في منتصف العقد الخامس بدأت الشركات اليابانية بصناعة مركبة جديدة سميت (كورونا)، كانت تنتمي في بادئ الأمر لفئة السيارات المتوسطة إلا أنها لاحقاً أصبحت من السيارات الكبيرة حتى أنه يتم مقارنتها بطرازي سنشري وماجيستا.
منذ أن بدأ إنتاجها عام 1955 وتصديرها في عام
1957 ، بدأ سوقها بالرواج في مناطق عدة حول العالم كما أصبحت تستعمل كسيارات للشرطة وسيارات أجرة في دول عدة . تم توقيف اصدارها وإنتاجها عام 2001، حيث تم تطويرها الى شكل وموديل جديد وهي فئة سيارة (الكورلا).
للسيارة 13 جيلاً وأصبح لها نسخة هجين في الجيل الثالث عشر..
طيلة هذه الفترات والعراق وشعبه كان من رواد هذه السيارة التي كانت تمتاز بمتانتها وقدرتها على تحمل الصعاب وكانت تمتاز بقلة عطلاتها، وفي مطلع الثمانينات استورد بلدنا هذه المركبة بشكل كبير وتم توزيعها آنذاك من قبل الحكومة التي كانت تستورد السيارات بمواصفات رصية وبمعايير الجودة والسيطرة النوعية.
حيث كان الاقبال على فئة هذه السيارة بشكل كبير، حتى ان وصل الأمر بتوزيعها على أفراد الجيش والشرطة في آبان الحرب العراقية الإيرانية.
حيث رغم شراسة الحرب والازمة الاقتصادية الخانقة وانشغال الحكومة في التلذذ بالحرب وطعمها المر الا ان الجودة والمتانة في اقتناء المشتريات من اولويات عملها ورغبة الشعب آنذاك بالحصول على الشيء المميز ذات المواصفات الجيدة والتي افادت الجميع ولمدة عقدين من الزمن، سواء باقتناء وشراء السيارات او السلع الكهربائية وغيرها من المستورد.
لم يمر الأمر هكذا ولكن هناك أمور تحصل من تعاسة وحزن وبلاء تحلُ على البعض رغمٌ عن أنفه او بقدرة القادر او جراء افعال الخطأ التي يرتكبها الفرد او المجتمع. حدثنا احد الكهلة ممن عاصروا عدة انظمة وحكومات منذ بداية تأسيس الجمهورية العراقية، بأنه قد اقتنى سيارة ((الكورونا)) عام 1982 بعد الحصول على ميراث أهله..
واشتغل بها آنذاك بتوصيل موظفي الشركات الاجنبية من خلال عقد أصولي جرى بينه وبين تلك الشركة.
يقول الرجل ان وارد السيارة كان يكفي لاعالة أسرته واخوانه وأخواته طيلة سنوات عدة، وكان يعتبر هذه السيارة بهبة السماء اليه، بعد فقدان والديه واعالة اسرة كبيرة..
استمر بحديثه الى ان وصل لي بكلامه عن عام 2003 وقصة سقوط البلد على يد أميركا وحلفائها. يقول تشاءمت حينها بهذا الحدث رغم عدم توافقي بالسياسة التي كانت متبعة في البلد وبعد تقدمي بالسن اصبحت غير قادر عن العمل بعد ان وليت ولدي بمهمة قيادة السيارة التي اصبحت قديمة نوعا ما ولكن كانت تسد لنا بعض الاحتياجات البسيطة. هنا اصبح يتحسر ويأخذ انفاسا صعبة ويقول ليتنا لم نشاهد ممن جاء بالأمس ممزق ورث الثياب وحكم بصورة الدين والتدين..
يقول السيارة بعد فترة السقوط سرقت من بيتنا رغم انها كانت قديمة ولكن الجميع تغير بسلوكه واطباعه، وكأنما تأثر بمن قدم وأتى للبلد.
ايقن الرجل الكبير ان البلد مقبل الى الهاوية ورغم ما عاصره من ويلات وحروب وقادة وانقلابات ولكنه كان يرى البلد يتنفس الصعداء رغم الظروف، ولكن الحال تبدل والبلد لم ولن يتنفس الا مختنقا بالازمات والكوارث كأنما هو عقاب من عند الرب على جميع البشرية في بلدانها كافة ومن ضمنها العراق.
اوبئة وأمراض ومصائب لم نسمع بها من قبل الا القليل ورغم هذا وهناك الوحوش الكاسرة تنهش بلحم الشعب، ولا يزال القوي يسيطر على الضعيف، لم يعد للفرحة طعم، والتقاليد والعادات اختفت واصحبت في مهب الريح.
يسألني الرجل الكبير لماذا تغير العالم والبلد، هل بسبب الحكام ام الحكماء ام بسبب الشعوب ام هو مناخ أسود حل بالعالم بعد ان اصبح الفساد فيه من كل صوب وحدب وعقاب الرب هو نزول البلاء وعلى اشكال مختلفة قد لانراها بالعين المجردة ولكن نتحسسها ونهابها الى درجة الخوف والهلع.. ولكن نسينا شيئا ان الله قادر على ان يغير من حال الى حال وكما ورد في قصة النبي (عُزير) عليه السلام..
ولنا حكمة وموعظة لمن يفهم كلامنا هذا.