من حق الشعب العراقي ان يقلق من التواجد السعودي في بلده بعد ان ظلت العلاقات الدبلوماسية عند أدنى مستوياتها بين البلدين خلال السنوات الماضية ، وأعربت السعودية مرارا عن انتقادها للممارسات السياسية العراقية لانه يخالف نهجهم واتهام الحشد الشعبي بالطائفية ورفضها للتدخلات الخارجية في البلد رغم انها اكثر الدول تدخلاً في شؤون داخليته واتهام الاخرين بزعزعة الامن في المنطقة وعلى اساس الدفاع عن اخواننا السنة بنظرة طائفية ، بينما كان ساسة من مجلس النواب العراقي والأحزاب الرئيسية يكشفون عن تدخل للرياض بشؤون العراق وتسهيل مرور المقاتلين عبر أراضيها واعتقال المئات من السعوديين المشاركين مع العصابات الارهابية الذين اعترفوا بالمشاركة في عمليات مختلفة لقتل العراقيين ،التصريحات التي ادلى بها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، والتي لا تبشر بخيرعقب زيارته الأخيرة لمصرتحتاج الى التعمق في دراستها لانها تثير الشك والريبة في معرض تفاخره بأن بلاده ((تمكنت من محاصرة ايران في كل مكان )) من خلال حضور سبعون ألف عراقي في مباراة لكرة القدم ( رغم انها ليست ظاهرة جديدة في الملاعب الرياضية العراقية ) كان يحمل البعض منهم العلم السعودي ودعم مالي اعلامي كبير للمباراة والتي خاضها منتخب السعودية مع منتخب العراق في محافظة البصرة مؤخراً والتي انتهت بفوز الفريق العراقي 4 -1 وباتت كما تعتقد تمتلك التأثير ومساحة واسعة للعمل كي تمرر استراتيجياتها وهذا ليس كلام و مجرد مباهاة في الهواء، بل هو تجلٍّ لما يدور في العقل السعودي راهناً من تطلّع إلى الاتكاء على بعض الاحزاب ووسطاء ينتمون إلى شخصيات دينية و سياسية لتتبلور استراتيجية السعودية البديلة في العراق في ضوء الزيارة المحتملة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان المرتقبة لترتيب اوراق السياسيين المرتبطين بها قبل الانتخابات. و لتطويق وجود الجمهورية الاسلامية الايرانية التاريخي والحضاري والاجتماعي والديني في العراق التي نشك مسبقاً في إمكانيات نجاح هذا التطويق، عبر سياسات «ناعمة» كما يعتقد استخدام (( مفخخات )) من نوع اخر وهي الأموال والمشاريع والاتفاقات بدلاً عنها مع بدء الشركات السعودية افتتاح مكاتب تجارية لها على الأراضي العراقية، إثر مشاركة العشرات من الشركات (60 شركة) في معرض بغداد الدولي الـ44 الذي نُظّم نهاية تشرين الأول/ أكتوبر 2017. وبحسب المعلومات المتداولة، فإن عملاق البتروكيماويات السعودي، «الشركة السعودية للصناعات الأساسية (Sabic)، أعادت، بالفعل، افتتاح مكتبها في العراق .بلاشك ان تكثّيف السعودية مساعيها، بعد سنوات من الإخفاقات المتتالية من جديد ومنذ فترة جهودها في النفاذ إلى العراق عموماً، والمحافظات الجنوبية منه خصوصاً برزت البصرة كأغنى المحافظات العراقية ، من بين المحافظات المستهدفة بتلك المساعي وهي ثالثة أكبر مدن العراق، وعاصمة البلاد الاقتصادية التي يقع فيها بعض أهم حقول النفط، و تجمعها حدود مع السعودية من جهتها الجنوبية ، عبر سلسلة خطوات ومشاريع تُشتمّ منها رائحة «الحرب الناعمة». من الدعم المالي إلى المشاريع الاستثمارية عن طريق تكثيفها التجاري إلى الرياضي والإعلام وحتى الشعر وحضور شعراء سعوديون إلى مهرجان المربد، أحد أشهر الأسواق القديمة في البصرة، حيث سُجّلت لهم مشاركة فيها واضحة والذي تقيمه وزارة الثقافة العراقية في المدينة سنوياً. مع احتفاء الصحافة السعودية بقرب افتتاح قنصليةٍ لبلادها في محافظة البصرة جنوبي العراق وكما جاء على لسان السفير السعودي في بغداد عبد العزيز الشمّري، الذي خلف السفير الأوّل المثير للجدل ثامر السبهان، لتكون القنصلية العامة الثانية بعد القنصلية السعودية في أربيل»، مؤكّداً أنه «سيجري البحث عن مبنى (للقنصلية) وتفعيلها خلال فترة قريبة جدّاً»، دون أن يحدّد موعداً للافتتاح أو أبرز المهمات التي ستضطلع بها القنصلية،باعتبارها فريدة من نوعها في «بلاد الرافدين» عقب قرار الرياض بإعادة فتح سفارتها في العاصمة بغداد في كانون الأوّل 2015، كان لافتاً ترحيب بعض شيوخ عشائر المحافظة ووجهائها، إضافةً إلى عددٍ من أدبائها وشعرائها بهذا التقارب جهلاً، المملكة تحاول التغلغل داخل النسيج العراقي بخطوات تحوم حولها الكثير من الشكوك وعلامات الاستفهام ، بعدما آلت خططها السابقة في هذا البلد إلى الفشل وفضح امر سفيرها السابق ثامر السبهان وتدخله السافر وتحركاته المشبوهه في الشؤون السياسية الداخلية خلافا للعرف الدبلوماسي وطرده من البلاد . ويبدوا ان الحقيقة غائبة عند صانع القرار السعودي من أن ثمة إرثاً سلبياً ثقيلاً لدى العراقيين إزاء المملكة يصعب محوه بسرعة وسهولة، وأن الأطراف الوطنية النافذة العاملة في الساحة العراقية لا تقف مكتوفة الأيدي أمام احلام الرياض ومشاريعها .لقد وصلت طموحات الرياض إلى درجة التحالف مع أعداء الدين” تحت عنوان “قمة اليخت السرية التي أعادت ترتيب الشرق الأوسط” بمشاركة قادة من الإمارات العربية والسعودية والبحرين والاردن” هذه المجموعة يمكن ان تصبح قوة في المنطقة تعتمد عليها اميركا لمواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية وحماية المصالح الاسرائيلية بدلاً من أن يستعين بالله ثم بقدرات الشعوب العربية والمسلمة للدفاع عن مصالح الامة الاسلامية لمواجهة الكيان الصهيوني لا بل اندفعت للتقارب معها ، وانكشاف الأقنعة إلى درجة معرفة الشعوب العربية والاسلامية ضآلة وعمالة هؤلاء ووقوفهم ضد تطلعاتهم المحقة، وأن لا تنتظر تغيُّير الأحوال على ايديهم وهو ضرب من الخيال.