
ان هذا الميدان التاريخي هو الذي يربطنا بالماضي لما لذلك الارتباط بالماضي من أثر في الانتماء ومعرفة الاحوال والاحداث ومجريات الامور وتطورها، والمقدمات المؤدية الى النتائج، والامة التي ليس لها ماضيٍ ليس لها حاضر او مستقبل، او هي التي تضرب في المجهول لتستقر على هوية تميزها، والامة التي لا تلتفت الى ماضيها، أمة ضائعة الحاضر غامضة المستقبل، مواطن خطاها على غير حقيقة، كالامة التي ليس لها ماض تضطرب ابتداء وتظل الحقيقة بعيداً عن واقعها.
والتاريخ، هو الذي يجلو لنا الحاضر وينير ظلماته وزواياه، قياساً على الماضي واختصاراً للوقت في تجربة الخطأ والصواب، وهو الذي يدفعنا الى المستقبل باحياء الامل وبما يعطينا من عزة التفوق ويجنبنا مخاطر الزلل. وهو أكثر العلوم الاجتماعية والانسانية ارتباطاً بحياة الافراد والامم، وهو من اكثرها حاجة للدراسة الموضوعية والبحث العلمي السليم، وكلما كانت الدراسة موضوعية وكلما كان البحث العلمي فيه سليماً، ساعدنا ذلك على ان نعي جذورنا وانفسنا وعياً حقيقياً، فنكيف الوعي حسب مقتضياتنا وحاجاتنا وامكاناتنا.. ولانستطيع الوصول الى
ذلك الا بالوصول الى حقيقة ما نحن فيه واستمرارية هذا الزمان، وهذه الاحداث او المنحنيات التي تطرأ عليها ونعلل الاسباب، ونصل النتائج الحقيقية الصحيحة السليمة.
فمهمة المؤرخ هي: رفع السحب عن ماضي الانسان، ووصف حقيقة حياة الناس في كل صورها واشكالها وتتبع تطورها.
والتاريخ اذن، ذاكرة الشعوب والامم، وكما ان الذاكرة هي التي تحفظ للوجود وحدته وتجعل حياة الانسان تبدو متماسكة ملتحمة الاسباب، فكذلك يمكن ان نعد التاريخ ذاكرة الشعوب والامم التي تحفظ لها وحدتها وتختزن فيها حوادث ماضيها وآمالها في الحاضر والمستقبل. فالأمة التي فقدت تاريخها اشبه بالانسان الذي فقد ذاكرته، فهو ضائع لا يدري له اصلاً، وحائر لا يعرف له مستقراً. فكما ان الذاكرة تحفظ شخصية الانسان، فكذلك الحقيقة في التاريخ، هي وراء البحث وتماسكه.
وان هدف التاريخ: هو البحث عن الحقيقة –كل الحقيقة- واذا لم تكن هذه الحقيقة معاصرة لنا، بادية امام اعيننا، فانها على كل حال حقيقة من حقائقنا التي لا غنى لنا عن البحث عنها. فالانسان كما يهمه البحث عن الحقيقة، كذلك قد يميل الى الطعن بهذه الحقيقة عن عمد او عن غير عمد. ومادام هدف التاريخ البحث عن الحقيقة، فغير عجيب ان يعترينا في كثير من الاحيان الريب والشك فيما وصل الينا حتى لقد قال بعضهم: الاصل في التاريخ، الاتهام لا براءة الذمة. وقالوا كذلك: المؤرخ رائد حكمته.
ولا شك في ان الانسان له مسوغاته في هذا التشاؤم، لأن الانسان كما يهمه البحث عن الحقيقة، كذلك قد يميل احياناً الى العبث بهذه الحقيقة متعمداً او غير متعمد. ولذلك رأينا ابن خلدون يدعو الى: التثبت، مشدوداً على تحري الحقيقة للوصول الى الصدق، فهو يرى انه اذا اعتمد المؤرخ على مجرد النقل ولم يحكم اصول العادة وقواعد السياسة وطبيعة العمران والاحوال في الاجتماع الانساني ولا قاس الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب، فربما لم يأمن فيها من العثور ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق.
وابن خلدون محق في ذلك، لان الخيال الجامع قد يدفع الانسان الى ما تضييع معه الحقائق وقد تمتزج الاساطير والتخمينات بالاحداث الصحيحة، فضلاً عما قد يتعمده الناس احيانا من تشويه للحقيقة، تأييداً لرأي، فهو يقول: “فللعمران طبائع في احواله ترجع اليها الاخبار وتحمل عليها الروايات والآثار”.
كان من الخطأ الظن بأن التفكير التاريخي قد تأخر الى هذا الزمن او ان صورته الصحيحة لم تبرز معالمها الا متأخرة.
والتاريخ الصحيح هو، مادة وأسلوب، اي معرفة ومنهجية. والمنهجية هي الوسيلة والاسلوب العلمي للبحث عن الحقيقة والوصول اليها او اقرب ما يكون اليها.
ولهذه المنهجية او لهذا الاسلوب العلمي قواعد ونظم يجب علينا ان ننفيها بالعلم والممارسة والتحرر الذاتي قبل كل شيء، اذ لا يجوز للباحث ان يبحث وفي ذهنه حكم مسبق او ميل وهوى، لأن ذلك يضلله عن الوصول الى الحقيقة البحتة المجردة.
وتأسيساً على ما تقدم، لم يعد على العصور التالية الا ان تساعد على شيئين هما:
* تطويرها.
* تنميتها.
لقد بدأ الاهتمام بالتاريخ منذ قدماء المصريين والبابليين واليونانيين.. الذين نظروا الى التاريخ نظرة هيرودتس، اذاهتم بتدوين الاخبار والاحداث وحفظ اعمال الناس لاعطائها قدرها من التمجيد، وقد واكب هذه النظرية بالنسبة ل ثيوسيدس، فكرة تقول: بان التاريخ كان فرعاً من الاداب التعليمية ومفتاحاً للمستقبل.
وبقيت فكرة تفسير التاريخ عند هؤلاء ومن جاء بعدهم –كالرومانيين- بان السبب الرئيسي للتغيير في التاريخ هم الابطال، اي قوة الابطال والكهنة والملوك.
وكانت التطورات التي تتجاوز هؤلاء تعزى في نظرهم الى ارادة الالهة. وفي القرون الوسطى اهتم العرب بالتاريخ اهتماماً بالغاً، فدونوا الاخبار واحوال الماضيين وظلوا كذلك الى ان ظهر ابن خلدون، فامتاز تاريخه بنقطتين فريديتين هما:
1- نظرته في تفسير التاريخ، اي نظريته في طبيعة العمران والاجتماع.
2- نظريته بالنسبة للحقيقة التاريخية.
لم يكتسب التاريخ الصفة العلمية الا من تطبيق المنهج العلمي على البحوث التاريخية في القرن التاسع عشر حيث وضع مؤرخو هذا القرن مناهج البحث وطوروا ما كتبه السابقون من قبلهم، وبدأوا الاسس التي يفهم بها حتى صار يطلق على القرن التاسع عشر، القرن التاريخي.
ونستطيع ان نقول، ان من اعظم مآثر هذا القرن ابداعه التاريخ ابداعاً جديداً، على ان ذلك لم يمر دون جدل المؤرخين واختلافهم في النظر الى التاريخ: هل هو علم؟ او انه فرع من الادب؟ وهل التاريخ قصصي بحت ام هو تعليمي؟
ووجدت هذه المشكلة حلها الفاصل في الرأي الذي ابداه بيوري استاذ التاريخ الحديث في جامعة كمبردج، وهو من اشهر مؤرخي الانكليز في الربع الاول من القرن العشرين، فقد نادى: بأن التاريخ علم لا اكثر ولا اقل.
وقد كرر هذا النداء في احدى محاضراته التي القاها في كانون الثاني/ 1903، وقد اثار هذا الرأي الباحثين، فانقلبوا الى جبهتين تدافع كل منهما عن ميولها واتجاهاتها. فعلماء الطبيعة اثارهم الصعود بالتاريخ الى مصاف العلم فانبروا يبرهنون بان التاريخ دون العلم بمراتب وحجتهم هي: ان التاريخ يختلف عن العلوم الطبيعية من حيث ان مادته غير ثابتة ويصعب معاينتها معاينة مباشرة، كما يستحيل فيها الاختيار والتجربة، بينما انبرى رجال الادب من ناحيتهم يبرهنون، ان التاريخ هو في مصاف العلم بل ذهبوا الى أبعد من ذلك، وبرهنوا على ان التاريخ فوق العلم بمراتب، فهو له نظمه وقواعده ومنهجيته.وهكذا، نرى ان الحقيقة التاريخية كانت موضع شك بين المؤرخين والمفكرين.
واذا كان ابن خلدون رائد فكرة شمول التاريخ في نظريته، كان لا بد من القول بأن عبقريته والظروف التي عاش فيها ساعدته بل دفعته الى البحث عن الحقيقة التاريخية وبالضرورة كان سباقاً الى وضع أسس هذه الحقيقة وضوابطها.
وضع لها قواعد وخلصها من الشوائب، لانه رأى ان المتطفلين قد حشوا التاريخ بالاغلاط، ولفقوا كثيراً من الوقائع التي لا اساس لها من الحقيقة، ثم جاء بعدهم من اقتضوا اثرهم ونقلوا عنهم دون تمعن او فطنة.
ولذا فقد حدد ابن خلدون التاريخ بقوله: اما بعد، فان في التاريخ من الفنون التي تتداولها الامم والاجيال، وهو في ظاهره لا يزيد على اخبار عن الايام والدول وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات في ميادينها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع واسباب عميق.
ف للتاريخ ظاهر هو الاخبار وباطن هو النظر والتحقيق والتعليل آخذاً بعين الاعتبار، اما احتالته الايام من الاحوال واستبدلت به من عوائد الامم والاجيال.
ونراه هنا يهتم كبير اهتمام بعلم الاجتماع البشري والطبائع والعادات، ويولي هذا التطور واسبابه ما يستحق من عناية ودراسة، فيبقى الناظر: متطلعاً بعد الى اقتفاء احوال مبادئ الدول ومراتبها مفتشاً عن اسباب تزاحمها او تعاقبها باحثاً عن المقنع في تباينها او تناسبها.
ولعل ما يلح في لفت النظر تكراره لضرورة التفتيش عن الاسباب والبحث عن المقنع بعد ان يأخذ بعين الاعتبار التبدل واسبابه والتطور وعلله وهو تكرار التأكيد واظهار الاهمية للاسلوب العلمي والطريقة المنهجية في تحري الحقيقية والوصول اليها او الدنو منها على الاقل: فيحتاج صاحب هذا الفن الى العلم بقواعد السياسة وطبائع الموجودات واختلاف الامم والنحل والمذاهب وسائر الاحوال والاحاطة بالحاضر من ذلك، ومماثلة ما بينه وبين الغائب من الوفاق او بون ما بينهما من الخلاف وتعليل المتقن منها او المختلف والقيام على حدوثها ودواعي كونها، واحوال القائمين بها واخبارهم حتى يكون مستوعباً لاسباب كل حادث واقفاً على اصول كل خبر المنقول على ماعنده من القواعد والاصول، فان وافقها وجرى على مقتضاها كان صحيحاً والا زيفه واستغنى عنه. ولذا تبين لأبن خلدون ان بواعث الخطأ في كتابة التاريخ تندرج في الملاحظات التالية:
1- توهم الصدق فيما نقله الاقدمون ثقة منهم بذلك القديم بحد ذاته وثقة منهم بمن نقل من جهة ثانية.
2- الذهول عن المقاصد، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد مما عاين او سمع وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه انه صدق وحقيقة فيقع في الكذب.
3- الجهل بتطبيق الاحوال على الوقائع ومراعاة الظروف المحيطة على الوقائع ومراعات الظروف المحيطة بها فيداخلها التلبيس والتصنع فينقلها المخبر كما رآها وهي بذلك التصنيع قد اصبحت على خبر الحق نفسه.
4- ومنها تقرب الناس في الغالب من اصحاب التجلة والمراتب والسلطات، بالثناء والمديح وتحسين الاعمال واشاعة الذكر، فيستفيض من ذكر تلك الاخبار على غير حقيقة، لان النفوس مولعة بحب
الثناء والناس متطلعون الى الدنيا راغبين فيها وفي اسبابها من حياة وثروة، وليسوا في الاكثر براغبين في الفضائل ولا متنافسين في اهلها.
5- التشيع للاراء والمذاهب، فان المتشيع للرأي او المذهب يقبل الرأي او الخبر الموافق لهواه وحلة دون تمحيص او اعمال فكر فيه بل هو ما يكاد يقع عليه حتى تتملكه الغبطة وتعميه النشوة في وجود الدليل لرأيه او هواه ولو متلمساً وبذا تضل الحقيقة او تغيب.
6- ومن الاسباب المقتضبة له ايضاً وهي سابقة على جميع ما تقدم، الجهل بطبائع الاحوال في العمران، فان كل حادث من الحوادث ذاتاً كان او فعلاً لا بد له من طبيعة تخصه في ذاته وفيما يعرض له من احواله.
7- وكثيراً ما يعرض للسامعين قبول الاخبار المستحيلة وينقلونها وتؤثر عنهم.
هذه هي الملاحظات التي اوردها ابن خلدون حول التجني على الحقيقة التاريخية ومجانبتها، ولم يترك الامر عند حد تعداد الخطأ وتنفيذه بل انتقل الى النواحي الايجابية بالاسهاب والتفصيل في بعضها وخص منها علم العمران والاجتماع البشري وضرورته بتحري الحقيقة والوصول بها الى اقرب منطلقاتها مؤكداً ضرورة معرفة الباحث في علم التاريخ معتذراً ومتلمساً الاسباب التي لم تدفع الباحثين اليها او لعلهم بحثوا فيها ولكن ابحاثهم لم تصل الينا او انهم رأوا ان نتيجتها يمكن ان تكمن في نقل الاخبار فاكتفوا البحث في تفصيلاته…
ولعل توجيهه الى الايجابية يتضح في قوله: (تمحيصه انما هو بمعرفة طبائع العمران وهو أحسن الوجوه واوثقها في تمحيص وتميز صدقها من كذبها، وهو سابق على التمحيص بتعديل الرواة.
ولعل نلمس عنده الاهتمام بدراية الباحث في التاريخ وخبرته وعقله، اذ هو حجر الزاوية في التفتيش عن الحقيقة ومنه ينطلق الاتجاه الاصوب الى ذلك الدرب. وهذا يعني، ان اسباب الوقوع في الخطأ او الغموض فيما كتبه المؤرخون تعود الى اسباب كثيرة بعضها ناتج عن سوء نية وبعضها عن حسن نية او قلة صبر، رغبة في السرعة في الوصول الى النتيجة.
وبالاجمال، فقد كانت غايته من البحث عن الحقيقة:
1- تخليص البحوث التاريخية من الاخبار الكاذبة.
2- انشاء اداة وضوابط يستطيع بفضلها الباحثون والمؤلفون في علم التاريخ ان يميزوا بين ما يحتمل الصدق وما لا يكون صادقاً من الاخبار المتعلقة بظواهر الاجتماع.
3- عصمة المؤرخين من الوقوع في الخطأ، وقد كان للمؤرخين العذر في الجهل بهذه القوانين وبالتالي الوقوع في الخطأ.
ذلك، لانه الى عهد ابن خلدون لم تكن هذه القوانين قد اكتشفت بعد، ولأن ظاهرات الاجتماع لم تدرس من قبله دراسة وصفية ترمي الى بيان طبيعتها والكشف عما تخضع له من قوانين.
وصفوة القول، ان ابن خلدون لم يكن نتاج عصره فقط ولكنه كان ابن الحضارة العربية بمعناه الواسع، تمثلت عبقريته جوانب تلك الحضارة وفحصت خبرات مجتمعنا لتبدع نظرية واراء في علميَّ التاريخ والاجتماع.
* المراجع
1- كتاب – العبر وديوان المبتدأ والخبر، في ايام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الاكبر- عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون، ط1، دار الفكر للطباعة والنشر، بيروت، 2001.
2- علم التاريخ عند ابن خلدون، مجلة الطليعة العربية (باريس) الاعداد 82 (2/ 12/ 1984) و 83 (10/ 12/ 1984)[email protected]