19 ديسمبر، 2024 12:40 ص

مفقودون دخلوا العراق

مفقودون دخلوا العراق

إختفاء مايقارب خمسين ألف باكستاني أثناء دخولهم الأراضي العراقية لأداء مراسم الزيارات الدينية رقم مخيف أفصح عنه وزير الشؤون الدينية الباكستاني الذي أوضح إن هؤلاء الداخلين تبخّروا لدى دخولهم العراق.

لايشير هذا الرقم من المتسربين الباكستانيين داخل الأراضي العراقية إلى تزايد العمالة غير القانونية في العراق من خلال إنخراط الكثير منهم في سوق العمل من دون التصاريح القانونية المطلوبة، لكن الخطورة تكمن في الحجم المؤثر لهؤلاء على الأمن الوطني العراقي والسِلم الأهلي.

في عملية أمنية جرت مؤخراً ألقت القوات الأمنية العراقية القبض على ستة باكستانيين يهددون المواطنين قاموا بإستئجار أحد الدور السكنية في منطقة الگريعات ببغداد التي تقع ضمن الطريق المؤدي لسير الزوار إلى المراقد الدينية حيث قاموا بتهديدهم وتسليبهم، بالطبع العصابة التي أُلقى القبض عليها مؤخراً لم تكن الأولى في جرائمها فقد سبقتها جرائم لعصابات الجريمة المنظمة أبطالها وافدين من دول الجوار كان من بينها إطلاق النار من قبل وافد باكستاني على مجموعة من المواطنين أثناء مأدبة إفطار جماعي في شهر رمضان الفائت قرب جامع أبو حنيفة في الأعظمية ببغداد وإصابة أحد منتسبي الشرطة.

لأغراض الزيارات الدينية يدخل هؤلاء إلى العراق بجوازات سفر قد تكون مزورة أو بتواطئ من الداخل العراقي لإستدراجهم إلى السوق العراقية أو تشغيلهم متسولين في الشوارع تحت رعاية مافيات محلية مقابل مبالغ مالية تستخدم في الأعمال الإجرامية والإرهابية من خلال تجنيدهم كمقاتلين في صفوف داعش.

في كل دول العالم يواجه السائح شروطاً ومتطلبات أمنية منذ لحظة دخوله المنافذ الحدودية أو المطار حتى مكوثه في الفندق من معلومات وتدقيق يجعل من العثور عليه أو مراقبته من الأمور السهلة، إلا في العراق فقد تبخّر الكثير من الوافدين من جنسيات باكستانية وإيرانية وأفغانية وغيرها من دول عربية وجدت من هذا البلد ملاذاً آمناً وفرصة للإستثمار غير المشروع عبر التسول وتجارة الرقيق وإنشاء عصابات للسرقة والإبتزاز.

أكثر من خمسين ألف باكستاني فُقدوا داخل العراق والمصيبة بل والكارثة إن الذي أعلن عن هذا الرقم هو وزير باكستاني وليس جهة عراقية يكشف رقماً مهولاً لأبناء جلدته دخلوا العراق ولم يخرجوا منه، فيما لم تنتبه الحكومة العراقية وطوال سنوات بل لم تستطع أن تنظّم حجم الداخلين والخارجين من الزائرين الذين يرومون زيارات الأماكن المقدسة أثناء المواسم الدينية.

هذا الرقم وحده من الباكستانيين فيما لاتزال أرقام الجنسيات الأخرى من الإيرانيين والأفغان وغيرهم في أعداد مجهولة ومبهمة أو هكذا يُراد لها أن تبقى، فيما يعيش المواطن العراقي أحلك أيامه وهو يعاني شحة فرص العمل وصعوبة الحياة وصراع من أجل البقاء مع سلطة لا تهتم لأمره، تأتي تلك الأعداد لتضيف عبئاً على العراقيين ليس إقتصادياً فحسب بل إجتماعياً من خلال تخريب واقع الأسرة العراقية بترويج المخدرات والأفعال اللاأخلاقية إضافة إلى عصابات الجرائم المنظمة التي بدأت تنشط في مدن العراق.

لا يُعرف رد الفِعل الحكومي تجاه هذه التصريحات عن أعداد دخول الوافدين إلى العراق وإن كانت ربما تجري تحت رعاية وترغيب من دولهم لتسجيل موطئ قدم لهم.

التمادي وعدم المبالاة من هذه الأرقام المخيفة التي تستوطن العراق ربما يُراد لها تخريب البُنية المجتمعية لهذا الشعب والأهم هو إستنزاف إقتصاده المتهاوي.

جيوش من الوافدين بأعداد لا يُستهان بها ومن دول مجاورة أو بعيدة تدخل العراق لأسباب معلنة ظاهرياً يُراد تبريرها، لكن في حقيقتها لأغراض التوطين والبقاء في هذا البلد المنهك أصلاً فهل هي رسائل مقصودة؟ وهل تجرؤ الحكومة العراقية على إتخاذ صولة لتحييد تلك الأعداد الداخلة؟ لا نعلم أو ربما نعلم إنها لاتستطيع.