22 نوفمبر، 2024 6:14 م
Search
Close this search box.

مفارقات بين البرلمان العصر الملكي والحالي

مفارقات بين البرلمان العصر الملكي والحالي

شكل أول برلمان في العراق في ظرف انتشار الامية بشكل عام بتأريخ 16/7/1925 تحت الانتداب البريطاني بنظام ملكي دستوري واستمر في دوراته الى سقوط النظام الملكي بتاريخ 14 تموز1958 وهو في دورته السادس عشر وكان النائب في العهد الملكي يتقاضى مخصصات دون راتب تعادل دخل مدرس حددت وفق المادة (50/1) من قانون الاساس (الدستور) من قبل اللجنة التأسيسية للدولة مع صرف مخصصات سفر للذهاب والاياب دون سيارات شخصية خاصة ولا مكافئة تحسين الاحوال وبعد انتهاء دورته يعود الى عمله السابق دون استنكاف وكان اختيار النواب من الاغوات والاثرياء ورؤساء العشائر ممن لهم صيت وسمعة طيبة يعتزون بها ولا يفرطونها بكنوز الدنيا ولم تطال اياديهم الى ممتلكات الدولة ومن يتابع سير ادوارهم في مجلدات تاريخ الوزارات العراقية للمؤرخ عبدالرزاق الحسني يجد بإصرارهم نال العراق الاستقلال وأصبح عضوا في عصبة الامم بتاريخ 3/10/1932 ويلاحظ من خلال تواريخ الدورات مدى فعالية المجلس في عراكه مع الانتداب البريطاني ومع الحكومة والملك في رسم سياسة البلاد والرقابة على اداء الحكومة وكيف اصبح العراق المتكون من ثلاث ولايات مختلفة ايدولوجيا وثقافيا وجغرافيا فيها مشاكل لا حصر لها من دسائس المحتل البريطاني الى دولة لها مكانة رفيعة في المجتمع الدولى والمنطقة وان يتمتع بالامن والاستقرار ومن خلال 16 دورة للمجلس لم تكمل مدتها أربع سنوات إلاُ دورتين وعلى الاكثر كانت ثلاث دورات او دورتين خلال السنة الواحدة لاعتراضهم على السياسات التي تخل سيادة البلاد واقتصادها وفي حالة نادرة حصلت الحكومة بشق الانفس الموافقة من مجلس النواب على صرف 15 دينارا للاميرات لعدم كفاية راتب الملك لسد النفقات واتذكر قصة اخرى منقولة من ملفات ديوان الرقابة المالية سمعتها واختصرها بان رئيس الوزراء نوري السعيد السياسي المخضرم في الدولة قدم طلبا الى الملك بصرف نفقات معالجة زوجته خارج العراق على نفقة الدولة فلم تحصل الموافقة على الصرف لعدم وجود مادة دستورية اوقانونية تجيز ذلك وفي عهد النظام البائد عرض تلفزيون بغداد مشاهد لإبنته سعاد وهي في دار العجزة ،هكذا كان دور البرلمان الملكي في الحفاظ على المال العام وشاهدنا منهم ممن بقوا على قيد الحياة لايمتلك سيارة ولا راتب تقاعدي ولا تلك الثروة لنواب هذا العصر الذين دخلوا دورة واحدة فخرجوا منها كأنهم رجال اعمال في الدول الصناعية الكبرى فكيف بمن يكمل الدورات الاربع ؟0
بعد سقوط النظام الملكي بدأت الانقلابات العسكرية وسيطر العسكر على السلطة الى الاطاحة بالنظام البائد في 9/4/2003 اعيد تشكيل مجلس النواب وفقا للانتخابات كسلطة تشريعية لسن القوانين ورقابية على اداء الحكومة في عصر انتشار الجامعات والمدارس في ربوع العراق وهو اليوم في دورته الرابعة واول قانون بدون إعتراض سنه هو قانون الرواتب والمخصصات والامتيازات الخاصة بهم عام 2005 وكانت سمتهم اللاتوافق ، فإن هذا القانون قد الف بينهم قلبا وقالبا وهي خبطة العمر كما يقال وتعد باضعاف مضاعفة عن مدخولات اقرانهم في الخدمة بنفس المؤهلات مضافا اليها رواتب الحراس وكان ينبغي تحديد مدخولاتهم الشهرية دستوريا او من قبل لجنة الدستور كما في العهد الملكي وإن لم يراع ذلك في الدورات السابقة من منطق العقل والانسانية ان تحدد مدخولات النواب للدورات اللاحقة حسب مؤهلاتهم اسوة باقرانهم في الخدمة مضافا اليها نسبة محددة من مخصصات المنصب بإستفتاء خاص من ناخبيهم او من قبل لجنة عليا من حقوقيين قضاة من خارج المجلس او من المحكمة الاتحادية إن لزم الامر حيث من غير المنطقي او الانساني شخص او فئة معينة او مجموعة ما تقوم بتخصيص مدخولاتهم الشهرية ويغرفون ما يشاؤن من خزينة اموال الشعب لانفسهم ، كما جرى في ظل دورات هذا المجلس حيث اصبح العراق صاحب اكبر موازنة انفجارية وفي النهاية اصبح افقردولة اقتصاديا في المنطقة عاجزة عن دفع رواتب موظفيها ومثقلة بالديون الخارجية وادخلت قائمة الفساد الدولي ولا نسمع الا تراشق الاتهامات لا تغني ولا تشبع من خلال الفضائيات على ألسنة مسؤلين سياسيين بارزين يقولون كلنا مرتشين وكلنا فاسدين ومنهم من قال بلسان فصيح كلنا اشتركنا في تقاسم الكعكة وتركوا الشعب تحت وطأة البطالة بتحويل الاف المعامل الى الخردة .
تلك هي المفارقات بين البرلمانين للعصر الملكي الدستوري الذي انتهى بمجزرة دموية مع التمثيل بهم بتهمة الخيانة والعصر الجمهوري الذي تأمل الشعب منه الامن والاستقرار والعيش الرغيد فلم ينال منه إلاٌ البطالة والجوع وإنعدام الامن والاستقرار ونحن مقبلين على إنتخابات جديدة في حزيران القادم ، فعلى الناخب ان يختار المرشح الذي يضحي بمصالحه الخاصة لاجل إنقاذ ناخبيه من ضيق العيش وإعاة تشغيل الاف المعامل الى الانتاج لتشغيل العاطلين وتامين العيش الرغيد والسكن الملائم للمواطن وفق المادة ( 30 ) الدستورية وعدم ابقاءها حبرا على الورق وإخراج البلاد من سجل الفساد الدولي وخلق هوية وطنية لمكوناتها بعيدا عن التحزب والقومية والطائفية .

أحدث المقالات