23 ديسمبر، 2024 1:57 ص

مفهوم الثقافة العامة ومتطلبات المرحلة

مفهوم الثقافة العامة ومتطلبات المرحلة

يلعب مفهوم الثقافة العامة دوراً هاما وحيويا في العديد من العلوم الإنسانية المختلفة وخصوصا في مجال العلوم الاجتماعية، والعلوم الاخرى في كافة مجالات الحياة العقائدية والسياسية والاجتماعية؛ بكل فروعها النفسية، والاخلاقية والسلوكية .كما تهتم بالجوانب الادارية والعلمية والفنية والادبية التي تتطلب البحث والمعرفة والتنقيب، بالإضافة إلى القدرات التي يكتسبها الإنسان بوصفه فرداً في المجتمع واجبه تطوير قابلياته في مجال التنمية والثقافة والفكر والمعرفة .

كما ارتبط مفهوم الثقافة بالحضارةِ الإنسانية ارتباطاً وثيقاً يظهر في العديد من جوانب الحياة، وساهمت الثقافة في التأثير على الفكر السياسي والديني العام في الدول والذي انعكس أثره لاحقا على الحضارات الإنسانية بتعدد ثقافاتها وافكارها في العديدِ من المجالات الفكرية كما حافظت الثقافة على كافة أجزاء المجتمع بسماته الحضارية والتاريخية والدينية والسياسية والاجتماعية في المحافظة على الموروثات الاجتماعية والروابط الاسرية والإنسانية والعقائدية والوطنية؛ وترسيخ القيم والمبادئ السائدة حسب نمط واشكال الثقافة المكتسبة كلا حسب مجتمعه ونموه، وساهمت في تطويرها ونموها بطريقة مستمرة وفاعلة حيث حرصت الثقافة على أن تكون شاملة؛في جوانب الحضارة الإنسانية، بل أثرت فيها جميعاً بطرق ووسائل متعددة حسب العوامل والمؤثرات الخارجية والداخلية .

وصار لزاما في المجتمعات المتحضرة إقامة الندوات والمؤتمرات والحوارات والنقاشات الثقافية؛ على كافة المستويات التي تخدم المجتمع والتحديات التي يواجهها للإفادة من حصيلة الفكر الإنساني والتجارب السابقة ، وفتح آفاق المعرفة للمواطنين، وتقديم الخدمة المكتبية للجمهور من خلال المكتبات العامة المنتشرة في أرجاء الدولة، ورعاية جميع أشكال الأدب والثقافة والفنون وتطويرها بما يحافظ على التراث الفني والأدبي للمجتمع ويشجع ويحقق المناخ الملائم لنمو الطاقات الخلاقة وإظهار المواهب الجديدة وتشجيع التأليف والكتابة والترجمة في مختلف النواحي الأدبية، والتنقيب عن التراث التاريخي للبلد، وصيانته، والعمل على إحياء التاريخ الإسلامي العربي والتراث القومي، وتوثيقه، ليكونا مرجعاً تاريخياً ومصدراً للنهوض بمستوى الآداب والفنون، والمحافظة على الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء والاستثمار الدائم لطاقات الشباب وتطويرها.
كما هو المطلوب ايضا رعاية المبدعين واحتضان الموهوبين، وتوجيهها نحو التنمية المجتمعية الشاملة لتحقيق هذه الغايات، وإيجاد وحدة تعنى بتهيئة الأجيال الشابة للقيادة والريادة والتواصل من خلال برامج تطبيقية، ورفع مستوى الوعي الثقافي المجتمعي والارتقاء بالممارسات والإبداعات وإثراء التواصل الحضاري بما يخدم قضية تنمية المجتمع عن طريق الارتقاء بالسلوكيات، وتكريس الأسلوب الحضاري الاسلامي المعتدل كمنهاج عملي بين مختلف طوائف المجتمع، والتنسيق مع مختلف الجهات المعنية لإيجاد الوسائل التي تؤدي إلى اغراضها ووظائفها الحقيقية لخدمة المجتمع وتوجيهه نحو الفضيلة والإصلاح ومحاربة الفساد .ومحاربة الفكر المتطرف والإلحاد بالوساىل الفكرية التي تنتجها مفاهيم الثقافة والمعرفة لترصين المجتمع وحمايته من اثارها السلبية والعواقب الوخيمة .

ولابد من ترسيخ مفهوم الثقافة على مستوى الوحدة الوطنية بغض النظر عن كل التوجهات والولاءات والتخندقات الطائفية والقومية والحزبية على اساس مبدأ التاخي والتكاتف والتوحد ازاء المواقف الوطنية الكبرى والوقوف صفا واحدا امام التحديات الخطيرة التي يواجهها المجتمع فالدولة ليست الجهة المسؤولة الوحيدة في حفظ النسيج الاجتماعي والوطني. فالمهمة مشتركة وعلى المجتمع ان يأخذ دوره الرسالي وان يستخدم كل الوسائل الثقافية المتاحة التي تقوم على ترسيخ مبدا المواطنة ووحدة الصف الوطني.

انطلاقا من ثقافتنا الاسلامية الرشيدة ودستورنا الكريم الذي سن الشرائع الانسانية العظيمة ولم يستثني منها شيئا .فصار لزاما اليوم بل وواجبا ومسؤولية اخلاقية ودينية ووطنية، ان تنهض المؤسسات والجهات الثقافية بواجبها الشرعي والاخلاقي والانساني التي تحفظ كرامة الانسان ودينه وتاريخه وتراثه ودرء الأخطار والفتن ومواجهة الفكر المعادي بكل اساليبه الطائفية والعنصرية والتكفيرية .