حتى المفارقات تتباين مع بعضها في تنوعها وتعددها واختلافاتها عن بعضها , إن لم يكن في تنافسها حول شدة حرارتها
عصر امس او ” ما بين العصر والمغرب وليس في مواعيد الصلاة ! ” كان افتتاح معرض بغداد للزهور , وقد اعلنت ادارة المعرض البائسة أنّ وقت الأفتتاح ” عبر الفيس بوك والسوشيال ميديا الأخرى ” سيبدأ في الساعة الخامسة عصراً , ممّا ارغم جمهور المواطنين والزوار على ترك منازلهم نحو الساعة الرابعة عصراً تحسباً لأزدحام الطريق وتكدّس طابور السيارات أمام المعرض ” بوابة منتزه الزوراء ” , لكنّ الخديعة والأكاذيب سرعان ما بانت حيث بدأ الأفتتاح وقصّ الشريط .! في الساعة السادسة , ممّا جعل الجمهور في حالة انتظارٍ ممل وسط سخونة الجو ليوم امس , ولفت نظري أنّ مركبة أحد السفراء وبمعيتها عجلتين آخريتين قد جاؤوا في الموعد الأفتراضي , وبقي سعادة السفير في حالة انتظارٍ قاتل لنحو ساعة , واضطرّ بعدها للأنسحاب والخروج من الزوراء حيث موعد الأفتتاح الفعلي كان مجهولاً للجميع .! , وعبرَ وضمنَ هذا الأنتظار الضار لاحظتُ تواجد وتكدّس نحو مئة مصور وطاقم كاميرا لقنوات فضائية وصحف وسواها , مما جعلني اظنّ وبحسن ظن أنّ رئيس الدولة او رؤساء الرئاسات الثلاث وقادة احزاب الأسلام السياسي والفصائل ولربما معهم قادة القوات المسلحة بكلّ صنوفها هم الذين سوف يقصّون الشريط مع بعضهم .! , إنما ما أن انطلق الضجيج والهرج حتى اتضح أن نائب رئيس مجلس النواب هو الذي اطلّ ليفتتح العرض ويدشّن الأزهار ” ولم يتمّ التأكّد الكامل من ملامح نائب رئيس البرلمان اذا ما كان السيد بشير حداد او النائب الثاني حسن الكعبي من شدة الطوق المضروب من حولهما من رجال الأمن والمسؤولين الآخرين .! ” , لكنّ الأقوى والأشد سخرية أنّ شخصاً مهرجاً ” عديم الهندام ” كان برفقة نائب رئيس البرلمان وظلّ يهتف بحياته ويكرر عاش السيد ” … ” البطل , طوال مسيره في اروقة وممرات المعرض وكأنه هو الذي انفرد بالقضاء على داعش والقاعدة ! , ولا ادري لماذا هذا الأنحدار الدعائي – الأعلامي الهابط .! , وقد تصادف اثناء مسيري وجود >. ذكرى علوش من بين كبار الزوار VIP .
معرض الزهور هذا كان اقلّ تنظيما من السنوات السابقة , وكانت مناطق العرض في حدائق الزوراء متركزة في مساحة محدودة قياساً لمساحة المنتزه وكمية الورود .. لاحظت كذلك أنّ نسبةً من الأزهار المنتشرة كانت اصطناعية ! وهذا ليس متعارفا عليه في الدول الأخرى , ومن الأمور المسببة لأزعاج المواطنين والأستهانة بهم أنّ مرآب وقوف السيارات يبعد مسافةً شاسعة عن امكنة العرض وبما يتجاوز 2 كيلومتر وكان من ضمن الزوار كبار السن واشخاص مقعدين ويجري دفعهم على الكراسي الخاصة بالمعوقين , بينما مئات من سيارات المسؤولين والموظفين منتشرة في ممرات وشوارع واروقة الزوراء ! < انها التفرقة والتعالي والأستهانة بالجمهور بأمّ عينها > .
من المفارقات الأخرى الأصغر حجما وربما لا تُرى إلاّ بالميكروسكوب أنّ الثمن الذي فرضته أمانة بغداد على وقوف السيارات في مرآبها يبلغ 3000 دينار لكلّ مركبة , وثمن تذكرة الدخول لكلِ شخصٍ تبلغ 2000 دينار ! ولعلّ ذلك قد يفسّر لدفع اثمان الورود المستوردة من دولةٍ مجهولة وقد تغدو دولة شقيقة او صديقة او دولة مجاورة .! , بينما أنّ امانة بغداد ذاتها سبق لها في السنوات الماضية أن فرضت رسوم وقوف السيارات في المرائب العامة بِ 1000 دينار فقط , لكنما لم يستجب أيّمن اصحاب المرائب لذلك .!
وبقي أن يقتضي القول والأعتراف أنّ المساحات التي جرى فيها عرض الورود وطريقة هندستها وتنظيمها كانت تتمتع بجمالية أخّاذة ونالت اعجاب الكثيرين وبضمنهم أنا .!