8 أبريل، 2024 9:44 م
Search
Close this search box.

مفاعل تموز العراقي … ضحية … اين ديتها ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

التقدم العلمي والتقني من اهم سمات الشعوب المتحضرة، فليس بالغريب على الشعب العراقي ، ان يكون السباق في مجال العلوم التقنية ، وفي هذا التقرير المختصر نحاول ان نذكر وننبه من نسى او تناسى العدوان الصهيوني ، ولكي نطالب من يدعي الديمقراطية والعدالة بحقوق الشعب العراقي التي ضاع منها الكثير .
فقد عرف الفرد العراقي بنبوغه وذكاءه ، على جميع افراد شعوب المنطقة، وهذا ليس بالتعصب بل حقيقة واضحة للعيان، فمنذ مطلع خمسينات القرن الماضي كانت هناك مخططات لبناء مفاعلات نووية وجسور ذات طابقين وناطحات سحاب وجامعات تقنية …في حين كانت المنطقة غارقة بالسعي خلف البعران في سباقات جاهلية لا اكثر.
وفيما يلي موجز عن المشروع العراقي المذبوح عند ولادته ، والذي ذبح بايدي صهيونية وبسكين امريكية وبتشجيع عربي .
اولا أبرز علماء الذرة العراقيين
الدكتور جعفر ضياء جعفر أبو القنبلة النووية العراقية
الدكتور حسين الشهرستاني، عالم الذرة العراقي الذي يعتبر واحداً من أهم عشرة علماء ذرة في العالم.
العالم الفيزيائي العراقي الدكتور سلمان رشيد سلمان اللامي مات في جنيف بمرض غامض في العام 1981 وهو العام الذي ضرب فيه مفاعل تموز
الدكتور زياد حنا الحداد مهندس مفاعلات الماء الثقيل المقيم حاليا في روسيا
الدكتور سعيد عبد الفتاح الدليمي
الدكتور نعمان النعيمي

يعود الطرح العراقي لامتلاك السلاح النووي وتحقيق انعطافة قوية في البناء العسكري إلى عام 1959 أي بعد عام من ثورة 14 تموز 1958 التي قادها عدد من الضباط العراقيين ضد الحكم الملكي في العراق حيث تم توقيع اتفاق أولي مع الاتحاد السوفييتي السابق وذلك من أجل التعاون النووي.

وفي تموز 1960 تم التوقيع على بروتوكول نهائي لبناء مفاعل نووي تجريبي صغير للأغراض السلمية بطاقة 2 (ميغاواط) في التويثة ، بين العراق والاتحاد السوفييتي وبالفعل سلمت موسكو بغداد اليورانيوم 235 المخصب بنسبة عالية وبادرت إلى تأهيل وتدريب وتعليم خبراء عراقيين لإدارته.

ومنذ بداية السبعينات التفت العراقيون إلى فرنسا للحصول على التقنيات الغربية المتقدمة والمتطورة في مجال التسلح النووي وجاءت زيارة جاك شيراك إلى بغداد في كانون الأول (ديسمبر) عام 1975 عندما كان رئيسا للوزراء لتكلل التعاون الفرنسي العراقي في صورة مفاعل يعمل بالماء المخفف واليورانيوم المخصب بنسبة 93%. وكان الدكتوران حسين الشهرستاني وجعفر ضياء جعفر من أوائل الخبراء العراقيين الكبار في المجال النووي بين عامي 1970 و 1980 فالدكتور الأول متخصص بالكيمياء النووية والدكتور الثاني متخصص بالفيزياء النووية وأحدهما يكمل الآخر وكانا مستشارين لرئيس لجنة الطاقة الذرية العراقية.

إلا أن الدكتور حسين الشهرستاني أصبح معارضا معروفا وقضى (11 سنة) في السجن لرفضه استمرار العمل في القنبلة النووية.. ولكن ما الذي حصل بالفعل لهذا المفاعل الحلم في صباح يوم السابع من حزيران عام 1981?

& قصف المفاعل &

الساعة السادسة والربع من عصر يوم الاحد الموافق 7-6-1981 انقطع البث الاذاعي في عموم بغداد واستمر لمدة 15 دقيقة وتصاعدت أعمدت الدخان قرب مدينة سلمان باك في المدائن جنوب بغداد ، ولان العراق كان في كان في حرب مع ايران كان المتوقع انه قصف ايراني لاحد المواقع العراقي وقد سبق وان قصف بقنابل عنقودية ايرانية في اول ايام الحرب .
القيادة العامة للقوات المسلحة لم تصدر حينها بيانات عن القصف بل صرح ناطق عسكري وقتها عن تعرض احد مواقعنا لعدوان جوي ولم يحدد اسم الموقع ولكن بعد ايام اعلن الكيان الصهيوني انه قام بقصف مفاعل تموز العراقي للاغراض السلمية .
 قام الكيان الصهيوني بقصف المفاعل النووي العراقي في ذكرى نكسة حزيران المشؤومة بثماني طائرات من طراز أف 16 الامريكية الصنع بعد ان قامت أجهزة المخابرات في الجيش الصهيوني بالاستعدادات الدقيقة ” لقصف الموقع الواقع على بعد 17 كلم من بغداد، هذه الطائرات كان يجب أن تسلم أصلا لشاه إيران في عام 1982،ولكن بعد زوال الشاه تم تسليمها للكيان الصهيوني.
وقد تدرب الطيارون الصهاينة على الطائرات الثمانية منذ وقت طويل وبسرية متناهية على التحليق على علو منخفض خصوصا فوق قبرص والبحر الأحمر خوفا من كشفها من قبل الرادارات العراقية كما انشأوا مفاعلا كارتونيا في صحراء النقب شبيها بالمفاعل العراقي للتدريب على قصفه .

وكان أصغر هؤلاء الطيارين إيلان رامون الذي أصبح أول رائد فضاء صهيوني وقتل في الأول من فبراير/شباط 2003 خلال تحطم المركبة الأميركية الفضائية كولومبيا.
كما شارك 230 صهيونيا في هذه العملية، وحث رئيس الأركان الصهيوني حينها الجنرال رافاييل إيتان -الذي كان يخشى حصول تسريب لأخبار العملية- رئيس الوزراء مناحيم بيغن على إعطاء الأمر للبدء بالعملية.
الطائرات الصهيونية ألقت قنابل بلغت زنة إحداها 900 كلغم وقال احد الصهاينة الطيارين عن الهجوم ان الجنرال إيتان قال لهم قبيل انطلاقهم “إذا وقعتم في الأسر قولوا كل ما تعرفونه. أنتم تعتقدون أنكم تعرفون الكثير ولكنكم لا تعرفون شيئا. كفوا عن أكل التمور لأنكم ستحصلون على الكثير منها في العراق”.
انطلقت الطائرات الصهيونية من إيلات على البحر الأحمر وحلقت على علو منخفض فوق صحراء السعودية التي لم تعلن راداراتها رصد الطائرات الصهيونية .
كانت الصواريخ التي اطلقت على المفاعل وعددها 16 تزن الواحدة منها 900 كلغ الا ان تسعة فقط انفجرت وسبعة لم تنفجر منها واحدة سقطت على مخزن اليرانيوم ولم يكن اليراونيوم داخل المفاعل بل خارجه ولهذا لم تحدث كارثة بيئية لان العراق كان متحسبا من محاولات ايران لقصف المفاعل فلم يضع الوقود داخل المفاعل .
كان العراق قد اجرى قبل حوالي يومين من قصفه تجربة عملية لتشغيله استمرت 72 ساعة وهي آخر تجارب الاستلام وعددها 11 تجربة بغية الموافقة على تسلمه من الجانب الفرنسي الذي كان في بغداد لغرض التوقيع على التسليم حتى ان احد المهندسين قتل في الغارة عندما كان يكمل اعماله فيه .
وبرر السفاح مناحيم بيغن رئيس الوزراء الصهيوني في تلك الفترة هذه الغارة التي جرت قبيل الانتخابات البرلمانية الصهيونية بقوله إن مفاعل “تموز” كان على وشك أن يعمل مما كان سيتيح للعراق إنتاج قنابل ذرية.
يقول السفاح بيغن كنت لا انام طوال الليل وعندما سألتني زوجتي ماالذي يؤرقك قلت:
العراق
في الحقيقة لم يكن صباح ذلك اليوم مختلفا عن بقية الأيام في العراق حيث لم يصدم العراقيون بسماع أزيز الطائرات وأصوات الانفجارات التي اعتادوا عليها منذ ثمانية أشهر طوال.
 ولكن المفاجأة التي صدمت العراقيين بحق, هي أن أصوات القصف لم يكن مصدرها الطائرات الإيرانية بل إنها كانت طائرات صهيونية محملة بقنابل ذات أنواع مختلفة.. والمفاجأة الأكبر كانت في معرفتهم أن الطائرات الصهيونية دمرت (المفاعل النووي العراقي) حلم العراق في توازن القوى مع الكيان الصهيوني. إن ما حذر منه البروفسور اليهودي إسرائيل شاحاك في كتابه (أسرار مكشوفة.. سياسات الكيان الصهيوني النووية والخارجية) قد تجسد واقعا مؤلما فقد قال في الصفحة 56 من الكتاب:

أشعر بأن من الواجب تذكير القراء من غير الصهاينة أنه في حين أن الاستراتيجيات الصهيونية إقليمية في توجهها فإن اهتمامها بالفلسطينيين ثانوي.. فالحقيقة أن قمع الفلسطينيين لا يهم, لأن هم الاستراتيجية الإسرائيلية في نهاية الأمر هو فرض سيطرتها على كامل الشرق الأوسط من خلال انفرادها بسياستها النووية). وقد استغلت إسرائيل للهيمنة وتطبيق سياستها التي ذكرها البروفسور اليهودي الحرب العراقية الإيرانية ونقاط ضعف خطيرة في حماية المفاعل العراقي واستثمرت المعلومات والصور التي تلقتها من وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA ، وهي الوكالة التي تختص بالعمل على تحقيق السياسة الأمريكية في اعتباراتها القائمة على أن إسرائيل هي الحليف الأوثق للولايات المتحدة, حيث ثبت قيامها بتزويد إسرائيل بصور المفاعل ومعلومات تحدد موقعه عن طريق رصده بالأقمار الصناعية وكان لهذه المعلومات الدور الكبير في نجاح الغارات الإسرائيلية.. ولم يتوانى العلماء الفرنسيون عن تزويد إمداد إسرائيل بالمعلومات وخاصة عالم فرنسي كان من ضمن قائمة العلماء الأجانب الذين شاركوا في بناء هذا المفاعل وأشرفوا عليه.. وكانت بداية ذات اليوم المشؤوم مباراة لكرة القدم بين فريقين من الجنود المكلفين بحماية المفاعل في أرض مجاورة لموقعه وفي نفس الوقت كانت الطائرات الإسرائيلية تعد العدة لمسافة طويلة من فلسطين إلى العراق محملة بقنابل ضخمة لها قدرة تفجيرية هائلة.. وعبر قصف سريع وبفضل, كما قلنا, المعلومات والصور الدقيقة لجهاز ال- سي آي إيه والعلماء الفرنسيين تم تفجير المفاعل النووي… وما أكثر ما قيل بعد تدمير مفاعل تموز.

فقد أكدت بعض المصادر أن المفاعل لم يتفجر بعد ضرب الطائرات الإسرائيلية لأنه موجود تحت الأرض ومحمي بسقوف وجدران خرسانية شديدة القوة ويقع في عمق دولة في حالة حرب وكل قطعاتها العسكرية في حالة قصوى من التأهب والاستنفار وهذه الرواية أسعدت الإسرائيليين والأمريكان على حد سواء لأنهما يعتبران ذلك مبررا قويا للعدوان على العراق في أي وقت يحددانه إذ نشرت جريدة التايمز الأمريكية في عددها الصادر 19/1/1991 خبرا يقول: (الخبراء الإسرائيليون يؤكدون استحالة ضرب المفاعل الذري العراقي لأن معظم المشروع تحت الأرض ولتدميره من قبل القوات الجوية يجب استخدام قنابل ذات نوع خاص, وحتى هذه لا يمكنها أن توقف المفاعل..

وقالت بعض المصادر المستندة إلى ضابط مخابرات عراقي يدعى (الرائد ماجد عبد الكريم) والذي هرب إلى السويد بعد ضرب المفاعل أن (برزان إبراهيم الحسن التكريتي) قد اجتمع مع مناحيم بيغن رئيس الوزراء الإسرائيلي واتفق معه على أن تقوم إسرائيل بتدمير المفاعل النووي العراقي مقابل استمرار الدعم وتأمين بقاء نظام صدام حسين في الحكم وقيل إن التكريتي وافق على ذلك..

وقد لاحقت المخابرات العراقية الرائد ماجد عبد الكريم على إثر هذا الكلام وبعد هروبه من بغداد ونصبت له كمينا ، بواسطة امرأة, في أحد مطارات السويد واختطفته وقطعته إربا وألقت بأجزاء جسده في إحدى غابات السويد وعثرت السلطات السويدية على بقايا وأجزاء الجثة وتم التعرف عليه عن طريق أسنانه..

وذكرت جريدة (الوفد المصرية) قبل خمسة عشر عاما في مقال (لمحمد جلال كشك) (أن ضرب المفاعل النووي العراقي كان نتيجة اتفاق مسبق أو صفقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والنظام العراقي كشرط لمعاونة العراق في حربه مع إيران.. ونسب التدمير لإسرائيل كجزء من الدعاية السوداء لرفع شعبية صدام حسين في العالم العربي والإسلامي وتشويه صورة إيران لكي تبدو كأنها شريك في المجهود الحربي مع إسرائيل ضد العراق) وسيق ضمن هذا الإطار التأكيد على عدم قيام القوات الجوية أو المدفعية المضادة للصواريخ بالتصدي للطائرات الإسرائيلية.

وقيل إن صدام حسين اتهم الضباط والجنود المكلفين بحماية المفاعل النووي بالخيانة وقام بإعدام مائة وخمسين جندياً وضابطاً عراقياً لئلا تنكشف الحقيقة..

ولم تتم محاسبة وزير الدفاع ابن خال صدام عدنان خير الله طلفاح ولا رئيس الأركان ولا قائد القوة الجوية والدفاع الجوي.. ولكن المعلومات المؤكدة (للاتجاه الآخر) هي أن صدام حسين أعدم بالفعل (14) ضابطا وجنديا عراقيا لتقاعسهم في واجباتهم تجاه حماية المفاعل, وإن الطائرات الإسرائيلية حلقت فوق المفاعل النووي العراقي على ارتفاعات منخفضة مما يعني صعوبة رصدها من قبل الرادار العراقي..

لقد اقترب العراق في بعض الأوقات بأمواله وكوادره من تكوين قوة استراتيجية لا يستهان بها وكان يمكنه إحداث ذلك التوازن النووي المنشود مع إسرائيل,
ولولا تعاون أعداء العراق وعلى رأسهم اسرائيل اللعينة في قصف المفاعل العراقي
.. لكان العراق اليوم منضما إلى النادي النووي أسوة بباكستان والهند وإسرائيل ولكن وبكل أسف إن كل ما سبق من أحداث متراكمة أبعد العراق تماما عن امتلاك الخيار النووي الذي تبناه والذي توقعه له الكثيرون..

الخلاصة
من خلال ما تقدم نصل الى خلاصة التقرير الى عدة أمور :
أولا:
العراق بلدا متقدم من الناحية التقنية والعلمية ، وهذه الميزة دفعت القريب والبعيد للسعي من تحجيم دور العراق وجعل العراق يدور في حلقات من حروب خارجية وداخلية ومحاولة تأخير دوره الفاعل في المنطقة والعالم.
ثانيا :
من خلال ملاحظة الأمر الأول ، نجد ان الكثير قد اشتركوا في ضرب المفاعل النووي العراقي للإغراض السلمية ، تعددت أهدافهم ولكن توحدت غايتهم …وهي تدمير العراق
ثالثا :
هذه الأمانة نحملها من تحمل مسؤولية الحكم في العراق ، نعم انها امانة وسوف تسأل عنها الاجيال وكذا التاريخ ، فهذه من انجازات الشعب العراقي ، ولا يمكن ان تلحق بحاكم ، كما ذكر لي احد الساسة _ لا استطيع ذكر اسمه_ حيث قال لي ان المفاعل النووي هو من مشاريع صدام ، وللاسف الشديد على هذا الفكر الضيق ، حيث ينسب كل انجاز الى حاكم ولا ينسب الى الشعب .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب